منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 14 - 10 - 2022, 05:09 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,257

مزمور 33- معاملات الله مع الأمم






معاملات الله مع الأمم:

إذ يتحول المزمور إلى التأمل في التاريخ يبرز جلال قوة الله ليس بأقل مما يبرزه عمل الخلق في الطبيعة. الله القدير في خلقه للسماء والأرض هو القدير في رعايته وعنايته بالإنسان عبر التاريخ. ترى عينا الإيمان يدّ الله خلف صراعات الأمم وارتباطاتها، هذه اليد التي تشكل تاريخ العالم حسب غايته الأبدية. التاريخ هو امتداد لعمل
الخلق، يُظهر بأكثر كمال عدالة الله بتذكر وعود حبه الثابت.
في هذا المزمور، بعد تقديم قدرة الخلق التي تخبرنا عن عظمة وجوده، يشير إلى معاملاته مع خلائقه كموضوع تسبيح وحمد، بكونه كلّي الحكمة، الناظر إلى كل شيء، وحاكم الأمم جميعًا.
"الرب يُشتت آراء الأمم،
ويرذل أفكار الشعوب،
ويرذل مؤامرة الرؤساء.
وأما رأي الرب فهو يكون إلى الأبد؛
وأفكار قلبه من جيل إلى جيل" [10-11].

الله لم يخلق العالم بكل قوانينه الطبيعية الجبارة ليتركه ويعتزله، إنما خلقه ليحركه بقوانينه، واهبًا الإنسان كمال الحرية، ويبقى الخالق راعيًا ومدبرًا لخليقته... قد يترك الأشرار يفكرون ويخططون وربما يبدأون مؤامراتهم عمليًا، لعلهم يرجعون عن شرهم ويتوبون. فإن أصرّوا يتدخل في اللحظة الحاسمة إما ليحوّل شرهم إلى بركات لأولاده أو يوقف المؤآمرات ويبددها، وكما جاء في إشعياء النبي:
"هكذا يقول السيد الرب: لا تقوم، لا تكون" (7: 7).
"هيجوا أيها الشعوب وانكسروا، واصغي يا جميع أقاصي الأرض. احتزموا وانكسروا. تشاوروا مشورة فتبطل. تكلموا كلمة لا تقوم، لأن الله معنا" (8: 9-10).
لقد سبق فأبطل مشورة أخيتوفل ضد داود النبي (2 صم 17: 23)، وتدبير هامان ضد مردخاي وشعبه (إس 6، 7)، وخطة دقلديانوس ضد الكنيسة في العالم كله! في كل جيل يُقاوَم الله في أولاده، لكن لن تدوم المقاومة، إذ ينتهي الضيق ويتمجد أولاد الله إلى الأبد. تنتهي حكمة الأشرار إلى لا شيء أما خطة الله للخلاص فتتحقق وتثبت، إذ قيل لنفوس الذين قُتلوا من أجل كلمة الله "أن يستريحوا زمانًا يسيرًا أيضًا حتى يكمل العبيد رفقاؤهم واخوتهم أيضًا العتيدون أن يُقتلوا مثلهم" (رؤ 6: 11). يحقق الله خطته بكل الطرق، حتى وإن كان بعضهم يستشهدون! عيناه على أولاده حتى في لحظات آلامهم واستشهادهم.
أولاد الله لا يرتبكون بسبب مؤامرات الأشرار وخططهم، فإن التاريخ هو في يديْ الله أبيهم كلّي الحكمة وكلّي القدرة وكلّي الحب. هو قادر أن يُحطم مشورتهم بإبطالها أو تحويلها إلى الخير حتى وإن سمح لهم بقتل أولاده... إنما ما يشغلهم هو "الطوبى" التي صارت لهم لا عن برّهم الذاتي وإنما عن اختيار الله لهم ليكونوا شعبه وأولاده وهو يكون لهم إلهًا وأبًا.
"طوبى للأمم التي الرب إلهها،
والشعب الذي اختاره ميراثًا له" [13].

