رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
السحاب غبار رجليه «الرَّبُّ فِي الزَّوْبَعَةِ، وَفِي الْعَاصِفِ طَرِيقُهُ، وَالسَّحَابُ غُبَارُ رِجْلَيْهِ» ( ناحوم 1: 3 ) “ناحوم” معناه “تعزية”. وكم هي معزية فعلاً أقواله الثمينة المُفرحة التي أُوحي بها إليه! فالله دائمًا يُراقب شعبه، وإن أجاز أمورًا كثيرة لتأديبهم، فإنه لن يتجاوز عن إهانة تلحق بمفدييه «حَافِظٌ غَضَبَهُ علَى أَعْدَائِهِ» ( نا 1: 2 ). ولاحظ أن أعداء شعبه هم أعداؤه. فهو يجعل دعواهم دعواه، والإيمان يرتاح على ذلك، فيُعفى من قلق كثير وانزعاج. قد تفزع الطبيعة وتضطرب حيث يهدأ الإيمان، فالطبيعة ترى جيوش الأعداء، ولكن الإيمان يرنو إلى الله. والعدد الثالث ينطوي على ما هو كريم جدًا في عيني النفس المكروبة، كما على إنذار خطير لمن يقسّي قلبه ضد التأديب. فو إن كان الرب بطيء الغضب وعظيم القدرة، فإنه لا يتجاوز عن الإثم، ولا يُبرئ الشرير ( خر 34: 5 -7). هو مملوء حبًا، بل هو محبة، لكنه أيضًا نور. ولهذا فلا بد من إدانة الخطية، وهنا يأتي الصليب. على أنه حتى فيما يتعلق بالذين وجدوا في الصليب غفرانًا، فإن الله لا يحتمل الشر غير المقضي عليه ( 1كو 11: 31 ، 32). وإن بَدَت الريح العاصفة أو الزوبعة تكاد تبتلع القديس، واسودت سماؤه بالسُحب، فما أجمل أن يذكر أن «الرَّبُّ فِي الزَّوْبَعَةِ، وَفِي الْعَاصِفِ طَرِيقُهُ، وَالسَّحَابُ غُبَارُ رِجْلَيْهِ». فارفع إذاً بصرك أيها العزيز المُجرَّب المتحيِّر، فإن سَيِّدك يعلو سحائب الحزن الكثيف. وكما أن الغبار من بعيد يُنبئ بقدوم مسافر قبل أن نتبيَّنه على الطريق، هكذا تُحدِّثنا السُحب أن مجيئه قريب، ذاك الذي يعرف كل أحزاننا، ويأتي في المحبة ليُكفكف دموعنا. بأمره ينتهر البحر المضطرب فينشف، وتجف أنهار الويل، كما نشَّف قديمًا بحر سوف، ورّد مياه الأردن. الخليقة كلها تعترف بقوته، والعناصر جميعًا تقرّ بسلطانه. ليس مَنْ يقف أمام سخطه أو مَنْ يقوم في حمو غضبه. لكنه «صَالِحٌ هُوَ الرَّبُّ. حِصْنٌ فِي يَوْمِ الضَّيقِ، وَهُوَ يَعْرِفُ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْهِ» (ع4-7). |
|