فمصيبة الإنسان أنه يبحث دائماً عن الذي يروي عطش قلبه غير الله، أو بجانب الله، أو أنه يسعى بكل قوته في أن يصلي ويطلب بدموع من الله أن يُشبع قلبه في حياة مريحة وهادئة بلا صراع على الأرض، ولكن هيهات من أن يستريح الإنسان في الأرض مهما ما فعل أو صنع أو طلب.
فكما أن المدّ يفترض وجود القمرّ الذي يجذب إليه ماء البحر، ولو كان مختفياً وراء السحب، كذلك مدّ النفوس وسعيها المتواصل إلى ما تُشبهه أو إلى ما خُلقت عليه، لأن من المستحيل أن يوجد في الوجود كله ما يُشبع النفس ويرويها غير المُطلق المتسع الذي لا حدود لهُ، أي الله الذي هوَّ وحده الذي يجذب النفس حتى ولو اختفى عن نظرنا وإدراكنا، لأن الله خلقنا متجهين إليه، لأنه هوَّ أصل الصورة المخلوقين عليها التي تجذبنا وتشدنا إليها مثلما يجذب المغناطيس المعدن، لأن ما يُشبع النفس فعلاً ويرويها ليس كل ما هو محدود لأنها لم تخلق على صورة المحدود الزمني، بل على صورة الأزلي الأبدي، لذلك لن تجد قلوبنا راحة ولا هدوء ولا سلام ولا سكينة ولا مسرة ولا سعادة حقيقية ثابتة لا تزول، إلا إذا استقرت في ملكها ورأسها المسيح الرب، بل والتصقت به التصاقاً حتى تصير معه روحاً واحداً.