رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لماذا تشكون دائمًا بأنكم مضطهدون دينيًا؟ | الاضطهاد في المسيحية المجتمع: لماذا تشكون دائمًا بأنكم مضطهدون دينيًا؟ المسيحي: نحن لا نشكو إطلاقًا من الاضطهاد الديني ولكننا قد نشكو أحيانًا عندما نُظلم أو عندما تُهضم حقوقنا أو تُساء معاملتنا كمواطنين لنا حقوقنا مثلما نؤدي واجباتنا. وعندئذ يفسر المجتمع هذه الشكوى على أنها إعلان عن اضطهاد ديني للمسيحيين. في حين أنه قد يشكو بعض إخواننا المسلمين مما نشكو نحن منه ولكن شكواهم لا تأخذ نفس التفسير. ونحن لا ندَّعى الاضطهاد لأننا لا نشتهيه ولا نسعى إليه. لكن إذا فُرِض علينا فنحن نقبله بالشكر وكأنه من يد الله لأنه وعدنا "شعور رؤوسكم جميعها محصاة. فلا تخافوا" (مت10: 31، لو21: 18). فكل ما يحدث لنا نحن نؤمن أنه بسماح منه ويَصبُّ أخيرًا في صالحنا الأبدي. والدول التي تمارس الاضطهاد تتفنن عادة في وسائله. ومنها تسليط الأصوات العالية غير المحتملة خلال مكبرات الصوت على سكن الإنسان بقصد مضايقته بتأريق راحته والضغط على أعصابه. أو أن يتخذ مسئولٌ ما منهج المقابلة للإنسان بوجه عابس أو بكلمات جافة أو بألفاظ جارحة أو بأسلوب فظ كنوع من التكدير بسوء المعاملة، أو بأن يسند إليه الأشغال الثقيلة والمرهقة من أجل تسخيره أو من أجل الترفيه عن زميل آخر على حساب التثقيل عليه. أو أن يستمر في التثقيل عليه لكي يبلغ حدًا لا يحتمله بحيث إما أن يترك وظيفته التي يعيش من راتبها أو أن يستمر فيها تحت الضغط والكبت حتى يصاب بأمراض خطيرة مثل ضغط الدم أو السكر أو الانهيار العصبي أو الذبحة. أو أن المسئول يضع هذا الشخص في ذهنه لكي يتصيد له أي خطأ تافه أو غلطة عابرة غير مقصودة فيقوم بتهويل الأمر إلى حد تجريم هذا الخطأ أو هذه الغلطة أو إلصاق تهمة له من خطأ شخص آخر بشهود زور. أو أن يصبح منهج معاملته له بالانتهار والتوبيخ المستمر بدون سبب. أو أن يحرمه من حوافزه أو علاواته ظلمًا، أو أن يتخطاه في ترقياته بآخرين أقل منه كفاءة وأمانة. أو أن يُرفَض الإنسان أصلًا إذا طرق على أبواب كثيرة طلبًا للعمل. أو أن يتعرض لحرق مصنعه أو نهب متجره، أو تُوضَع الصعوبات والعراقيل أمامه لإقامة مشروعه، أو تُفرض عليه غرامات أو ضرائب أزيد من المستحق، أو تكاتف البعض على مقاطعة نشاطه التجاري أو إنتاجه الصناعي، أو أن يقود مشروعًا ناجحًا وسرعان ما يضعون أمامه منافسًا أقوى منه لكي يهدمه ويقضى عليه. أو أن يحُرَم من التعيين في الوظائف العليا في الدولة مثل القضاء والجيش والبوليس والجامعات والسلك الدبلوماسي أو مناصب الإدارة العليا مثل المحافظين ورؤساء مجالس المدن والأحياء والقرى ورؤساء مجالس إدارات البنوك والشركات والمجالس القومية والهيئات والمؤسسات العلمية والاقتصادية والأجهزة الرقابية والإعلامية والاستثمارية... الخ. أو أن يُحرم من امتيازات في بعثة أو منحة أو سفرية فنية أو في تقدير شرفي يستحقه. أو أن يقع تحت طائلة القانون والمحاكمة ويتعرض لسجن أو تعذيب أكثر مما يستحق. فإذا فُرِض وواجه مواطنٌ أيًا من هذه الأمور فإنه يؤمن أن معاناته لها أو تراكمها عليه في