رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مزمور 147 (146، 147 في الأجبية) - تفسير سفر المزامير المزمور المئة والسابع والأربعون (أ) (المئة والسادس والأربعون في الأجبية)هذا المزمور في النسخة العبرية ينقسم إلى مزمورين في النسخة السبعينية (الأجبية). والمزمور بشقيه أي الآيات (1-20) يدور حول تسبيح الله على عودة الشعب من السبي وإعادة بناء أورشليم. ونحن نفهم أورشليم على أنها رمز للكنيسة، والمسيح بعمله الخلاصي أعادنا من سبي إبليس وأعاد بناء كنيسته أي هيكله. وكل نفس تجددت بالتوبة عليها أن تسبح الرب الذي حوَّل الخراب الذي فيها مسكنًا له. (1كو10:3). الآيات (1-3): "سبحوا الرب لأن الترنم لإلهنا صالح لأنه ملذ. التسبيح لائق. الرب يبني أورشليم يجمع منفيي إسرائيل. يشفي المنكسري القلوب ويجبر كسرهم." الله جمع المنفيين والمسبيين في بابل وأعادهم إلى أورشليم. والمسيح بعمله الخلاصي شفى المنكسري القلوب وجبر كسرهم، فقد كنا مذلولين لإبليس في حزن دائم. الآيات (4، 5): "يحصى عدد الكواكب يدعو كلها بأسماء. عظيم هو ربنا وعظيم القوة. لفهمه لا إحصاء." قد يتساءل البعض وهم في عمق عبوديتهم للخطية، هل الله قادر أن يشفيني من خطيتي ويردني؟ وقد يتساءل المسبيين في بابل تحت سلطة ملك بابل أعظم ملوك الأرض وأقواهم في هذا الوقت، هل يستطيع الله أن يخلصنا؟ ونفس السؤال يسأله العالم قبل مجيء المسيح. والإجابة لن يستطيع أحد سوى الله أن يخلص، ومهما بدت المشكلة معقدة فالله لاَ إِحْصَاءَ لِفَهْمِهِ فهو قد خلق الكواكب ويحصيها ويضبطها. الآيات (6-9): "الرب يرفع الودعاء ويضع الأشرار إلى الأرض. أجيبوا الرب بحمد. رنموا لإلهنا بعود. الكاسي السموات سحابًا المهيئ للأرض مطرًا المنبت الجبال عشبًا. المعطي للبهائم طعامًا لفراخ الغربان التي تصرخ." الله القوي يعطي رزقاً لكل الخليقة فهو الذي يهيئ المطر للأرض، بل الْمُنْبِتِ الْجِبَالَ (القفر) عُشْبًا ليعطى للبهائم طعامها. يحب الودعاء البسطاء غير المتكبرين، غير المعتمدين على ذواتهم وتكون عينه عليهم ويرزقهمويرفعهم. وليس ما يشير لأن الله هو الذي يتحكم في رزق البشر قدر الأمطار فهي بيده. لِفِرَاخِ الْغِرْبَانِ الَّتِي تدعوه = لماذا اختار فراخ الغربان بالذات؟! يقولون إن الغراب حينما تخرج أفراخه الصغيرة من بيضها يخاف منها لأن لونها يكون أبيضاً، ويهجر أفراخه فترة بدون أن يعولها، ولكن الفراخ تفتح مناقيرها وتنعب من شدة الجوع كأنها تطلب طعاماً من الرب الذي خلقها وتفرز مادة لزجة لها رائحة جذابة للحشرات، وفعلاً يهيئ الله بحكمته العجيبة أسراباً من الحشرات الصغيرة تأتي على رائحة فمها المفتوح فتلتصق بالمادة اللزجة فتبتلعها تلك الأفراخ وتتغذى بها. وتظل هكذا إلى أن تكبر ويتغير لون ريشها إلى السواد فيأنس بها أبواها ويرعاها. ولكن نلاحظ أيضاً أن الغراب كان طائراً نجساً في العهد القديم. الْكَاسِي السَّمَاوَاتِ سَحَابًا = السموات إشارة للكنيسة والسحاب الذي يكسي السماء إشارة