|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأنبياء يبطلون خطة شاول: إذ هرب داود ذهب إلى الرامة حيث أقام مع صموئيل النبي في نايوت [تعني مسكنًا]، هو غالبًا مبنى لسكن الملتحقين بمدرسة الأنبياء، وربما اسم الحيّ الذي فيه السكن. على أي الأحوال ترك صموئيل مسكنه الخاص وأقام مع داود ربما ليحميه من شاول لا بسيف أو رمح وإنما بعمل الله وسلطانه الروحي، بكونه رئيس مدرسة الأنبياء ومؤسسها، وبكونه ماسح الملكين شاول وداود. لعل داود جاء إلى هذا الموضع لأنه سبق أن التحق به إلى حين، فجاء إلى معلمه واضعًا في حسبانه أن شاول يهاب الموضع ورئيسه. لكن شاول الذي امتلأ قلبه حقدًا لم يراجع نفسه ولا ذهب بنفسه ليطلب مشورة صموئيل النبي إنما بعث بإرسالية لأخذ داود كي يقتله. عندما بلغت الإرسالية الموضع نسيت هدفها لأنها ثأثرت بالجو الروحي التعبدي وحل روح الرب عليهم وصاروا يتنبأون أي اشتركوا مع الأنبياء في التسبيح والعبادة. ظن شاول أن هذه الجماعة قد انخدعت أو خافت سلطان صموئيل فأرسل جماعة ثانية وتكرر ذات الأمر معها، وللمرة الثالثة جاءت إرسالية من قبله وصارت تتنبأ... وفي هذا كله لم يرجع شاول إلى نفسه ولا اتعظ. قرر شاول أن يذهب بنفسه، فجاء إلى الرامة إلى البئر العظيمة التي عند سيخو؛ وإذ أراد الله أن يتمجد حل عليه هو أيضًا روح الله، فذهب إلى نايوت في الرامة وصار يتنبأ. ومن شدة تأثره بالمسبحين بموسيقى رائعة خلع رداءه وجبته وعُدته وبقى بلباسه الأبيض منطرحًا النهار والليل يسبح ويرنم. دهش كل من رآه فقالوا: "شاول أيضًا من الأنبياء؟!" [24]. لقد أراد الله أن يؤكد أنه إله المستحيلات، قادر أن يحوّل قلب شاول المملوء حقدًا إلى قلب ملتهب بالشوق نحو العبادة خاصة التسبيح، خالعًا كل ثياب المجد والكرامة، لكنه لا يلزمه بذلك بل تركه لإرادته الحرة، لذلك سرعان ما ارتد شاول إلى شره. ظن بعض الدارسين أن صموئيل وداود سخرا من شاول حينما نظراه منطرحًا عريانًا النهار كله وكل الليل، إنما الواقع كان عكس ذلك فقد مجّد هذان النبيان الله على عمله في شاول ولو إلى حين، وقد ترك هذا النظر أثرًا طيبًا في قلب داود لذا مدحه مع ابنه يوناثان قائلًا: "شاول ويوناثان المحبوبان الحلوان.." (2 صم 1: 23). هذا ما تبقى في قلب داود من جهة شاول؛ فقد نسى حسده وحقده ومقاومته له ومؤامراته لقتله، ليراه الإنسان المحبوب الحلو الذي يسبح الله بين الأنبياء. |
|