حياته فإنما تؤهله عندنا نحن المسيحيين لنوال إكليل الشهادة. لأن الشهداء عندنا في المسيحية نوعان؛ النوع الأول:شهيد بسفك دم وهو الذي يُراق دمه من أجل الإيمان. وشهيد بدون سفك دم وهو الذي ينال عذابات وآلامًا وتضييقًا على حياته بالتكدير المستمر من أجل إيمانه، وإن كان لا يصل الأمر إلى إزهاق روحه. إلا أنه يموت كما لو كان بالقتل البطيء أو بتخريب حياته بحيث لا يكون صالحًا للحياة. والشهداء في عمومهم هم شركاء المسيح في آلامه ومن ثم فهم شركاء مجده أيضًا كما يعلمنا كتابنا "إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضًا معه" (رو8: 17). والذي يشكو من الاضطهاد هو إنسان ذليل لأنه كما يقول المثل "الشكوى لغير الله مذلة" أي يذل نفسه للناس وكأنه ليس له إله يراعيه من السماء، أو أن له إلهًا ولكنه إله عاجز عن حمايته أو رد الظلم عنه، أو كأنه يريد أن يحظى بالراحة الأبدية دون أتعاب وآلام في العالم. لقد وعدنا المسيح له المجد بقوله "طوبى لكم إذا قالوا عليكم كلمة شريرة من أجلى كاذبين. افرحوا لأن أجركم عظيم في السموات" (مت5: 11، 12). ويا سعادة من كان أجره عظيمًا في السماء. وهذه التوجهات الروحية للإنسان المسيحي واضح أنها لا تتفق مع لجوئه لأن يشكو مجتمعه لمجتمع آخر، ولكن إن كان يشكو فلمجتمعه وحده،لذلك فهي لا تتعارض مع دفاعه عن نفسه بالطرق القانونية. ومن خلال القنوات الشرعية. كما لا تتعارض مع قيام كبار قومه وأُولى أمره للدفاع عنه ورفع صوته إلى السلطات لإنصافه. وذلك من منطلق شعورهم بالمسئولية نحو صغار طائفتهم ومكدوديهم. الصورة الحقيقية للمضطهِدين: والمضطهِد لا يدرك عادة صورته الحقيقية أمام نفسه وأمام العالم. ولربما لو اتضحت له صورته هذه لأدرك مدى رداءتها، فالاضطهاد نوع من العدوان. وعلماء علم الاجتماع وعلم النفس عندما يحللون الشخصية العدوانية سواء تمثلت في الفرد أو المجتمع يقودهم تحليلهم إلى أنها: 1- شخصية قلقة مضطربة محرومة من سلام الله في داخل القلب لأن الشر يملأ قلبها كما يقول الكتاب "لا سلام قال الرب للأشرار" (إش48: 22). 2- شخصية قاسية جحودة خالية من الرحمة مملوءة حنقًا لذلك تستخدم العنف مع بشر لم يسيئوا إليها إلا في كونهم مختلفين عنها في الجنس أو اللون أو العقيدة أو المذهب الذي نشأوا وتربوا فيه حسبما أراد الله لهم. ومثل هذه الشخصية لا تطولها الرحمة في يوم الدين كما يقول الكتاب "لأن الحكم هو بلا رحمة لمن لم يعمل رحمة" (يع2: 13). 3- شخصية قلما تستحي لأنها تستخدم قوتها ونفوذها مع نفس هادئة مسالمة، ثم سريعًا ما تتراجع إذا ما واجهها من هو أقوى منها. وينطبق عليها المثل القائل "تخاف ولا تختشي". 4- شخصية تعاند العقل والضمير بإرادتها حتى تمارس نزعتها العدوانية في اضطهاد الآخر. وكأنها تقاوم الله ذاته الذي وهبها العقل والضمير كمقياس حساس لتمييز العدل من الظلم. 