للقديسين. والله قادر أن يحول النجس إلى قديس ويملأ كنيسته بالقديسين (عب1:12 + إش1:19). وإذا تأملنا فى أعمال تدبير الله فلنسبحه = أَجِيبُوا الرَّبَّ بِحَمْدٍ. رَنِّمُوا لإِلهِنَا بِعُودٍ. الآيات (10، 11): "لا يسر بقوة الخيل. لا يرضي بساقي الرجل. يرضى الرب بأتقيائه بالراجين رحمته." الْخَيْلِ = كانت أقوى سلاح في العهد القديم. وسَاقَيِ الرَّجُلِ رمز لقوته الجسدية. والله طلب أن لا يمتلك شعبه خيلاً كثيراً فيشعرون بقوتهم ولا يعودوا يعتمدون عليه، بل يعتمدون على قوتهم (تث16:17 ، 17). والإعتماد على الذات دون النظر إلى الله يجعل النفس تتكبر وتسقط في خطية إبليس وهي الكبرياء وبالتالي الإنفصال عن الله. ولقد خالف سليمان الملك هذه الوصية وإمتلك الخيل بكثرة والمال بكثرة وماذا كانت النتيجة؟ لقد انشقت المملكة القوية بعده. والعكس فجدعون ومعه 300 رجل هزم مئات الألوف لأن الله معه. والله يكون مع أَتْقِيَائِهِ الرَّاجِينَ رَحْمَتَهُ = نفس ما قيل عن الخيل وقوة الجسد نقوله عن الفضائل، فعلينا إن امتلكنا فضيلة أن لا نظن أنها تخلصنا، بل نظل نطلب رحمة الله كأننا لا نملك شئ. فمهما كانت قوة إنسان فهى محدودة لأن الإنسان محدود ، أما الله فهو لا نهائى فى إمكانياته . مثال :- أقوى رجال الكتاب كان شمشون ، ولكن ماذا يستطيع شمشون أن يفعل أمام المسدس الآن ، ولكن نرى أن ملاك يخلص أورشليم بقتل 000,185 رجل من جيش أشور . والله يفرح حين نفهم هذا ونعتمد عليه ، بل يقول لنا ربنا يسوع "بدونى لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً" ، بل هو إتحد بطبيعتنا البشرية ليعطينا من إمكانياته اللانهائية ، لذلك يقول بولس الرسول (فى4 : 13) "أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى" . الآيات (12، 13): "سبحي يا أورشليم الرب سبحي إلهك يا صهيون. لأنه قد شدد عوارض أبوابك بارك أبناءك داخلك." صهيون وأورشليم ترمزان للكنيسة ككل وللنفس أيضًا. والله سور لكنيسته، هو يشدد عوارض أبوابها. (أع4:9، 5). وتشير عوارض الأبواب إلى عقيدة الكنيسة الثابتة التي يحميها الرب لتظل نقية. وقد تشير عوارض الأبواب إلى حواس الإنسان التي يحفظها الله فلا يتسلل إلى قلبه ما يفسد نقاءه. وحينئذ تستمر فضائل الإنسان فيه نقية= بارك أبناءك داخلك. هنا تشير الأبناء لفضائل النفس وقد تشير لأبناء الكنيسة الذين يحفظهم الله. الآيات (14، 15): "الذي يجعل تخومك سلامًا ويشبعك من شحم الحنطة. يرسل كلمته في الأرض سريعًا جدًا يجري قوله." أعاد الله شعبه إلى أورشليم من السبي ولم يتركهم عرضة لهجمات الأعداء بل كان لهم سورًا من نار (زك5:2) ليحميهم من هجمات العدو، فيعيشوا في سلام. تخومك = أي حدودك ، ومن الحدود يأتي الأعداء والمعني أن الله يجعل التخوم سلاما أنه يحفظ كنيسته من أي هجوم للأعداء. وهم زرعوا أرضهم فبارك الرب غلتهم وأشبعهم. يرسل كلمته = كل ما يحدث على الأرض هو تنفيذ لمشيئة الله. وأعمال عنايته الإلهية. وما يتكلم به يحدث سريعًا. وبالنسبة