رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
“افرحي يا شجرة لذيذة الثمر يغتذي منها المؤمنون” اليوم، يا إخوة، وصلنا إلى الدور الثالث من المديح، أبيات المديح هي شعر كنسي روحي رائع، وهو مهم لسببين: الأول أن أهميته استمرت لسنوات طويلة وما زال يُردد حتى يومنا هذا، أما الشعر العالمي فتختلف أهميته من زمن لآخر فالشعر الذي كُتب منذ خمسين سنة لا يردده أناس اليوم إلا في ما نَدَر فكيف تكون الأشعار التي كُتبت منذ أكثر من ألف سنة؟، الثاني يعود لفحواه ومضمونه، فالموضوع الأساسي في المديح هو تدبير الله الخلاصي بتجسد ابنه، الشخص الثاني من الثالوث القدوس، من مريم عذراء. أبيات المديح هي تكرار للصورة الأولى في حدث لقاء العذراء بالملاك المبشر في الناصرة، فجاء حاملاً بشارة الفرح، وكل بيت شعري من افرحي لهو موضوع بذاته، سأكتفي اليوم بالحديث عن “افرحي يا شجرة لذيذة الثمر يغتذي منها المؤمنون”يستخدم ناظم التسبيح صورة الشجرة لهدف معين، نحن نعرف أنه بالعالم يوجد نوعين من الأشجار، الأول الطبيعي المنظور المخلوق من الله الذي نستظل به ونأكل من ثمره ونستخدم خشبه في التدفئة وينقي الأجواء من الكربون ليعطي الأوكسجين الضروري للحياة أما جذوره فهي تثبت التراب وتغذي أغصان الشجر وأوراقه وثماره، والثاني، الشجرة الروحية هي الإنسان ولكن جذورها ليست في الأرض بل في السماء، هي جذور للحياة الأبدية تعطي أعمال صالحة، هذه الجذور هي السيد المسيح التي نقول عنها في أرمس كاطافاسيات الميلاد “أيها المسيح المسبح لقد خرج قضيبٌ من أصل يسَّى” وحيث ترى هذه الجذور ترى ثماراً صالحة وفضائل يقول بولس الرسول عن هذه الثمار: “وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف” (غلا 22:5-23). المسيحيون هم أشجار مثمرة، بستان هذه الأشجار هو الكنيسة، لأنها ممتلئة بأشجار كثيرة مثمرة ولكننا نرى في وسطها شجرة كبيرة ورائعة هي والدة الإله، يشبه ناظم التسبيح مريم العذراء بشجرة مزروعة وسط الفردوس “افرحي يا شجرة لذيذة الثمر، يغتذي منها المؤمنون” فكلمة افرحي لأن منها أتى الثمر الثمين، المسيح، “الخبز السماوي وغذاء العالم كله” (صلاة التقدمة، التهيئة قبل القداس). لنتساءل الآن: هل أنا شجرة مثمرة؟ وليفحص كل واحد ذاته، هل المحبة موجودة؟ طبعاً لا في حال وجود البغض والكراهية والأنانية والخصومات. هل السلام موجود؟ طبعاً لا في حال وجود حروب واضطرابات ونزاعات. هل الفرح موجود؟ طبعاً لا في حال وجود اضطراب وخوف وقلق. هل العفة والتواضع والصبر موجودون؟ طبعاً لا في حال وجود عدم الانتباه على الذات وضبط الأهواء. إذاً هل نحن شجر بلا ثمر؟ نعم مادمنا لا نفعل سوى الشر والبغض والتكبر. الأشجار الطبيعية تأتي بثمر، أما نحن فبأي ثمر نأتي؟؟ لنرى ماذا يطلب يوحنا المعمدان من الفريسيين “اصنعوا أثماراً تليق بالتوبة” (متى 8:3) والشجر الذي لا يأتي بثمار سيعاقب وسيلقى بالنار “فكل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تقطع وتلقى في النار” (متى 10:3). فلنصلي لوالدة الإله متضرعين وصارخين لتتشفع بنا و تساعدنا بأن نكون أشجاراً مثمرة، مستعطفة ابنها الوحيد يسوع المسيح أن يرحمنا. |
|