5- شخصية لها طابع وحشي، بعيد عن الإنسانية. ومهما ادعت هذه الشخصية من صفة الحضارية والديمقراطية والمساواة بين الجميع، فهي مجرد ادعاءات أو هي ثوب مزيف تخدع به العالم. ولذلك فكثيرًا ما تلجأ إلى الأساليب المقنَّعة في الاضطهاد لكي تغطى على جريمتها ولكنها تشبه من يغطى جسده العاري بثوب شفاف. 6- شخصية حسودة ومملوءة بالشعور بالنقص لأنها كثيرًا ما يكون اضطهادها للآخر إما من أجل امتياز معين في هذا الآخر، وهى لا تستطيع أن تبلغ إليه ومن حسدها وغيرتها تعمل على القضاء على هذا الآخر، أو من أجل استعلائها هي واحتقارها للآخر فتذله وتستعبده. 7- شخصية مرائية لأنها أولًا: تنكر ما تمارسه من اضطهاد على فرد أو على مجموعة بالرغم من وضوح حقيقة اضطهادها كنور النهار، ثم تختلق صورًا مضللة تغطى بها كذبها. وثانيًا: عندما تُؤاخَذ على اضطهادها أو تُفْرَضُ عليها بعض الضوابط من قوةٍ أكبر أو أعلى منها فإنها تملأ الدنيا صراخًا مدعية أنها الحمل المسالم والرفيق الوديع والحَكَم العادل. 8- شخصية تعاند الله لأنها تتحداه في إرادته في خلقه الذي شاء فخلقه أجناسًا وألوانًا، وأراده شعوبا وأممًا وقبائل وألسنة. وهى تضطهده لتخضعه لإرادتها. ومثل هذه الشخصية لا يكسرها إلا الله وحده وهو الذي يمهل ولا يهمل. ونجاحها في كسب معتنقين لمبادئها إنما هو نجاح ظاهري سيأتي عليه وقت يتلاشى. لأن ما بنته وشيدته بالظلم والقتل وأسلوب الكذب والخداع إنما هو مثل بخار يظهر ثم يتبدد ويضمحل. وبالعنف الذي كسبت به سوف تؤخذ به. حماية الدين والنعرة العرقية والاستعلاء الجنسي وراء النزعة إلى الاضطهاد:يقول دارسو العلوم السياسية أن نزعة الفرد إلى اضطهاد الآخر تنشأ من النظام السياسي للحكم. والحكومات التي تضطهد الأقليات يغلب عليها الشعور بالاستعلاء الجنسي فتحتقر الأجناس الأخرى وتعمل على استعبادها، أو تغلب عليها النعرة العرقية فتجتهد للتخلص من العرقيات الأخرى. أو تكون وراءها قوى دينية مخططة ومحركة لهذا الاضطهاد وذلك لتخوف هذه القوى من ارتداد أتباعها إلى ديانة أخرى تأثرًا بها أو انجذابًا إليها. فتلجأ لحكوماتها من خلف الستار لكي تطلب الحماية للدين بكتم أنفاس أصحاب ديانات أخرى تنافسها الوجود. وبما أن الدافع الديني أو النزعة الدينية تغطى عادة أكبر مساحة من رقعة المجتمع ونفسيته، فبعض الحكومات الضعيفة والعاجزة عن علاج مشاكل المجتمع تنتهز الفرصة لممارسة هذا النوع من الاضطهاد لكسب رضاء هذه المساحة الكبيرة من أفراد المجتمع من أجل بقائها في الحكم. وبعض الحكام ينسى أنه حاكم أقامه الله لرعاية شعب هذه الدولة أو تلك ليقيم العدالة بين أفراد هذا الشعب نيابة عنه دون اعتبار لأي فوارق بينهم دينية أو عرقية، وواجبه أن يقوم بدور الحاكم العام لكل شعبه وليس لعرقية أو تجمع بعينه، وأن يقوم بدور رجل الدولة وليس رجل الدين. لأن الدين مفروض فيه أنه أمر شخصي ويحمل قوته فيه. كما أنه لا يصح أن يُفرض اعتناقه بالقهر والاضطهاد بل بالترغيب والتشويق وهذا عمل رجل الدين وليس رجل الدولة. تنبه العالم للدول التي تمارس الاضطهاد: لقد علت في عصرنا الحاضر صيحات المدافعين عن حقوق الإنسان، وتنبه العالم للأقليات المضطهدَة دينيًا أو عرقيًا أو سياسيًا، وأصبح كل شيء مكشوفًا لديه مهما لجأت دولة ما إلى إخفاء اضطهادها لأي فئة من البشر. وصارت هناك ضغوط دولية علي الدول التي تمارس هذا النوع من الاضطهاد. وبغضِّ النظر عن الضغط الدولي