رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأبوة الروحية والاعتراف من يلد أولاداً يدعى أباً وكذلك من يلد أبناءً بالروح يدعى أباً روحياً، وهو إنسان مصَلٍ يطلب معونة الله ويستلهم مشيئته، فله خبرته في الحياة مع الله وهو طبيب يعالج أمراض النفس بصبر ومحبة كثيرين ويرشدها إلى خلاصها. لذلك لا يسمح للكهنة فور رسامتهم بقبول الاعتراف بل يبقون فترة يكتسبون خلالها الخبرة المطلوبة ثمَّ يرفعُّون إلى رتبة أب روحي. وبولس الرسول يحدثنا بمفهوم واضح عن الأبوة الروحية في رسالته الأولى إلى أهل كورنثس: "لا أكتب هذا لأجعلكم تخجلون بل لأنصحكم نصيحتي لأبناء أحباء فلو كان لكم في المسيح عشرة آلاف مرشد فما لكم آباء كثيرون لأني أنا الذي ولدتكم في المسيح يسوع بالبشارة التي حملتها إليكم فأناشدكم أن تقتدوا بي" (1كو 14:4-16) فالرسول المصطفى يدعو أهل كورنثس أولاده الأحباء فيوصيهم ويقسو عليهم بمحبته فهو ولدهم بالروح القدس وغذّاهم بالكلمة الإلهية هنا يظهر الفرق بين المرشد والأب الروحي فالمرشد يعلم في المسيح ولكن لمرة ويغيب أما الأب فيرشد ويتابع فهو يلد الابن بالمسيح ويتابع مسيرة حياته فيحضنه بمحبته وبطول أناته. المرشد هو المعلم أما الأب هو المحب سابقاً وحالاً ولاحقاً. ونجد نموذجاً ثانياً للأبوة الروحية في موقف الأب الرحيم في مثل الابن الشاطر الذي نتلوه في الأحد الثاني من التهيئة للصوم الكبير (لو 11:15-32) ولكن توبة الابن واعترافه بخطأه فكانت الفرصة لظهور الرحمة الأبوية. فرجع الابن الضال إلى نفسه وأحس بخطيئته وصمم على الاعتراف بها أمام الله والذين أساء إليهم علناً ويحدر نفسه إلى مرتبة العبيد فعاد إلى جماله الأول بفضل محبة أبيه الكبيرة التي برزت إثر توبة الابن. كل انسان يخطئ أمام أحد أخوته يخطئ أمام الكنيسة كلها لأن أذية عضو تنعكس على الجسم كله وكذلك الخطيئة هي خطيئة أمام المسيح الذي بذل دمه من أجل هذا الأخ كما من أجلي أنا أيضاً. هذه العملية هي من عمل الروح القدس وهذا ما متفق عليه بين الآباء كلهم وعلى أساسه يمكن أن نفهم حسن العلاقات بين الأب الروحي والمتقدم إليه وكذلك وظيفة الأب الروحي ودور الابن المتقدم إليه. ويقول القديس سلوان الآثوسي: "مشاكلنا تأتي لأننا لا نسأل مشورة الشيوخ الذين أعطوا موهبة كبيرة ليرشدونا وتأتي أيضاً لأن الرعاة لا يطلبون إلى الله دائماً أن يعلمهم كيف يجب أن يتصرفوا" ونجد في قول قديسنا أنه يجب على الآباء أن يصلوا ويطلبوا الروح القدس الذي يعلمنا ويعلمهم كيف يتصرفون. هناك نقاط ينبغي على الأب الروحي أن يتنبه لها وإلا فالعلاقة ستنهار: ·لا بد أن يكون للأب الروحي ضعفات بشرية ولكن عليه ألاَّ يتقبل الأفكار الشريرة وأن لا يكون مضلاً وخاضعاً لتقليد الكنيسة الحي. ·الأب الروحي هو شبيه المسيح وأيقونته فيجب عليه يتقيد به. ·الأب الروحي يتمم خدمته في الروح القدس لذلك يستوجب الاحترام وصلاته تقدر كثيراً فالله يحفظنا بصلوات أبينا الروحي. وللابن الروحي كذلك عدة نقاط هي: ·ينبغي أن يقول كل شيء للأب المعرف وإذا أخفى بعض الأمور أو ابتدأ يشك بقدرة الأب الروحي وينتقده ويناقشه فيفسد الاعتراف ويعرقل عمل الروح القدس وقد يوقفه. ·لكن عندما يكون الأب الروحي في صلاة لمعالجة الموقف والبن الروحي في حالة تواضع وثقة فهذا يسهل عمل الروح القدس. ولكن الناس الذين لم يعترفوا بعد قد يسألون لماذا نلتجئ إلى أب روحي؟ وكيف نعرف مشيئة الله؟! ونجيبهم بأن الإنسان يبغي في كل وقت أن يعرف مشيئة الله ويعرفها عن طريق كلمة الله في قراءة الإنجيل وحفظ الوصايا وعن طريق الصلاة فهي تساعد الإنسان على سماع هذا الصوت ولكن أغلب الناس لا يسمعون هذا الصوت ولا يفهمونه بل يتبعون صوت الأهواء التي يخفي ضجيجها صوت الله. ولذلك نلتجئ إلى أب روحي لأنه يتمتع بخبرة روحية أكبر ويستطيع أن يميز الخير عن الشر لا كما نميزه نحن ولأننا عن طريق التواضع والطاعة والتوبة نجد الطريق الأضمن إلى معرفة مشيئة الله. يقول القديس سلوان الآثوسي: "كيف يستطيع الإنسان أن يعرف مشيئة الله؟ عليه أن يتقبل أولاً كلمة من أبيه الروحي كتعبير عن مشيئته الله. لكن إذا اعترض المعترف أو قاوم ولو داخلياً، لا يعود كلامه مفيداً لأن الروح القدس لا يحتمل النقاش أو العنف". ويسأل البعض هل يمكن أن لا يكون الأب الروحي كاهناً؟ نعم، الإرشاد الروحي لا يقتصر على الكهنة. كل عضو في الكنيسة يمكن أن يساهم في نمو إخوته روحياً، خاصةً إذا كان بخبرة روحية وبموهبة إلهية لإرشاد النفوس إلى الخلاص، وباهتمام متواصل في جو من الصلاة والمحبة. ولكن الكاهن هو الشخص الأنسب لإتمام سر التوبة من إرشاد وتعليم وأبوة روحية. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الأبوة الروحية (ع 14-16) |
في سر الاعتراف و الأبوة الروحية |
مفهوم الأبوة الروحية |
درس فى الأبوة الروحية |
الأبوة الروحية |