هل عدنا إلى زمن «معاوية»؟
الدعوة التى أطلقتها بعض الجماعات السلفية الجهادية للخروج يوم 28 نوفمبر للثورة ضد الدولة، ورفع المصاحف على الأسنة، باعتبار أنها ثورة إسلامية ضد الدولة المدنية، ألا تذكرنا بما فعله «معاوية» وجيشه حينما أراد أن يثور على الإمام على بن أبى طالب -كرم الله وجهه- فى حرب دامية طمعاً فى الخلافة والحكم والإمارة، وطلب من أفراد جيشه أن يرفعوا المصاحف فوق الرماح، وقد سمتها كتب التاريخ حينئذ «الفتنة الكبرى»، بسبب كثرة أعداد القتلى من الطرفين، وبسبب الدماء التى سالت فى أودية العراق والشام، وما ترتب عليها من استشهاد الإمام على نفسه، ومن بعده ابنه الحسين (سبط الرسول صلى الله عليه وسلم)، ومن ثم تنازل الحسن عن الخلافة لوقف نزيف الدماء، ودرء الفتنة المشتعلة، وإنقاذ البلاد والعباد من الضياع والهلاك؟ فهل تريد هذه الجماعات الجهادية الدموية أن تعيد مشاهد الفتنة ونزف الدماء من جديد، وتستدعى زمن «معاوية» بكل آثاره ومنغصاته، أم أنها تريد أن تسقط الدولة المصرية التى ما كادت تتماسك بعد ثلاث سنوات عجاف، عاشت فيها مصر وشعبها أسوأ مراحل الفوضى والنزاع فى تاريخها المعاصر، ولا تزال البلاد تخوض أبشع حروبها ضد الجماعات الجهادية السرطانية، وضد الإرهاب الدولى الفاجر؟ ولولا أن هناك جيشاً عظيماً مدعوماً من الشعب المصرى بكل فئاته، وقائداً يعى تماماً قدر مسئولياته ومهامه لكانت هذه الدولة العظيمة قد سقطت من زمن بعيد، وتفككت أوصالها، وتهدمت مؤسساتها، فمتى يفيق هؤلاء المهووسون أعداء الاستقرار والسلام والوحدة ويدركون أنهم يقفون فى خندق يتيم ضد دولة عريقة بحجم مصر لا يؤيدهم سوى من هم على شاكلتهم من جماعات الإرهاب ودواعش العصر وأن الشعب بأسره يلفظهم ويلفظ منهجهم الدموى، لأنه فى الأصل شعب مسالم يسعى لرزقه واستقراره؟
20 - 11 - 2014, 08:20 AM
العرض العادي
