( الصلب والفداء ) السبب الرئيس هو إبليس فلماذا لم يمت إبليس ؟
الســـؤال
لقد ادعى بولس مؤسس المسيحية المحرفة بأن أجرة الخطية الموت ، فإذا كانت أجرة الخطية الموت فلماذا لم يمت إبليس المتسبب الرئيسي للخطية والذي هو صاحب كل خطية في العالم ؟ نريد إجابة مقنعة بحسب عدل الله الذي تدعونه . ومع العلم أن الله إختار أن يفدي آدم أو ذرية آدم ولم يفدي إبليس مع أن إبليس كان من أبناء الله كما في سفر أيوب1: 6 وكان ذات يوم انه جاء بنو الله ليمثلوا امام الرب وجاء الشيطان ايضا في وسطهم. وغير هذا في أيوب 2 عدد 1 وإستمرت علاقة الشيطان بالرب وتكليف الرب للشيطان بمهام كما كلفه بضرب أيوب بقرح ردئ وغيره من الأمور ، مما يعني إستمرار العلاقة بين الرب والشيطان فلماذا لم يعاقبه الله كما عاقب آدم ؟ أو يكفر عنه كما كفر عن آدم ؟ حقيقة نحتاج إلى إجابة.
الإجـــابة
هناك أسئلة كثيرة داخل هذا السؤال، وأيضا هناك إتهام لا يليق أن يذكر وأنت تأتي لتسألني عن إيماني ... تخيل أني أسألك سؤالاً عن الإسلام فأقول "يقول النبي الكذاب مؤسس ديانة الإسلام كذا ....." هل ستجد راحة وأنت ترد على السؤال؟! ... أنت تطالبني بأدب الحوار فلماذا لا تبادر أنت بالأدب وأنت تسألني...؟!!
ثم ... أليس في هذا التعليق تحويل عن اتجاه السؤال الأصلي؟!! ... لأني لن أسكت عن هذا التعليق فأبدأ أثبت لك أن المسيحية غير محرفة، فأكون قد أجبت عن سؤال لم تسأله وتركت سؤالاً سألته؟ ... عزيزي الساءل، من حقك ان تسأل ولكن ليس من حقك أن تجرح ... إلا إذا كان الغرض التجريح لا السؤال
على أي حال سأحاول أن أضع أسئلتك في عناوين لكي أتمكن من الرد عليها جميعا
1-هل بولس أول من قال أن أجرة الخطية هي موت؟
2-لماذا لم يمت إبليس؟
3-لماذا فدى الله آدم ولم يفد ابليس؟
4-هل الله هو الذي كلف الشيطان بضرب أيوب؟!
5-هل بالفعل استمرت العلاقة بين الله والشيطان كما هي ولم تتغير؟
أعتقد أني لم أنسَ شيئاً من سؤالك المركب، وسأبدأ في الإجابة على هذه الأسئلة الخمسة ...
أولاً : هل بولس أول من قال أن أجرة الخطية هي موت؟
في الواقع، قبل بولس الرسول بأكثر من 1500 سنة، كتب لنا النبي موسى في سفر التكوين هذه العبارة على لسان الله والموجهة لآدم "مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ»." (تكوين 2: 16، 17) وقد عادت حواء وأكدت هذه الحقيقة في حوارها مع الحية قائلة: " مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأْكُلُ، وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ لِئَلاَّ تَمُوتَا" (تكوين 3: 3) ... إذاً لم يكن بولس الرسول هو مبتكر الفكرة أو أول من قالها كما تفضلت وقلت ... بل منذ بداية الإعلان الإلهي في الكتاب المقدس يحدثنا الوحي عن أجرة الخطية والتي هي موت ... من هنا نفهم أن ما جاء به بولس قديم جداً كتابياً وليس من ابتكاره الشخصي.
ثانياً: سؤالك الثاني يقول: لماذا لم يمت إبليس؟
وأنا أسألك من أدراك أنه لم يمت؟! ... هل تظن أن الموت هو مجرد مواراة الجسد في التراب؟! ... إن إبليس من الأرواح، وموته ببساطة هو بعده عن مصدر الحياة وسببها ... وهو الله ... وبموت العلاقة بينه وبين الله يكون ابليس ميتاً في شرع الله، حتى ولو ظل يفسد في الدنيا إلا أنه ميت، ولا يمكن أن نسميه حياً ... الأمر يحتاج منك أن تفهم معنى الموت، تفهمه في معناه الحقيقي وليس في المعنى الحسي الذي تراه أنت بسطحية، والموت هو الانفصال عن الله مانح الحياة، فهل إبليس بهذا المفهوم حي أم ميت؟!
ثالثاً: ما أجبنا عنه في السؤالين الماضيين يقودنا للسؤال الثالث وهو سؤال يدخل في إرادة الله وكأنك تحاسب الله لماذا يفعل هذا ولا يفعل ذاك ... ولكننا لا يسعنا إلا أن نشكر الله على افتقاد الإنسان وإعطاؤه فرصة جديدة ... الأمر الذي لم يحدث مع الشيطان ...
وعلى الرغم من أنه ليس من حقي أو حق أي إنسان أن يقول للرب لماذا، إلا أن هناك إجابة لسؤالك ... الشيطان اختار بنفسه أن يتمرد على الله دون أن يغويه أحد ... فهذا الأمر من اختياره الشخصي، فكيف يمكن أن يفدي الله شخصاً اختار بقرار مباشر منه أن يتمرد على سلطان الله؟!!
