|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
* ما هي قمة تشييد هذا البناء الذي نؤسسه؟ إلى أين ستبلغ قمة هذا البناء العالية؟ أقول للحال إلى رؤية الله . والآن ترى كم هو عظيم أن تعاين الله. إن الذي ارتفع إلى هذا يستطيع أن يفهم كل ما أقوله وما يسمعه. قد وعدنا برؤية الله، رؤية الله ذاته تتعالى لأنه حسن أن نرى الذي يرانا، فالذين يعبدون آلهة باطلة يرونها بسهولة، ولكنهم يرون التي لها أعين ولا تبصر. وأما نحن فقد وُعدنا بمعاينة الله الحي المبصر حتى نشتاق لرؤية ذلك الإله الذي يقول عنه الكتاب المقدس: "الغارس الأذن ألا يسمع؟ الصانع العين ألا يبصر؟" (مز94: 9) ألا يسمع ذلك الذي صنع لك ما تسمع به، أما يرى ذلك الذي خلق ما ترى به؟ لذلك يقول في المزمور حسنًا: "افهموا أيها البلداء في الشعب، ويا جهلاء متى تعقلون" (مز 94: 8)، لأن كثيرين يرتكبون أفعالًا شريرة، ظانين أن الله لا يراهم. حقيقة إنه يصعب عليهم أن يعتقدوا أنه لا يستطيع رؤيتهم، بل يظنون أنه لا يريد ذلك. قليلون هم الملحدون تمامًا الذين يتم فيهم المكتوب: "قال الجاهل في قلبه ليس إله". هذا جنون القليلين فقط. فإذ قليلون هم الورعون تمامًا، فانه ليس بأقل منهم أيضًا هم الملحدون تمامًا، وأما غالبية البشر فيقولون هكذا، ماذا؟ هل يفكر الله الآن فيّ، حتى يعرف ما أفعله في منزلي، وهل يهم الله ما قد أختار فعله على سريري. من يقول هذا؟ "أفهموا أيها البلداء في الشعب ويا جهلاء متى تعقلون؟" (مز 94: 8) فبكونك رجلًا من شأنك أن تعلم كل ما يحدث في منزلك، وأن تصلك أفعال خدمك وأقوالهم. ألا تظن أن لله عملًا كهذا أن يلاحظك، الذي لم يتعب في خلقتك؟ أفلا يثبت عينيه عليك ذاك الذي صنع عينيك؟ إنك لم تكن موجودًا وقد خلقك وأعطاك الوجود. ألا يهتم بك الآن وأنت موجود، الذي "يدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة" (رو 4: 17)؟ إذن لا تعد نفسك بهذا فإنه يراك، إن أردت أو لم ترد. وليس هناك مكان تستطيع أن تختبئ فيه عن عينيه. "إن صعدت إلى السماء، فأنت هناك. وإن فرشت في الهاوية فها أنت" (مز 139: 8). عظيمة هي أتعابك بينما لا ترغب في الانفصال عن الأعمال الشريرة، مع هذا فإنك لا ترغب في أن يراك الله . حقا يا له من تعب مضني! كل يوم ترغب في صنع الشر ومع هذا أتشك في أنك لا تُرى؟ استمع إلى الكتاب المقدس القائل: "الغارس الأذن، ألا يسمع؟ الصانع العين، ألا يبصر؟" (مز 94: 90). أين تستطيع أن تخفي الأعمال الشريرة عن أعين الله؟ إن لم تمت عنها، فبالحق تعبك مضني. القديس أغسطينوس |
|