يجب أن يستيقظ المضطهِدون لإنقاذ أنفسهم من الصورة المزرية التي يبدون بها أمام العالم وهم لا يدرون. إذ يظنون في أنفسهم أنهم وحدهم الأذكياء والعالم كله غبي وعاجز عن كشف بواطنهم. وهم غافلون أيضًا عن أن شخصية المضطهِد عريانة بكل خزيها أمام العالم. كما أنها سوف لا تسلم من مقاومة العالم لها بكل الأشكال الممكنة. الاضطهاد وتأثيره على الاقتصاد: إنَّ الدول التي تُمارس الاضطهاد تُعاني جميعها من سوء اقتصادها. لأن الاضطهاد سلوك غير أخلاقي، ومتى انهارت الأخلاق في أمة تردَّى حالها وانهار اقتصادها. كما يقول الشاعر: إنما الأُمم الأخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا ويرجع تأثير الاضطهاد على الاقتصاد في أنه يستهلك جزءًا كبيرًا من طاقة هذه الدول في الجهود التي تبذلها في رسم الخطط ووضع الأساليب التي تستخدمها في الاضطهاد، وتخصيص الأجهزة التي تُمارس التنفيذ وتشرف عليه، ثم أجهزة للمتابعة ودراسة التقارير من أجل تطوير الأساليب وتنمية الخطة المرسومة للاضطهاد من خلال القرارات والمنشورات السرية والواجبة التنفيذ بكل دقة. والساعد الأيمن في التنفيذ هو الرئاسات والقيادات والأجهزة التابعة للدولة. ثم يمتد التنفيذ من المصالح الحكومية إلى الشركات والمصانع والمؤسسات المالية والتجارية إلى أن يطول أنشطة القطاع الخاص. وتشغل قرارات ومنشورات خطة الاضطهاد أذهان جميع المسئولين في كل المواقع. وحيث أن الاضطهاد يشبع نزعة العدوان عند الإنسان ويُنَفِّسُ عن حقده وعداوته، وحيث أن سر الحقد والعدوان هو إبليس، فهو لا يهدأ إلا إذا تمم مشورته بواسطة النفوس المملوءة بهما كما يقول الكتاب: "إنهم لا يَنامُونَ إنْ لم يَفعلوا سُوءًا، ويُنْزَعُ نَوْمُهُمْ إنْ لَمْ يُسْقِطُوا أحَدًا" (أمثال 4: 16). ومنه نرى كيف يسهر المضطهدون على تتميم خططهم، وكم يفعل الحقد والضغينة في قلوبهم مستحوذًا على كل اهتمامهم من أجل إبادة الآخر. وهذا الاستحواذ ينتقل بالضرورة من عقول أصحاب السُّلطة العليا في الدولة إلى عقول الأقل فالأقل حتى يشمل أصغر المسئولين. وهكذا يصبح تيار الاضطهاد الشغل الشاغل لغالبية أصحاب النفوذ. وعوضًا عن تفرغ الواحد منهم لدراسة خطط التنمية والتطوير والتحديث وعلاج السلبيات واستثمار الإيجابيات، كلّ في موقعه، من أجل النهوض بمستوى الأداء وزيادة الإنتاج. نجد طاقتهم وجهدهم ووقتهم يتبدد في الانشغال بدراسة طرق ووسائل وأساليب اضطهاد فلان أو الفئة الفلانية. وهكذا ينزوي الانشغال ببناء اقتصاد الدولة في زحام الانشغال باضطهاد الآخر. هذا من جهة المسئولين عن التنمية. أمَّا من جهة المضطَهَدين الذين يمكن أن يكونوا اليد المُساعدة في التنمية، فقد شاءت إرادة الله أن يكونوا جزءًا من هذا المجتمع أو ذاك، ولا شك أن لهم مواهبهم وقدراتهم وإمكانياتهم العلمية والثقافية والفنية والأدبية، ويمكنهم أن يعملوا ويُنتجوا. بل أن يبتكروا ويخترعوا، ولربما يكون الله قد حباهم بفضائل وخصال حضارية نابعة من عقائدهم وثقافاتهم الموروثة. وعندما يعمد المجتمع إلى قتلهم أدبيًا وماديًا وتحطيمهم، فإنما يقتل موردًا أساسيًا من موارد الإنتاج لأن هؤلاء يُمثلون