لنفرح ولنبتهج باختيار الله لنا، ليكون نصيبنا، ونحن نكون نصيبه، نُحسب شعبه، يشهد المرتل بفرح أن الله يعلن ذاته لنا بكونه إلهنا. نقتنيه كمصدر بركتنا، حمايتنا، إرشادنا، سلامنا، فرحنا، نجاحنا، إستقرارنا، فلا نعتاز إلى شيء.
* "طوبى للأمة التي الرب إلهها" [12]. سمعتم أن أمته تمتلكه... الآن تسمعون أنه يمتلكهم: "الشعب الذي اختاره ميراثًا له".
طوبى للأمة فيما تمتلكه، وطوبى للميراث فيمن يمتلكه.
القديس أغسطينوس

هكذا يسِّبح المرتل الله من أجل الملكية المتبادلة: نحن نمتلكه نصيبًا لنا، وهو يمتلكنا ميراثًا له!
ليكن الرب هو إلهي، أمتلكه فلا أطلب شهوة جسد، ولا محبة غنى العالم، ولا مجدًا باطلًا، ولا نظرة عطف بشري؛ وليقبلني ميراثًا له، يُسر بعمله فيّ، وبره الساكن فيّ، وفرح ملكوته في أعماقي. ليتني أصير عبدًا له فلا أستعبد لسادة كثيرين. عبوديتي له هي كمال الحرية الداخلية!
إذ نتبادل الحب والملكية عيناه لا تفارقانني، إذ يقول المرتل:
"نظر الرب من السماء فرأى جميع بني البشر؛
من مسكنه المهيأ نظر إلى جميع سكان الأرض" [13-14].

حينما نتحدث عن تطلع الله للبشر يلزم أن نميز بين نوعين من النظرات، نظرة الله كخالق وفاحص كل الأمور، ونظرته الواهبة النعم للنفوس التي تقبلت البنوة له. الله عارف الكل، فاحص القلوب والكلى جميعها، لكن له معرفة الالتصاق والاتحاد بمن قبلوه أبًا ومخلصًا. الله حاضر في كل مكان لكن له الحضرة الواهبة النعم في قلوب مؤمنيه العاملين بالمحبة.
الله ينظر إلى كنيسته، يعرفها كعروس له، حاضر فيها بكونها مملكته على الأرض؛ وهو أيضًا ينظر ويفحص دقائقه الخفية، ويعرف أسراره، وحاضر في كل موضع؛ لكن شتان بين معاملاته مع طالبيه ومعاملاته مع جاحديه.
يتطلع الله إلى شعبه كأب نحو أولاده المحبوبين وليس كمتفرج سلبي. إنه يرانا في ابنه الحبيب، فيجدنا نحمل بر المسيح، ونُحسب موضع سروره.
إنه يتطلع "من السماء"، "من مسكنه المهيأ"؛ أي من قلوب مؤمنيه والكارزين به بكونهم موضع سكناه. ليس فقط ينظر إلينا كأب، وإنما يسكن فينا متطلعًا من خلالنا إلى الغير.
* "من مسكنه المهيأ نظر إلى جميع سكان الأرض" [13]. يتطلع إلينا من خلال الكارزين بالحق. ينظر إلينا من خلال الملائكة الذين أرسلهم، بكونهم جميعًا بيته. إنهم جميعًا مسكنه الدائم، بكونهم السموات التي تُظهر مجد الله.
القديس أغسطينوس

إذ يتطلع إلينا ينظر إلى الأعماق، إلى سرائر القلب الخفية بكونه خالق النفس الداخلية، يعرف أعمالنا لا كبني البشر يحكمون حسب الظاهر، وإنما من خلال النية الداخلية، دون محاباة لملك أو عظيم.
"الذي هو وحده خلق قلوبهم؛
الذي يفهم جميع أعمالهم.
لا يخلص ملك من أجل عظم قوة.
لا ينجو جبار بكثرة جبروته.
خلاص الفرس كاذب
وبكثرة قوته لا يخلص" [15-17]

صانع القلب يعرف كل أسراره، وكما يقول الحكيم: "قلب الملك في يدّ الرب كجداول مياه حيثما شاء يميله؛ كل طرق الإنسان مستقيمة في عينيه، والرب وازن القلوب" (أم 21: 1-2). ويقول المرتل: "يا رب قد جربتني وعرفتني؛ أنت عارف جلوسي وقيامي؛ أنت فهمت أفكاري من البعد... لم يختفِ عنك عظمي الذي صنعته بالخفاء" (مز 139).
* "الذي هو وحده خلق قلوبهم" [15]. بيد نعمته، بيد رحمته صنع قلوبنا وشكّلها وصنعها قلبًا فقلبًا، معطيًا لكل واحد قلبًا منفردًا، دون أن يفقدنا الوحدة معًا...
"الذي يفهم جميع أعمالهم"... يرى الإنسان عمل آخر بتصرفاته الجسدية (الظاهرة) أما الله فيرى عمق القلب. فأنه إذ يرى ما بالداخل قيل "الذي يفهم جميع أعمالهم".
القديس أغسطينوس

