يذكر القديس أثناسيوس أن الأنبا أنطونيوس «كان يسهر طويلاً لدرجة أنه كثيراً ما كان يقضي الليل كله مصلياً دون أن ينام، وهذا لم يفعله مرة واحدة بل مراراً حتى عجب منه الآخرون وكان لابساً شعراً، ولم يستحم بماء طوال حياته (النسكية) وكان يأكل مرة واحدة في اليوم، بعد الغروب، وفي كثير من الأحيان مرة كل يومين، أو مرة كل أربعة أيام، أما طعامه فكان الخبز مع قليل من الملح، وشرابه الماء فقط.. وكان يكفيه أن ينام على حصير خشن، ولكنه غالباً كان ينام على الحضيض»[10] وتتلخص فلسفته في الزهد بقوله: «إن قوة النفس تكون سليمة عند الإقلال من ملذات الجسد، ولذلك فالرسول بولس يقول: «حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي» (2كو12: 10) فإن التقدم في الفضيلة والاعتزال عن العالم من أجلها يجب ألا يقاسا بالزمن بل بالرغبة وثبات العزيمة، ولم يبال الأنبا أنطونيوس بالماضي بل كان كل يوم كأنه في بداية نسكه يبذل جهداً أكثر شقاء نحو النمو مكرراً لنفسه قول الرسول بولس: «انس ما هو وراء، وامتد إلى ما هو قدام» (في3: 14) وقول النبي إيليا القائل: «حي هو الرب الذي أنا واقف أمامه اليوم» (1مل18: 15).