طاقات بشرية ذات خبرات ومواهب قادرة على العمل. والعقل يرى أن الحفاظ عليهم له فائدة غير قليلة لاقتصاد الدولة. ولكن روح العداوة والحقد تلغي دائمًا العقل، كما تطرح المصلحة العامة جانبًا. أمَّا عن ظاهرة الاضطهاد في حد ذاتها فهيَ تُنتج مجتمعًا تشكيلته العامة لا تخرج عن كتلتين لا ثالث لهما. وهما المضطهِد والمضطهَد أو الظالم والمظلوم أو المذنب والبريء. وهذا المجتمع الذي يستخدم الظلم والعدوان من أجل قتل وإبادة الآخر هو مجتمع خالٍ من الأمانة والحب والإخلاص ومخافة الله، وتنتشر فيه روح الشر والجريمة والحقد والكراهية والرشوة والنهب والسلب. لأن مثل هذا المجتمع يجتاح الكتلة المضطهِدة فيه شعور بأنهم هم أصحاب الملكية الحقيقية لمقدرات الدولة فيجتهدون ويتعاونون على النهب والسلب، ويقول الواحد منهم للآخر: "شيِّلني وأشيِّلك" وهو مَثَل يُقال عن الذين يتعاونون على السرقة معًا. ولا شك أن هذا المجتمع لا تطوله رحمة الله. لأن الله يتابع من سمائه أعمال البشر على الأرض ويرصد جرائم المجتمعات التي فيها يَضطهد الإنسان أخاه الإنسان ويُزهق روحه ويقتله سواء قتلًا بطيئًا أم قتلًا مباشرًا، ويحرمهم أيضًا من بركته الحقيقية التي يتمتع الإنسان فيها بالشبع والري الحقيقيين، وليس بالشبع والري المزيفيْن اللذيْن صاحبهما كمن يشرب ماءً مالحًا فيحس بالعطش الدائم ويصير في قلق مستمر، فلا ينعم براحة أو سلام مهما كال من مال أو متاع الحياة. وحيث أن مجتمع القتل والنهب لا مصير له سوى الفقر والخراب، لذلك فالدول المضطهِدة هيَ أفقر الدول وأكثرها تخلفًا. لأنها تعيش على التَّسوُّل وعلى القروض والمعونات. ولربما في تسولها تحس بغناها وهيَ في فقر مدقع. كما يقول الكتاب: "لأنَّك تقول: إنِّي أنا غَنِيٌّ وقَد اسْتَغنَيتُ، ولا حاجة لي إلى شيءٍ، ولَستَ تَعلَمُ أنكَ أنت الشَّقِيُّ والبَئِسُ وفَقِيرٌ وأعْمَى وعُريَانٌ" (رؤيا 3: 17). لذلك مهما نالت تلك الدول من معونات وقروض فإنها تظل فقيرة وعريانة، لأنها طالما تُمارس الاضطهاد وطالما عوامل الفساد تدب فيها فلا يُرجى لها خير. يُضاف إلى هذه أن الدول التي تُمارس الاضطهاد قد تتعرض لبعض العقوبات الاقتصادية بما يضر كثيرًا باقتصادها. وقد تظل هذه العقوبات مفروضة عليها طالما تمارس الاضطهاد. نخلُص من كل هذا أن الدول المضطهِدة تفقد جزءًا كبيرًا من طاقتها في تدبير الاضطهاد وتنفيذه وتطويره يومًا بعد آخر شدة وقسوة، وبه تدمر موردًا هامًا للإنتاج بقتلها وتخريبها ذلك الجزء من المجتمع الذين تضطهدهم. كما يستشري فيها الظلم والفساد فتحرم من رحمة الله وبركته. وبسبب هذه كلها ينهار اقتصادها، ومن ثم لا تجني من الاضطهاد سوى الجهل والفقر والمرض. وهيَ سمات عامة مشتركة لجميع الدول التي تُمارس الاضطهاد، وهذا ما يجب أن تتأمَّله هذه الدول لكي تعي ما تجنيه من اضطهادها لخليقة الله. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
لماذا كان وجعي دائمًا؟ |
يجب أن نكون دائمًا يقظين لكي نثبت على المبادئ المسيحية |
† الاضطهاد سر نمو وانتشار المسيحية! |
ماما لماذا تقع الكرة دائمًا على الأرض؟ |
لماذا الالم و الاضطهاد ؟ |