رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التدبير – وهي كلمة تخص تدبير الخلاص οικονομια – oikonomia كلمة التدبير هي كلمة عبرانية – يونانية، بمعنى سياسة الله وعمله وحكمته في كل أعمال الثالوث القدوس وبخاصة: التجسد الإلهي التدبير هو رسم إلهي مُعلن في الزمان وأساسه في الأزل. وهو تدبير ليس كتدبير البشر يتغير أو يتبدل، بل يتم كما هو حسب خطة الله الذي يشرف عليها بنفسه، والتدبير ليس نظري أو ينحصر في مجرد خطة، موضوعها مبهم وملامحها تنحصر في ذاتها، بل هو تدبير مُعطى لنا حسب النعمة، مصدره الثالوث القدوس. التدبير الإلهي تدبير فاعل عامل يوحَّد حسب الإعلان بالروح، وينزع الانقسام، لأنه شركة في الواحد الثالوث القدوس الواحد في الجوهر. وهو يُنظم حياة ومصير الخليقة الجديدة في المسيح، ويُعطي لها في الزمان الحاضر “العربون” [ الذي ختمنا وأعطى عربون الروح في قلوبنا؛ ولكن الذي صنعنا لهذا عينه هو الله الذي أعطانا أيضاً عربون الروح ] (2كورنثوس1: 22؛ 5: 5)، إلى أن يأتي الدهر الجديد الذي لا تغرب فيه شمس الحياة بالموت، بل تُشرق بنور إلهي أزلي يَهَب الاستنارة من الآب بالابن في الروح القدس. إذن التدبير باختصار هو خطة الله للخلاص وفق مشيئته أي تدبيره الخاص، وهذا المعنى يتصل بتاريخ الخلاص فهي تُعتبر ” السر المكتوم منذ الدهور في الله خالق الجميع بيسوع المسيح (أفسس 3: 9)، أما الآن في ملئ الزمان فقد تحقق في المسيح يسوع [ إذ عرفنا بسر مشيئته مسرته التي قصدها في نفسه لتدبير ملئ الأزمنة ليجمع كل شيء في المسيح ما في السماوات وما على الأرض في ذاك الذي فيه أيضاً نلنا نصيباً مُعينين سابقاً حسب قصد الذي يعمل كل شيء حسب رأي مشيئته لنكون لمدح مجده نحن الذين سبق رجاؤنا في المسيح، الذي فيه أيضاً أنتم إذ سمعتم كلمة الحق إنجيل خلاصكم الذي فيه أيضاً إذ آمنتم خُتمتم بروح الموعد القدوس الذي هو عربون ميراثنا لفداء المُقتنى لمدح مجده ] (أفسس1: 9 – 14) ونجد أن الله منذ البداية في الكتاب المقدس أخذ يوضح تدبيره أي خطته المتعلقة بالخلاص وأعلنها بواسطة البشر الملهمين بالروح القدس، وليس عن طريق أي شخص آخر، فاختار أنبياء نقاهم وقدسهم مهيأ أوانيهم ليحملوا إعلانه، إعلان الخلاص وتدبيره ويقوده شعبه ويسلموهم النبوة والإعلان إلى يوم تتميمه، وأيضاً في العهد الجديد اختار الرسل بدورهم ليحملوا بشارة الإنجيل وإعلان الخلاص وقوة تدبيره ليحيوا به ويقدموه للكنيسة لأجل البنيان بروح النبوة: [ هكذا فليحسبنا الإنسان كخدام المسيح ووكلاء سرائر الله ] (1كو4: 1)؛ [ لي أنا أصغر جميع القديسين أُعطيت هذه النعمة أن أبشر بين الأمم بغنى المسيح الذي لا يُستقصى. وأُنير الجميع في ما هو شركة السرّ المكتوم منذ الدهور في الله خالق الجميع بيسوع المسيح ] (أفسس3: 8 – 9)، وذلك بالطبع لأن عمل وكيل سرائر الله متأصل في οικονομια – oikonomia التدبير الإلهي المعلن له بالسرّ بالتذوق والاختبار في أعماق قلبه الممتلئ بالإيمان الحي العامل بالمحبة وذهنه المنفتح بالروح على الله، وقد أُعطيت لوكيل سرائر الله فترة زمنية محددة ليقوم بالواجب المنوط به، على الرغم من أنه لا يعرف مداها [ فقال الرب فمن هو الوكيل الأمين الحكيم الذي يُقيمه سيده على خدمه ليُعطيهم العلوفة في حينها، طوبى لذلك العبد الذي إذا جاء سيده يجده يفعل هكذا. بالحق أقول لكم أنه يُقيمه على جميع أمواله. ولكن أن قال ذلك العبد في قلبه سيدي يُبطئ قدومه فيبتدئ يضرب الغلمان والجواري ويأكل ويشرب ويسكر. يأتي سيد ذلك العبد في يوم لا ينتظره وفي ساعة لا يعرفها فيقطعه ويجعل نصيبه مع الخائنين. ] (لوقا12: 42 – 46)، فالوقت المعطى لخدام وكلاء سرائر الله هو هبة استؤمن عليها ويجب ان يستخدمها لاستعلان خطة الله حسب ما أعطاه الله من موهبة، لأنها مسئولية لا ينبغي إهمالها بل ينبغي أن يهتم بها اهتمام بالغ بحرص شديد وينتبه لها بكل تدقيق جالساً عند قدمي الكتاب المقدس بالصلوات والأسهار والأصوام متعلماً من الله مستلماً التعليم من القديسين كما نالوه من الله لأن خطة الله لا تتفكك ولا تنقطع من جيل، بل هي ممتدة ويزداد إعلانها كلما تقدم بنا الزمان [ لذلك يقول أستيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيُضيء لك المسيح. فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء. مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة. من أجل ذلك لا تكونوا أغبياء