هل تريد الدليل الكتابي على أن الشيطان اختار طريقه بنفسه؟ ... اقرأ معي ما ورد في سفر أشعياء الذي يتكلم عن إبليس بروح النبوة فيقول: "َكيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ، بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟ وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ، وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشَّمَالِ. أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ. لكِنَّكَ انْحَدَرْتَ إِلَى الْهَاوِيَةِ، إِلَى أَسَافِلِ الْجُبِّ." (أشعياء 14: 12-15)
أما آدم فهو شخص مضحوك عليه وأغوي من قبل الشيطان ...فتسبب في فساده، ويؤكد داود النبي في سفر المزامير الفكرة فيقول "الْكُلُّ قَدْ زَاغُوا مَعًا، فَسَدُوا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا، لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ" (مزمور 14: 3) هذه الغواية وهذا الفساد هو المتسبب في تلك الحالة المزرية التي وصل اليها آدم ليهرب من وجه الله ويخاف منه بعد أن اكتشف عريه ... ولو سأل الله آدم هل تريد أن تعود تحت قيادتي؟ لأجاب آدم فوراً: نعم ... ولذلك أراد الله أن يصلح ما أفسده الشيطان محبةً في ذلك المسكين الذي أغوي ... وبعد الإصلاح ترك الله حرية الاختيار من جديد لآدم وأبناء آدم، إما أن يطيعوا الله ويرضوا بعمله أو يتمردوا ... ونجد أن بعض أبناء آدم سجد لله وقال آمين، وآخرون قالوا حاشا ... لابد ان نصلح نحن ما أفسدناه ... وبدأوا في مراثون من محاولات إصلاح فاشلة يسعون من خلالها أن يرضوا الله، ولكن صدقني: إن لم تترك نفسك لله ليصلح ما أفسده الشيطان فكل مجهود تفعله هباء؟ ... والرب يعطيك بصيرة وينير لك الطريق
نرجع لسفر أيوب الذي أقحمته في السؤال لكي نتكلم عن موضوع في غاية الأهمية ونأتي إلى سؤالك المهم:
هل الله هو الذي كلف الشيطان بإيذاء أيوب؟ 1
لنقرأ النص لنرى "فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «مِنَ أَيْنَ جِئْتَ؟». فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ الرَّبَّ وَقَالَ: «مِنْ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ، وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ، يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ الرَّبَّ وَقَالَ: «هَلْ مَجَّانًا يَتَّقِي أَيُّوبُ اللهَ؟" (أيوب 1: 7-9)
في سفر أيوب نرى الحوار واضحاً ... فالمشتكي المضل (الشيطان) قرر أن يضايق أيوب وليس الله الذي قرر ذلك. لقد اشتكى الشيطان على أيوب ... لذلك سمح الله للشيطان أن يجرب أيوب حتى يخرس شكايته، ولكنه لم يكلفه بفعل الشر ... بل في كل مرة يفعل إبليس الشر في بأيوب كان الله يعطي نوعاً من الحماية ويحد من قدرة الشيطان ... (راجع النص) لذلك نحن نرفض فكرة أن الله كلف الشيطان بمهمة، لأن الشيطان ليس من خدام الله المطيعين.
لقد تمرد على الله وفقد مركزه الأدبي، ولكن لأنه مشتك على البشر يتجاسر ويأتي أمام الله بهدف واحد، هو الشكاية على الإنسان ... وفي حدود يحددها الله يبدأ في مضايقة الإنسان بهدف اختباره ... هذا واضح من النص ليتك تقرأ النص بدقة.
وهذا يأتي بنا الى الجزء الأخير من السؤال وهو: هل أستمرت العلاقة بين الشيطان والله كما كانت قبل السقوط؟ والإجابة واضحة وهي: بالتأكيد لا ... وهذا الأمر واضح من النص تماماً.
ولكن من هذا النص نفهم أن الله يسيج حول الإنسان بحماية وما يفعله الشيطان هو في حدود ما يسمح به الله فقط. وهذا يعطينا الثقة في الله ولا يجعلنا نخاف من شكاية إبليس علينا.
ختاماً: أختم بسؤالك الأخير ومن خلاله ألخِّص الأمر ... أنت تسأل:
... الشيطان فلماذا لم يعاقبه الله كما عاقب آدم ؟ أو يكفر عنه كما كفر عن آدم ؟ حقيقة نحتاج إلى إجابة .
والإجابة الملخصة عن كل ما سبق هي أن الله أعدَّ للشيطان البحيرة المتقدة ناراً ... لقد أعدَّها الله لإبليس وجنوده كما أوضح الكتاب المقدس (متى 25: 41)، وهذا عقاب واضح في الكتاب المقدس، كيف لا تراه؟!!! ... ولم يكفر عنه لأن الشيطان لم يُغوَ بل اختار بنفسه هذا الطريق ولم يتب عنه فلماذا يكفر عن خادم اختار العصيان وأصر عليه؟ ... اما الإنسان فقد أغو من قِبل الشيطان ... عصى ربه ولكن عن غواية وليس عن قرار ... وعندما وقفا أمام الله لم يتبجحا وإنما حاولا التنصل عن المسؤولية، فنجد أنهما استسلما تماماً لله، ولم يرفضا صنيعه معهما عندما ألبسهما لباساً يستر عورتهما.
لقد كانت لديهما رغبة صادقة أن يخرجهما الله من المأزق، وهذا خلاف كبير بينهما وبين إبليس الساقط ... لذلك من الخطأ المقارنة بين سقوط الإنسان وسقوط الشيطان ...