ننشر نص كلمة البابا تواضروس فى ذكرى رحيل البابا شنودة
بدير الأنبا بيشوى..
قال البابا تواضروس الثانى، فى هذا الصباح تحل علينا الذكرى الثانية لرحيل حبيبنا المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث، ونحن نعتبره ونعتبر رحيله هو الميلاد السماوى، فى مثل هذا اليوم، منذ عامين ولد جديدا فى السماء وفارقنا بالجسد على الأرض على رجاء القيامة.
وأضاف خلال كلمته بقداس الذكرى السنوية الثانية لرحيل البابا شنودة الثالث بدير الأنبا بيشوى فى وادى النطرون، البابا شنودة علامة فارقة فى تاريخ كنيستنا القبطية ووطننا مصر، واسمه محفور فى سجل الزمن والتاريخ، نظرا لحياته الطويلة وأعماله الكثيرة التى خدم بها السيد المسيح عبر جهاد طويل.
عندما نبحث فى حياته نجد أنه ترك لنا سيرة عطرة، وتراثا ثمينا وتأثيرا كبيرا، وسيرة عطرة منذ أن كان طفلا صغيرا، ثم التحق بالجامعة، فكان طالبا متميزا بكلية الآداب بجامعة القاهرة، ومحبوبا بين زملائه، وكان يبشر بقامة روحية كبيرة، رغم أنه كان طالبا بالجامعة إلا أنه التحق بالكلية الأكليركية وصار فيها معلما، وبعد أن عمل لسنوات قليلة بعد التخرج، التحق بدير السيدة العذراء السريان، تحت قيادة المتنيح نيافة الأنبا ثاؤفيلس الرئيس السابق لهذا الدير.
وعاش فى الدير فى حياة النسك، ولم يكتف بالدير فقط، بل بدأ يتجه إلى الوحدة والغربة، بعدها نجده قد توحد لعدة سنوات، ففى حبرية البابا كيرلس السادس يقيمه أسقفا لأسقفية جديدة وهى أسقفية التعليم الكنسى، تزداد هذه السيرة فى كل قلب، إلى أن يختاره الله فى نوفمبر 1971 ليكون بطريركا للكنيسة القبطية، وظل يقود الكنيسة 40 عاما فى سيرة عطرة تمتد عبر الوطن كله وخارج مصر.
وخدم بكل ما أعطاه الله من مواهب، خدم الكنيسة والوطن فى مراحل مختلفة، ورغم ما تعرض له من تجارب إلا أنه كان ذو شخصية صامدة، وصارت سيرته تضارع أهرام مصر.
وبهذه الشخصية انتشر فى أرض مصر والكنيسة، وانتشر اسم البابا شنودة فى كل مكان وصار يعرفه كل المصريين، وعرفه العرب، وعرف بألقاب كثيرة وقدم نموذج للإنسان المخلص، سيرته العطرة جعلت الصغار والكبار يحبونه، الأطفال كانوا يجدون فيه روح الطفولة والنقاوة والبراءة، والكبار يجدون فيه المعرفة والحكمة والتدبير الحسن. وتخطت سيرته الحدود إلى أماكن كثيرة.
وكان وثيق الصلة بالأديرة وارتبط بالحياة الرهبانية، وتعتبر هذه السيرة لكل الأجيال بمثابة جذور تقدم لنا الصورة المشرقة لإيماننا المسيحى وكنيستنا القبطية، ترك لنا سيرة عطرة لنحتفل بتذكار ميلاده الثانى فى السماء، وترك تراث وكلمة تراث لا تقال إلا على زمن طويل، وترك لنا تراثا فى التعليم والنسك، وفى المحاضرات الثمينة التى ألقها سواء وهو أسقف للتعليم أو بطريرك، وترك لنا تراثا للمعرفة المسيحية الواسعة، فى زمن حبريته، نشر 150 كتابا بلغات متعددة، وفى شتى نواحى المعرفة، فنشر كتابا عن الأمثال الشعبية والأقوال المأثورة، وكتبا عن المسابقات لينتفع بها خدام التربية الكنسية.
وألقى محاضرات متعددة، ليس فى المجال الدينى فقط، فتكلم عن قضايا علمية مثل الاستنساخ، وقضية الشذوذ الجنسى، وترك تراثا، ننتفع به حتى اليوم، ونجد بعض ما ألفه وكتبه لم ينشر بعد، وكنيسة الزيتون أخذت على عاتقها أن تنشر ما لم ينشر، وفى هذه المناسبة نشرت 3 كتب جديدة، بعضها عن الاختبار والتجربة، والجزء الرابع عن الخادم الروحى، وعن الموعظة على الجبل.
وقال البابا تواضروس مستطردا "إذا أراد الله وعشنا سنجد أكثر وأكثر ما لم ينشر من قبل، صار هذا التراث تراثا واسعا، وغذاء للأجيال ينتفع به كل جيل، بعدما قدم حياته على الأرض إلا أنه مازال يخدم، ليس بصلواته فقط، بل بهذا التراث الصوتى والمرئى والمكتوب، لذلك أطلق عليه لقب معلم الأجيال بحق، بهذه الصورة الجميلة، التراث بصوره المتعددة يصير متعددا للبنيان".
المصدر :