إنه الخالق العارف أسرارنا والقادر على خلاصنا، إذ يقيمنا ملوكًا، مخلصًا إيّانا لا بقوتنا الذاتية ولا بجبروتنا ولا بالخيل والمركبات ولا بإمكانياتنا العقلية أو المادية أو الفنية وإنما بذراعه الرفيعة، بسكناه فينا.
لقد وهبنا بعطية الروح القدس نعمة الملوكية، لنصير ملوكًا روحيين، متحدين بملك الملوك، متكلين عليه.
الخلاص حتى من الموت يمكن أن يتحقق بالله وحده. حياتنا في يديه، وهو قادر أن يحفظها حتى في وسط الضيق الذي لا يقهره إنسان. إنه يمنحنا ذاته قوة لنا، فنتكل عليه، لا لنكون سلبيين، وإنما في إيجابية نجاهد به بكونه قوتنا. لقد قيل: "الفرس مُعد للحرب؛ أما النصرة فمن الرب" (أم 21: 31).
* ليكن الله هو رجاءكم، قدرتكم على الاحتمال، قوتكم. ليكن كفارتكم، تسبيحكم، غايتكم وموضع راحتكم، وعونكم في جهادكم...
الجبار هو الإنسان المتغطرس الذي يرفع نفسه (متشامخًا) على الله، كما لو كان شيئًا في ذاته وما يخصه. مثل هذا الإنسان لا ينجو بقوته الذاتية.
الآن، لديه فرس رشيق وقوي، سليم وسريع الخُطى، إذا ما حدث هجوم أما يستطيع أن ينجي راكبه من الخطر الملحق به؟ ليسمع: "خلاص الفرس كاذب"... يلزم ألا يعدك الفرس بالنجاة...
يمكننا أن نأخذ الفرس رمزًا لأية ممتلكات في هذا العالم، أو لأي نوع من الكرامة نتكل عليها في كبرياء، حاسبين خطًأ أنكم كلما ارتفعتم يزداد آمانكم وعلوكم. ألا تدركون بأي عنف سوف تُلْقَون، كلما ارتقيتم إلى أعلى يكون سقوطكم بأكثر ثقلٍ... فكيف إذن يتحقق الأمان؟ إنه لا يتحقق بالقوة ولا بالسلطة ولا بالكرامة ولا بالمجد ولا بالفرس.
القديس أغسطينوس

كانت المركبات هي سند الجيوش، من يركبها يظن أنه في أمان، إذا ما أحدق به الخطر يلوذ بالفرار، لكن كثيرين هلكوا وهم على مركباتهم أو ممتطين خيلًا مدربةً على الحرب. لم يقدر سنحاريب بجيشه الجرار أن يقف أمام ملاك واحد، وفرعون بكل مركباته غرق في البحر... أما من يتكئ على صدر الرب فيكون آمنًا حتى من الموت. وكما قال الرب: "من آمن بي ولو مات فسيحيا" (يو 11: 25).
يرى العلامة أوريجانوس أن الخيل تشير هنا إلى الشيطان وملائكته، إذ يقول: [الخيل والفرس يمثلون صورة الذين كانوا في السماء وانحدروا منها بسبب كبريائهم وتشامخهم... هؤلاء الذين تبعوا القائل: "أصعد فوق مرتفعات الرب (السحاب)، أصير مثل العَليّ" (إش 14: 14). لهذا السبب على ما أظن يقول النبي: "باطل هو الفرس لأجل الخلاص، وبشدة قوته لا ينجي" [17]. هكذا أيضًا قيل عن الذين يثقون في الشيطان: "هؤلاء بالمركبات وهؤلاء بالخيل، وأما نحن فأسم الرب إلهنا نذكر" (مز 20: 8)].
لنترك مركبات العالم ولنمتطِ مخافة الرب، تلك المركبة الإلهية القادرة أن ترفعنا فوق كل الأزمات والضيقات، تجتاز بنا فوق الموت، ولا يحاصرنا غلاء أو وباء، وكما يقول المرتل:
"هوذا عينا الرب على خائفيه والمتكلين على رحمته.
لينجي من الموت أنفسهم ويعولهم في الغلاء" [18-19]
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
مزمور 119 | التأمل في معاملات الله في العهدين القديم والجديد
مزمور 92 | يتأمل المرتل في معاملات الله
مزمور 44 - معاملات الله في الماضي
مزمور 44 - معاملات الله في الماضي
معاملات الله مع الأمم


الساعة الآن 09:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024