رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حَقًّا فِي مَزَالِقَ جَعَلْتَهُمْ. أَسْقَطْتَهُمْ إِلَى البَوَارِ [18]. إذ يدخل المؤمن إلى المقادس الإلهية، ويتشبه بالكاروب مخزن المعرفة الصادقة، يكتشف أن النجاح والغنى والأمان، الأمور التي يظن الأشرار أنهم يتمتعون بها، إن لم تدفعهم إلى التوبة والرجوع إلى الله بالندامة مع الشكر تصير لهم مزالق، ويسمعون ما ورد في عظة موسى النبي الوداعية: "في وقتٍ تزل أقدامهم؛ إن يوم هلاكهم قريب، والمهيَّآت لهم مسرعة" (تث 32: 35). كما قيل: "ليكونوا مثل العصافة قدام الريح، وملاك الرب داحرهم" (مز 35: 5). "بالغداة كعشب يزول، بالغداة يزهر فيزول؛ عند المساء يجز فييبس" (مز 90: 6). "لأنه ما هو رجاء الفاجر عندما يقطعه، عندما يسلب الله نفسه" (أي 27: 8). * إنهم مخادعون، ومحتالون. وإذ هم مخادعون يعانون أيضًا من الخداعات. ما هذا إلا لأنهم محتالون يعانون هم من الاحتيال. يرغبون في القيام بدور الخداع على الجنس البشري في كل شرورهم، فإذا بهم هم أنفسهم يسقطون تحت الخداع، وذلك باختيارهم الخيرات الأرضية ونسيانهم الأبدية... "أسقطتهم إلى البوار"... لا يقول: "أنت أسقطتهم إلى أسفل"، لأنهم ارتفعوا (تشامخوا إلى فوق)، كما لو أنهم بعد أن ارتفعوا إلى أعلى ألقيتهم أنت إلى أسفل. ولكن فيما هم يرتفعون بذات التصرف سقطوا إلى أسفل. فإنه هكذا إن الارتفاع إلى أعلى هو سقوط إلى أسفل . القديس أغسطينوس * عندما لا تتجاوب النفس البشرية بالشكر مع خيرات الله غير المتناهية التي هي مجازاة الأعمال الصالحة، تكون هذه النفس ملعونة بعدلٍ بنفس القدر الذي تنعمت فيه بالرحمة. لذلك أيضًا قال صاحب المزامير: "حقًا في مزالق جعلتهم، أسقطتهم إلى البوار" (مز 73: 18). هذا لأن الملعونين لم يعادلوا الخيرات الإلهية بأعمال صالحة، إذ لم يهتموا بأنفسهم وهم في هذه الأرض، وانغمسوا في ملذات كثيرة، ولم يَجْلِبْ عليهم تقدمهم في هذا العالم إلا هلاك النفس. لذلك قيل للرجل الغني الذي كان يتعذب في لهيب جهنم: "اُذكر أنك استوفيت خيراتك في حياتك" (لو 16: 25). ومع أنه كان شريرًا إلا أنه استوفى الخيرات هنا، حتى يستوفي أيضًا مقدارًا أكثر من البلايا هناك، بمقدار ما تشبث بطريقه ولم يغيرها بالرغم من الخيرات التي أخذها . الأب غريغوريوس (الكبير) * هذا هو إذن أول افتراض للمعرفة، أن الأمور التي في العالم إنما تقع وليدة الصدفة. أما الأمر الثاني فهو أنه "حقًا في مزالق جعلتهم!" (مز 73: 18)، مثل النجاح الباهر والأرباح العالمية ووفرة الغنى. أو ربما تُجمع بطريق الأعذار، لئلا يُظن أن قلة ورعهم هي بسبب العوز أو بسبب ألم مُر أو حزن، مما يدفعهم إلى الاختلاس والسرقة والرغبة في السلب تحت وطأة أو شدة الفاقة، لأنهم اغتنوا بالثروة، وارتفعوا بالكرامات، لا طلبًا لما هو أشْرف في الحياة أو التمتع بالبهجة، بل لكي تتوقف الشكوى، فتتجمع وتتراكم الضيقة! من ثم، فإن أناسًا من هذا القبيل، يُطرحون وهم يرتفعون، فليس الأمر إحسانًا، بقدر ما هو مصيبة، حينما لا يُحتمل ولا يثبت الاستمرار في هبة طويلة الأمد، ويُزال العذر الناجم عن الفشل. لأنه أية شكوى تحمل ثقلًا أعظم من تلك الشكوى الإلهية، التي تجدونها في سفر النبي ميخا: "يا شعبي ماذا صنعت بك، أو هل أخزيتك أو هل أضجرتك؟ أجبني. ألم أُصعدك من أرض مصر، وخلصتك من بيت العبودية؟" (مي 6: 3-4 LXX). انظروا كيف ينطرح الأشرار وهم يرتفعون، وكيف تكف شكواهم ويتراكم عقابهم. وإذ تفيض عليهم الإنعامات السماوية، لا ينبغي أن يهجروا مُعطي الرخاء وطمأنينة الحياة بل بالحري يطيعونه. ولكن كما أن عدل الله عظيم، هكذا أيضًا انتقامه صارم. لأن الشرير دائم التمسك بشرِّه، وبخصوصه تجدون مكتوب أيضًا: "قد رأيت الشرير عاليًا عاتيًا فوق أرز لبنان، وعبرت ونظرت، فإذا هو ليس بموجود، والتمسته فلم يوجد" (مز 37: 35-36). إن سرعة فنائيته تفوق الظن! فجأة ترى شريرًا قويًا في هذه الحياة، وإذ تعبر به، سرعان ما يختفي عن الوجود. كم يظهر الظل بعيدًا عن الأرض وكم يستمر لبُرهةٍ قصيرةٍ! انقلوا خُطاكم وسرعان ما يزول الظل، وإن كان ثمة اضطراب هنا، ارفعوا خطاكم إلي الأشياء العتيدة، وسوف تكتشفون أن الشرير الذي اعتقدتم أنه هنا لن يكون هناك، لأن من هو "لا شيء" هو غير موجود. حقًا و"الرب يعرف خاصته" (2 تي 2: 19)، لكنه لا يتعرف على الذين هم غير موجودين؛ لأنهم لم يعرفوا ذاك الذي هو كائن (قابل خر 3: 14) . القديس أمبروسيوس |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أيوب | حَقًّا لاَ يَكْذِبُ كَلاَمِي |
أيوب | أَتَحْسِبُ هَذَا حَقًّا |
أيوب | وَهَبْنِي ضَلَلْتُ حَقًّا |
مزمور 73 | حَقًّا قَدْ زَكَّيْتُ قَلْبِي بَاطِلًا |
لأَنَّهُ حَقًّا لَيْسَ يُمْسِكُ الْمَلاَئِكَةَ، |