* "أليست أيامه مثل أيام أجير؟"... هكذا أيام الإنسان إذ تتشرب بمعرفة الحق والأبديات تقارن بأيام الأجير، إذ يحسب الحياة الحاضرة طريقه وليست مدينته، هي نضال وليست سعف النصرة. إذ يرى أنه بعيد عن مكافأته، ينسحب بالأكثر ببطء ليقترب من غايته...
الآن قيل بصوت المخلص: "مملكتي ليست من هذا العالم" (يو 18: 36). إذن كلنا نحن الذين وهبنا الرجاء في السماء نرتدي متاعب الحياة الحاضرة، وننشغل بالاهتمام بالغير. إذ غالبًا ما يحدث أننا حتى إن أُكرهنا على خدمة أبناء الهلاك نلزم أنفسنا أن نرد للعالم ما هو له، ونهتم بما للغير لننال المكافأة التي لنا. هكذا ننشغل بأمور الآخرين بأمانة حتى نبلغ إلى مكافأتنا. على عكس هذا يقول الحق للبعض: "إن كنتم لستم أمناء فيما هو للغير، فمن يأتمنكم على ما هو لكم؟" (لو 16: 12).
هكذا يقول مواطنو الأرض العليا لخالقهم كلمات المرتل: "من أجلك نُمات كل النهار" (مز 44: 22). ويقول بولس: "أموت كل يوم يا إخوة لمجدكم" (راجع 1 كو 15: 31)؛ وأيضًا: "لهذا السبب احتمل هذه الأمور أيضًا لكنني أخجل، لأنني عالم وموقن أنه قادر أن يحفظ ما التزم به لأجله إلى ذاك اليوم" (2 تي 1: 12)...
القديس أغسطينوس