منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 05 - 06 - 2013, 07:44 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,131

إيليا والعناية الإلهية
إيليا والعناية الإلهية

وكان لابد لعناية اللّه أن تظهر وتعمل عملها مع إيليا فى قلب المجاعة ، وكان على إيليا نفسه أن يأخذ بعض الدروس من المجاعة ولعل أول هذه الدروس هو أن المصلح لابد أن يشارك الشعب الذي يحاول إصلاحه متاعبه وضيقاته وآلامه ، كان لابد لإيليا نفسه أن يجوع ، ويعيش حياة الشظف مع الآخرين ، وقد حق لأحدهم أن يتصوره يخرج ذات يوم ليشرب من نهر كريت : " وكان بعد مدة من الزمان أن النهر يبس لأنه لم يكن مطر فى الأرض " ... " 1 مل 17 : 7 " .. وظل ذلك اليوم ظامئا ، وسار فى طريقه إلى أرملة صرفة صيدا ، ومن حديثه مع المرأة وطلبه منها أن تعمل له أولا كعكة صغيرة ، نحس مدى الجوع الذى وصل إليه ، ... ومع أن المجاعة لم تكن بسبب خطية ارتكبها هو ، أو أن اللّه قد تخلى عنه فى إحسانه وجوده ، لكنه مع ذلك كان لابد أن يكون شريكاً فى آلام قومه وشعبه ، وهى ضريبة المصلح فى كل العصور والأجيال ، ... والدرس الثانى الذى كان لابد أن يتلقنه ، هو الفرق بين الشجاعة والتهور ، فقد كان عليه أن يختبئ عند نهر كريت ، وقد تكون عناية اللّه مرات كثيرة بتخبئة المعتنى به من وجه الشر ، وقد خبأ اللّه إرميا من وجه الأعداء ، ورأى بولس عناية السيد ، عندما أنزل فى زمبيل من سور دمشق ، ... وهى العناية التى تملك الوسائل الطبيعية والمعجزية ، الظاهرة والخفية ، الكبيرة والصغيرة ومن الواجب أن نراها ونقبلها بالشكر ولا يجوز قط أن تبعدنا هذه العناية عن الحكمة والواجب إلتماسها ، بدعوى أنه مادام اللّه معنا ، فلا يجوز أن نلجأ إلى هذا التحفظ أو غيره من الأساليب أو الصور ، ..
على أنه يلزم أن نعلم ، على أية حال ، أن عناية اللّه فى المجاعات تستطيع أن تشق الطريق ، مهما كانت العوائق والحواجز ، ونحن نرى العناية هنا تسلك سبيلا عجيباً ، سواء فى الانتصار على الغرائز أو فى قلب الأوضاع رأساً على عقب ، ... وقد مد اللّه عنايته لإيليا أولا عن طريق الغربان التى كانت تأتيه بالخبز واللحم مرتين كل يوم صباحاً ومساء ، ... وهذه الطريقة المثيرة جعلت البعض يتصورون أن كلمة الغربان " يمكن أن تترجم " العربان أو رجال البادية الذين كانوا يمدون إيليا مرتين ، وقالوا إن الأصل العربى كالعبرى يصح معه مثل هذه الترجمة ، وهذا تفسير واه ضعيف ، وليس أقل ضعفاً منه ذلك التفسير بأن الكلمات رمزية تشير إلى أنه كان يأكل بوفرة فى المجاعة ، ... ولعل الصعوبة عندهم هى أن غريزة الغراب الأولى هى الخطف وأنه يأخذ ولا يعطى ، ... وهذا فى عقيدتى ، هو السر فى استخدام اللّه له ، ليثبت جلاله ومجده فى السيطرة على الغرائز ، فهو يعطيك من حيث لا تدرى وهو يفنيك بتغيير مجرى الغرائز فى العجماوات أو البشر على حد سواء ، وأنه يمكن أن يجعل القاسى ودوداً ، والشحيح سخياً ، والشره باذلا ، والآخذ معطياً ، ويده لا تقصر عن استخدام الجماد والحيوان والإنسان فى إتمام قصده ومشيئته ، ... فإذا تلقن إيليا هذا الدرس ، فإنه يعطيه درساً آخر ، ليؤكده من وجه ثان ، إذ ينقله من إسرائيل إلى صرفه صيدا ، الواقعة فى أرض أثبعل أبى ايزابل ، الأرض التى لا يمكن أن يخطر ببال إنسان أن إيليا يلجأ إليها ، ويأتيه المدد من امرأة أرملة أممية معدمة ، تقف على الخط الفاصل بين الحياة والموت ، لتقش عيداناً ، لتعمل