17فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعاً! وتعبير رجع إلى نفسه تعبير جميل جدا , يعنى كأن نفسه دى كانت ضايعة منه وتائهة وهو أنفصل عن نفسه , أو حالة الإنفصام التى تصيب الخاطى , واحد تائه عن كيانه , كأن نفسه ضاعت منه وما صدق ولقاها , وهو ده حال الإنسان الخاطىء أنه فاقد لنفسه وفاقد لعقله لأنه يصير مسلوب الإرادة ومسبى بالعبودية وبسلطان الخطية , مسلوب ومسبى وتائه ومأسور , وبعيدين قال تعبير وكم من أجير لأبى يفضل عنه الخبز , يعنى الناس اللى شغالين عند أبويا بيتبقى فى موائدهم الخبز , وأنا هنا أهلك جوعا , وكأن صرخته هى إنى أهلك , لما يجوع الإنسان وتحفى رجليه يبتدى يفوق ويرجع لنفسه وأبتدأ يتذكرعز أبوه والحال اللى هو كان فيه عند أبوه وخدامين أبوه بيفضل عنهم الخبز وللأسف ده الحال اللى ماكانش عاجبه واللى تمرد عليه واللى رفضه واللى خرج منه واللى أنفصل عنه , كم من مرة تقسو يد الله على الخاطى المكابر الذى يشعر أنه غنى وقد أستغنى , وتقسو يد الله علشان الخاطى ده يرجع لنفسه , لكنها قسوة رحيمة وربنا بيشد على الإنسان برحمته , قسوة رحيمة ,فأخذ قرار العودة أنه يقوم ويرجع بعد ما درس كل فكرة لتحسين حالة الوضع وبعد ما حاول كل محاولة أنه يحسن من حالته دون أن يرجع إلى بيت أبوه ومالقاش قدامه مفر إلا أنه يرجع وهو ده الحل الوحيد , يعنى العودة هى الحل , وواضح جدا أن مفيش أى حد دعاه أنه يرجع بيت أبوه ومحدش قال له طيب ما تقوم ترجع , لكن هو اللى قرر الرجوع من نفسه , والألم والإحتياج والضيق هما اللى فوقوه وأرجعوه مرة تانية لبيت أبوه , يعنى لا سمع وعظة ولا حد خدمه وأفتقده ولا سمع ترتيلة ولا سمع أى حاجة , فقط الألم والإحتياج هم اللى رجعوه وفوقوه.