رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الصدقة [7- 11] تَصَدَّقْ مِن مالِكَ لكل صانعي البرّ، ولا تُحَوِّلْ وَجهَكَ عن فَقيرٍ ما عندما تعمل الرحمة، فوَجْهُ اللهِ لا يُحوَّلُ عنكَ [7]. إِن كانَ لَكَ كَثير فاعمل منه رحمةً، وإِن كانَ لكَ قَليل فاعمل من القليل رحمةً، ولا تَخَفْ، [8] فإِنَّكَ تَذَّخِرُ لَكَ كَنْزًا حَسَنًا إِلى يَومِ العَوَز [9]. لِأَنَّ الصَّدَقَةَ تُنجِّي مِنَ المَوت، ولا تَدَعنا ندخل في الظُّلمَة [10]. الصَّدَقَةُ هدية ثمينَةٌ لِصانعيها في حضرة العَلِيّ [11]. التعليم عن مكافأة الصدقة والأعمال الصالحة هنا [7] مطابق لما ورد في (دانيال 4: 24). اهتم طوبيت بأن يوصي ابنه بالصدقة. وكأنه اختبر مقدًما ما قاله السيد المسيح فيما بعد: "لأني جعت فأطعمتموني... بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي الأصاغر فبي فعلتم" (مت 35:25-40). شعر طوبيت في صدقاته أنه يُقابِل الله شخصيًا، فأراد ألا يحرم ابنه من هذه البركة. يقول طوبيت إن الصدقة تنجّي من كل خطيئة ومن الموت، إذ يحفظه الله حتى لا يسقط في الخطايا، وإن سقط يسامحه بأن يوجه قلبه للتوبة. ركَّز طوبيت على ممارسة ابنه للصدقة بسخاء، وفي نفس الوقت بحكمة وتدبير حسن. * الأحرى بك أن تكون أبًا لأبنائك مثل طوبيت... أوصِ أبناءك كما أوصى طوبيت ابنه، قائلاً: "اسمع يا ابني لأبيك. اعبد الرب بالحق وابتغي عمل مرضاته. وأوصِ ابنك بعمل العدل والصدقات، وأن يذكر الله ويباركه كل حينٍ بالحق وبكل طاقاته" (راجع طو 14: 10، 11). وأيضًا قوله: "وأنت فليكن الله في قلبك جميع أيام حياتك، واحذر أن ترضى بالخطيئة وتتعدَّى وصايا الرب إلهنا. تصدَّق من مالك، ولا تُحَوِّل وجهك عن فقيرٍ، حينئذ فوجه الرب لا يحول عنك. كن رحيمًا على قدر طاقتك. وإن كان لك كثير فابذل كثيرًا، وإن كان لك قليل فاجتهد أن تبذل القليل بنفسٍ طيبة. فإنك تدخر لك ثوبًا جميلاً إلى يوم الضرورة. لأن الصدقة تُنَجِّي من كل خطيئة ومن الموت ولا تدع النفس تصير إلى الظلمة (جهنم). الصدقة في نظر الله العلي هي هدية صالحة لكل من يُقَدِّمها (طو 4: 5-11) . القديس كبريانوس * تمنع الشريعة إقراض الشخص بربا، وهذا مختلف عن الحالة هنا. طوبيت لم يطلب ربا، بل حذَّر ابنه ألاَّ يعصي وصية الربّ، وأن يُقَدِّم صدقات من ماله، لا أن يطلب ربا، كما طلب منه ألاَّ يُحَوِّل وجهه عن أي فقيرٍ. من ينصح هكذا يرفض الربا عندما يُقرض . القديس أمبروسيوس * الصدقة في حد ذاتها لا تقدر أن تكفر الخطية، وإنما هي تعلن عن قلب قبل الخلاص.القديس أغسطينوس وقد جعل القديس يوحنا الذهبي الفم هذه الآية، محورًا لكثير من عظاته عن الرحمة والشفقة بالمساكين، ذاكرًا في إحدى عظاته عن الصدقة، أنها نجت طابيثا من الموت (أع 9) وأمّا مَنْ يَسُدُّ أُذُنَيْهِ عَنْ صُرَاخِ الْمِسْكِينِ فَهُوَ أَيْضًا يَصْرُخُ وَلاَ يُسْتَجَاب (أم 21: 13)[6]. ويربط القديس يوحنا الذهبي الفم، بين الصدقة ونعمة البصر، قائلاً: [متى رُحِم الأعمى يبصر من يرحمه ويقوده بيده ويذهب به إلى ملكوت السماوات، فذاك الذي يتعثّر هنا وهناك ويقع في الحفر، قد صار لك مرشدًا ومرتقي تصعد به إلى السماء .] يُنظر إلى الظلمة هنا [10] أنها تعني جهنم، كما ورد في (مت 8: 12؛ 22: 13؛ أف 6: 12). يتمتَّع الكل بنور الشمس، البار مع الشرير، أما النور الإلهي الذي يهب استنارة داخلية، ويتمتَّع الإنسان بروح الحكمة والتمييز، فهذا هبة خاصة لمن يلتصق بالله ويَقْبَل وصاياه ويحفظها. يقول القديس أغسطينوس: [النور يشرق على الشخص البار. ما هو النور الخاص بالرجل البار أو المرأة البارة؟ يوجد نور مُعَيَّن لا يشرق على الظالم، يختلف عن النور الذي يشرق على البار والشرير على السواء (مت 5: 45). الذي سوف يعترف الأشرار في النهاية أنه لم يشرق عليهم قط: "دون شك قد ضللنا عن طريق الحق. لم يشرق علينا نور البرّ، ولم تشرق الشمس علينا (حك 5: 6). بينما يبتهجون بالنور العام يستلقون في ظلمة القلب. ماذا يفيدهم أن يروا نور النهار، إن كانت أذهانهم لا تقدر أن ترى النور البعيد؟ كان طوبيت أعمى، ومع هذا علَّم ابنه طريق الله. أنتم تعرفون أن هذا حقيقي، إذ نصح طوبيت ابنه: "أعط صدقات يا ابني، لأن الصدقة تنجّيك من الرحيل إلى الظلمة" بينما كان المتحدث نفسه في الظلمة (بسبب عماه). ألا ترى من هذا أنه يوجد نور مختلف يشرق على الشخص البار، والبهجة الصالحة التي ينالها مستقيمو القلب؟ ] * قَدَّم الأعمى نصيحة لاقتناء النور والتمتُّع به. يقول: الصدقات لا تسمح بالذهاب إلى الظلمة. دُهِش ابنه وقال: ماذا يا أبي ألم تقدم صدقات حتى أنك تتكلم وأنت أعمى، ألست أنت في ظلمة؟ ومع هذا تقول: "الصدقات لا تسمح بالدخول إلى الظلمة"؟ لكن لا، فقد عرف حسيًا ما هو النور، الذي يتحدث عنه مع ابنه. لقد عرف تمامًا ما رآه في داخل الإنسان. بسط الابن يده لأبيه ليساعده على السُكنَى في السماء . القديس أغسطينوس |
|