رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لما بلغ الأنبا أنطونيوس الخامسة والثلاثين من عمره، اجتاز نهر النيل شرقاً وتوغل في البرية فوجد حصناً قديماً، مهجوراً، في داخله مجرى ماء، أوت في ثغوره الثعابين الغدارة والزحافات الفتاكة فاتخذ الأنبا أنطونيوس قلاية[11] له، فغادرته الأفاعي والزحافات حالاً، فسد مدخله وحبس فيه نفسه ولم يغادره أعواماً عديدة ولم يأذن لأحد أن يدخل إليه، بل كان من يأتي إليه يقف خارجاً ويستمع إلى كلمات الوعظ والإرشاد. وكان معارفه يدلون إليه من فوق كمية من الخبز مرتين في السنة. وبعد قضاء عشرين عاماً معتزلاً الناس عابداً اللّـه متزهداً، ذاع صيته في الأقطار، وبإلهام رباني خرج من الحصن مملوءاً من الروح القدس والحكمة، صحيح الجسم قويه، على الرغم من التقشف الشديد المضني. تفوح منه رائحة القداسة، ويشع في محيّاه نور المسيح. ومضى إلى الفيوم ووعظ الإخوة هناك وثبتهم على حياة النسك، ثم عاد إلى حصنه. وأنعم اللّـه عليه بموهبة شفاء المرضى، فقصده الناس من كل فجٍّ عميق، فكان يعظهم بكلمة الحياة، ويصلي لأجلهم فينالون شفاء النفس والجسد. |
|