للكنيسة فالمسيح ملك السلام أتى ليهب كنيسته سلاماً فهو قال "سلامي أتركلكم.. والله أرسل كلمته (الأقنوم الثاني) فى الأرضوهذهنبوة عن تجسد المسيح . سَرِيعًا جِدًا يُجْرِي قَوْلَهُ = إنتشرت الكرازةعن طريق رسله وإنتشر الإيمان سريعاً جداً في كل الأرض. وأشبع كنيسته من سر التناول= يُشْبِعُكِ مِنْ شَحْمِ الْحِنْطَةِ. الآيات (16-18): "الذي يعطي الثلج كالصوف ويذري الصقيع كالرماد. يلقي جمده كفتات. قدام برده من يقف. يرسل كلمته فيذيبها. يهب بريحه فتسيل المياه." نرى هنا سلطان الله على الطبيعة، والله قادر أن يغير طبيعة الأشياء من طبيعة إلى طبيعة أخرى. وهكذا كان المسيح له سلطان على الطبيعة (تهدئة البحر) وتغيير طبيعة الأشياء (الماء إلى خمر). الثَّلْجَ بارد . الصُّوفِ يشير للحرارة . والضباب أو الصَّقِيعَ بارد. والرماد ناشئ عن نار مشتعلة. والجَمْدَهُ الجليد صعب تكسيره ولكن الله قادر أن يفتته. بل إذا أراد الله أن يؤدب فهو يستخدم هذه الطبيعة في تأديب البشر. فالله يرسل بَرْدِه ليؤدب = قُدَّامَ بَرْدِهِ مَنْ يَقِفُ. وقدام ضرباته من يستطيع أن يقف (خر18:9 + يش11:10 + رؤ21:16) وهنا فى هذه الآيات نرى كور ثلجية كالحجارة تنزل من السماء لتقتل وهذه تسمى بَرَدْ (hail) وهذا غير البَرْدْ (cool). وحين يريد يرفع الله هذه الضربات= يَهُبُّ بِرِيحِهِ . وقبل المسيح كان العالم في برودة روحية، كان في الشتاء. وبعد المسيح "الشتاء قد مضى" (نش11:2). وتحولت برودة العالم الروحية إلى حرارة روحية. فالبَرْدْ (cool) يشير لشدة البرودة الروحية (مت12:24). وبعد فداء المسيح وحلول الروح القدس تحول هذا الثلج إلى صوف إشارة للحرارة الروحية. والضباب (الصقيع) علامة على إنعدام الرؤية (لو79:1 + 1بط9:2) تحول إلى رؤية فهذا عمل الروح . ومن كانوا في ظلمة بعد المسيح قدموا توبة، فالرماد يرمز للتوبة، بل حينما حل الروح على المؤمنين أحرق فيهم كل شهوة وخطية وحولها إلى رماد. والجليد يشير للقسوة، وكان شاول الطرسوسي هكذا، وكان الرومان في اضطهادهم للمسيحيين هكذا، بل في حياتهم اليومية أيضاً، فهم كانوا يفرحون ويتسلون بهلاك وموت البشر من العبيد. وهؤلاء فتت المسيح قلوبهم الحجرية = يلقى جَمْدَهُ كَفُتَاتٍ بل صاروا فتاتاً أي خبزاً (1كو17:10). أي أعضاء في جسد المسيح. وتحول غضب الله = جمده (كرات الثلج) النازل من السماء، إلى مياه نازلة من السماء (الروح القدس). فقد أذاب كلمة الله العداوة بين الآب والبشر= يُرْسِلُ كَلِمَتَهُ فَيُذِيبُهَا. حقا هوذا الكل قد صار جديدا فى المسيح (2كو5 : 17) . الآيات (19، 20): "يخبر يعقوب بكلمته وإسرائيل بفرائضه وأحكامه. لم يصنع هكذا بإحدى الأمم وأحكامه لم يعرفوها. هللويا." هذه الآيات تشير لأن الله أرسل الأنبياء لشعبه إسرائيل حاملين كلمته وشرائعه بينما كان العالم غارقًا في وثنيته. والآن أسرار الله لدى الكنيسة عوضًا عن الشعب اليهودي. وكل من أنعم عليه بأن يفهم أسرار ملكوت الله فليسبح الله بهذه الآية. |
|