بل فاهمين ما هي مشيئة الرب. ولا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة بل امتلئوا بالروح. مكلمين بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغاني روحية مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب. شاكرين كل حين على كل شيء في اسم ربنا يسوع المسيح لله والآب. خاضعين بعضكم لبعض في خوف الله ] (أفسس5: 14 – 21) [ واظبوا على الصلاة ساهرين فيها بالشكر. مُصلين في ذلك لأجلنا نحن أيضاً ليفتح الرب لنا باباً للكلام لنتكلم بسرّ المسيح الذي من أجله أنا موثق أيضاً. كي أُظهره كما يجب أن أتكلم. أسلكوا بحكمة من جهة الذين هم من خارج مفتدين الوقت. ليكن كلامكم كل حين بنعمة مصلحاً بملح لتعلموا كيف يجب أن تجاوبوا كل واحد ] (كولوسي4: 2 – 6) عموماً الكلمة (التدبير) تُشير إلى خطة الله للخلاص والتي يشرف عليها بنفسه ويقوم بتنفيذها بدقة حسب مسرة مشيئته. وهذه الخطة وضحت في الكتاب المقدس منذ سقوط آدم في الفردوس، فكان الهدف منها هو خلاص الإنسان من ورطة السقوط المؤلمة التي تذوقها وانحصر في دائرتها المميتة باختياره الحرّ: [ اختطفت لي قضية الموت ]، [ أجرة الخطية موت ] (القداس الإلهي + رسالة رومية) وكلمة التدبير في تحليل معناها اليوناني، استخدامها يُفيد معنى: [ البناء الرعائي ]، وهي كلمة تخص الله كراعٍ يرعى شعبه بعناية فائقة ويحفظهم، كما تظهر من خلال العهد القديم – كخبرة تذوقها الشعب في حياته اليومية – بأن يهوه راعي إسرائيل، ولها صداها الخاص في صلوات المزامير: [ الرب راعي فلا يعوزني شيء ] (مزمور23: 1)، وهذا هو الدور المسياني [ دور المسيا الخاص ] أي عمل ربنا يسوع المسيح الخاص كراعٍ يسعى في طلب الضال، ويحفظ الخراف: [ وأنا أعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد ولا يخطفها أحد من يدي ] (يوحنا10: 28) عموماً نجد أن التدبير الإلهي بدأ في العهد القديم وأُظهر بالأنبياء ثم اكتمل بتفاصيله في العهد الجديد بظهور الابن الوحيد، حيث تجسد ربنا يسوع المسيح إلهنا الحي، وقد أُعلن هذا التدبير بالميلاد وحياة الله الكلمة في الجسد والصليب والقيامة والصعود وحلول الروح القدس على الكنيسة وعلى كل من ينضم لها بالمعمودية ومسحة الميرون. فحسبما وُلِدَ المسيح وعاش تمارس الكنيسة حياتها وفقاً للتدبير ” فأما أنتِ يا بيت لحم أفراته وأنتِ صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنكِ يخرج لي (مدبر) الذي يكون متسلطاً على إسرائيل ومخارجه منذ القديم” (ميخا5: 2) “وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا لستِ الصغرى بين رؤساء يهوذا. لأن منكِ يخرج [ يخرج لي ] مُدبرّ يرعى شعبي إسرائيل” (متى2: 6) الكنيسة تعيش التدبير كحياة ممتدة من حياة المسيح في الجسد، لأنها جسد المسيح الحي … فالمسيح اعتمد، لذلك نحن نعتمد المسيح دُهن أو مُسح بالروح القدس، لذلك نحن نُمسح بالميرون المسيح أعطى جسده ودمه لذلك يتضمن كل قداس في العالم كلمات تأسيس السرّ لأنها دعوة المسيح نفسه التي لا يُمكن أن تُستبدل بأي كلمات أخرى مهما كانت المسيح مات ولذلك نشاركه الدفن والموت في المعمودية المسيح قام ولذلك سوف نقوم في اليوم الأخير: [ فقال لها يسوع أنا هو ( إيجو إيمي – أهيه أشير أهيه ) القيامة والحياة من آمن بي ( believing ) ولو مات فسيحيا، وكل من كان حياً وآمن بي فلن ( never ) يموت إلى الأبد أتؤمنين بهذا ] (يوحنا11: 25، 26) ويقول العالم القبطي زكريا ابن سباع ( القرن 13): [ إن درجات الكهنوت الثلاثة مؤسسة على حياة المسيح نفسه وهو في الجسد – أي بحسب التدبير – فهو قارئ ( أغنسطس ) لأنه قرأ في السفر في المجمع (يوحنا4: 6)، وهو كذلك خادم أي شماس ( ذياكون ) لأنهُ خدم ( لو22 : 27 )، وكاهن (عبرانيين7: 26و 27). فإن وُجِدَ أي شيء في الكنيسة غير مرتبط بما تم في المسيح ( أي كالتدبير ) نتأكد أنهُ وضع بشري لا لزوم له ] هذه هي روح الكنيسة الأرثوذكسية في تدبير الله في المسيح لهُ المجد، إذ أن حياتها تدبير ، وتدبيرها حياة معاشة في الأسرار والاجتماعات، وترفض وتقبل أي شيء فيها بحسب التدبير وليس بحسب آراء شخصية أو مفاهيم بشرية أي كان معناها أو مدى صحتها، طالما أن جوهرها من خارج التدبير الإلهي. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
حسن التدبير |
ربك رب التدبير |
التدبير |
التدبير |
† وعظة بعنوان العقل فى التدبير والرب فى التدبير بالموسيقى newrony |