لقمة تتبلغ بها مع ابنها ، ثم يموتان ... وهكذا تأتى العناية عن طريق الجائع المسغب الذى يهلك جوعاً ، وليس هناك من قلب للاوضاع فى الدنيا مثل هذا القلب ، فالرجل تعوله امرأة ، والمرأة ليست إلا أرملة ، والأرملة ليست إلا الفقيرة المعدمة التى لا تملك قوت الحياة !! .. ذهبت المرأة لتسعف إيليا بجرعة ماء ، وتعتذر عن تقديم كسرة خبز له ، وتكشف عن آخر مكانها مع اللقمة الباقية ، ولكن إيليا رجل اللّه مع ذلك يطلب ، ويطلب كعكة صغيرة أولا ، ... يريد أن يعلمها أن حق اللّه يسبق كل حق ، ... وأنك يوم تعطى اللّه ، ولو شيئاً صغيراً مما تملك ، فإنك ستعثر على سر ينبوع البركة وستعرف سيلا من الزيت لا يمكن أن ينتهى حتى تنتهى المجاعة من الأرض !! .. عندما نقف أمام عناية اللّه ، ينبغى أن نلغى من الذهن البشرى كل مفهوم للحساب الأرضى ، وقواعده ، وأصوله ، وذلك لأن هذا الحساب يستطيع أن يعطى صورة جيدة للمنظور ، ولكنه يعجز تماماً عن أن يدخل إلى بحر غير المنظور ، ويقيم هناك حسابهن ، ... ولعل اللّه أراد أن يعطى إيليا درساً ثالثاً أبعد وأعمق من الدرسين السابقين ، ... فإذا بابن الأرملة يموت ، وإذا بالمرأة تعجز عن أن تفسر موته ، إلا أنه عقاب على خطايا سابقة ربما عملتها فى أيام الصبا ، ... سقط السلاح من يد المرأة ، وذهب الولد الذى كان رجاءها وتعزيتها فى الأرض ، ... ورفض إيليا هذا المنطق ، فهو لا يعتقد أن اللّه يمكن أن يجازى المرأة هذا الجزاء ، ... وهو يصرخ إلى الرب بلغة من أغرب اللغات وأجرأها ، تلك التى يتعود أبناء اللّه الاتجاه فيها إلى سيدهم فى لحظات الضيق والشدة والألم : " أيها الرب إلهى أ أيضاً إلى الأرملة التى أنا نازل عندها قد أسأت بإماتتك إبنها .. يارب إلهى لترجع نفس هذا الولد إلى جوفه " " 1مل 17 : 20 ت 21 " .
هل تستطيع أيها المؤمن أن ترفع كل تحفظ بينك وبين اللّه ؟ ، وهل تستطيع كابن اللّه أن تعبر بأعمق تعبيرات النبوة ، إلى الدرجة التى تقول فيها مع موسى : " فرجع موسى إلى الرب وقال يا سيدى لماذا أسأت إلى هذا الشعب ؟ لماذا أرسلتنى ؟ " " خر 5 : 22 "... ومع إيليا : " قد أسأت بإماتتك ابنها " .. !! ؟ ... ألا يقبل اللّه التعبير المخلص ، حتى ولو بدا خشناً قاسياً ! ... بلى ! إنه عنده أفضل من التعبير المهذب المرائى ، الذى لا يتحدث بعمق الحب المتألم المخلص العميق !! ؟ .. إن اللّه يفضل أن نأتى إليه بالإخلاص ، مهما بدا هذا الإخلاص ضعيفاً أو خالياً من العبارة المصنوعة أو التعبير المتكلف ، ... إنه يريد أن تعانق روح المؤمن مع روحه فى الحب والألم والشركة المخلصة ، مهما كانت الظروف التى نعيش فيها !! .. وسمع اللّه لإيليا وأرجع الولد ، ... الذى يقول تقليد - لا يعلم إن كان صحيحاً أو غير صحيح - إن الغلام كبر ليكون يونان النبى الذى أرسله اللّه إلى نينوى الأممية ... على أنه على أية حال ، كان هذا النوع من العناية مقوياً ومشدداً للأرملة وللغلام ولإيليا ، ... وكان درساً خالداً فى كل الأجيال لكل الذين يتطلعون فى أرض الآلام والمتاعب والمجاعات ، إلى ينابيع العناية الإلهية التى لا تنضب . أو تنفد أو تفيض !!
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتابة كورش والعناية الإلهية
أبو سيفين والعناية الإلهية وسط الآلام
ديونسيوس والعناية الإلهية
نوحُ والعناية الإلهية
إيليا والعناية الإلهية


الساعة الآن 12:02 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024