رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العمل الإلهي وَاللهُ مَلِكِي مُنْذُ القِدَمِ، فَاعِلُ الخَلاَصِ فِي وَسَطِ الأَرْضِ [12]. إذ يسأله المرتل عن سرعة مجيئه الأخير ليتمتع المؤمنون الحقيقيون بملكوت الله، يرى كل مؤمنٍ أن مخلصه هو ملكه، يملك على الكل، لكن له معزّة خاصة عنده، وموضع خاص في حضنه الإلهي. قدم الخلاص للبشرية كلها كما في وسط الأرض، وقدمه بصفة خاصة لكل مؤمنٍ كما لو كان الوحيد موضع اهتمام الملك المخلص. يرى القديس أغسطينوس أن السيد المسيح هو مخلص الأرض كلها، لكن يشعر المرتل في وسط الضيق كمن قد نسيه المخلص، فيصرخ إليه! * من جهة، نحن نصرخ: "لا نبي بعد، ولا بيننا من يعرف حتى متى" [ع9]، ومن الجانب الآخر. إلهنا، ملكنا هو قبل العالم. إذ هو نفسه الكلمة الذي في البدء (يو 1: 1)، به خلق العالم، "فاعل الخلاص في وسط الأرض" [ع12]... ومع هذا أصرخ كمن هو منسي... الآن قد استيقظت الأمم ونحن نغط في النوم، كمن قد نسانا الله، إننا كمن نهذي في الأحلام. القديس أغسطينوس * لقد بسط يديه على الصليب حتى يعانق العالم أجمع، إذ الجلجثة هي مركز العالم. هذا ليس من عندي، بل يقول النبي: "فاعل الخلاص في وسط الأرض" (مز 74: 12). بسط يديه البشريتين هذا الذي بيديه الروحيتين أوجد السماء. وسُمرتا بالمسامير، حاملًا آثام البشر، حتى إذ سُمر على خشبة مات، فيموت الإثم لنقوم في برّ. "لأنه بإنسانٍ واحدٍ دخل الموت، وهكذا بإنسانٍ واحدٍ تكون الحياة" (رو 5: 12، 17)، بإنسانٍ واحد - المخلص - مات بإرادته. لعلك تذكر ما قاله: "لي سلطان أن أضع نفسي، ولي سلطان أن آخذها" (يو 10: 18) . القديس كيرلس الأورشليميأَنْتَ شَقَقْتَ البَحْرَ بِقُوَّتِكَ. كَسَرْتَ رُؤُوسَ التَنَانِينِ عَلَى المِيَاهِ [13]. يتكرر ذكر "التنين" في سفر الرؤيا ثلاث عشرة مرة، يظهر فيها أنه يعني "إبليس". كالقول: "فطُرح التنين العظيم، الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان، الذي يُضل العالم كله" (رؤ 12: 9). كما قيل: "فقبض على التنين، الحية القديمة الذي هو إبليس والشيطان، وقيَّده ألف سنة" (رؤ 20: 2). دُعي "التنين الأحمر العظيم" (رؤ 12: 3)، لأنه سافك الدماء. في رسالته لأوشينوس Oceanus كتب القديس جيروم عن بركات المعمودية التي تُحطم قوى إبليس، وعن بركات المياه، جاء فيها: [كان روح الله يرف عاليًا، كسائق مركبة، فوق وجه المياه (تك 1: 2)، وأخرج منها (الأرض الخاوية والخالية) عالمًا طفلًا the infant world ، رمزًا للطفل المسيحي الخارج من جرن المعمودية. تكوَّن الجلد بين السماء والأرض، وخصص له اسم "سماء"، وفي العبرية شمايم أو "الخارجة من المياه" وانفصلت المياه التي فوق السماوات عن غيرها لمدح الله. لذلك أيضًا في رؤيا النبي حزقيال نرى فوق الشاروبيم منظر البلور منتشرًا (حز 1: 32)، وهو عبارة عن مياه مضغوطة وكثيفة. والكائنات الأولى خرجت من المياه. والمؤمنون يحلقون خارجين من الجرن بأجنحة ترتفع إلى السماء. خُلق الإنسان من الطين (تك 2: 7)، وأمسك الله بالمياه السرية في جوف يده. في عدن غُرست جنة، وينبوع في وسطها له أربعة رؤوس (تك 2: 8، 10). هذا هو ذات الينبوع الذي وصفه عن الهيكل، ويفيض نحو شروق الشمس حتى يشفي المياه المرّة، ويحيي الموتى (حز 47: 1، 8). عندما سقط العالم في الخطية، لم يكن سوى طوفان المياه القادر أن يغسله مرة أخرى... إذ أُكره فرعون وجيشه على ترك شعب الله أن يخرج من مصر، غرقوا في البحر الأحمر كرمز لمعموديتنا.] * لم يعتمد (السيد المسيح) لأنه كان في حاجة إلى تطهير، إنما اعتمد لكي يجعل تطهيري تطهيره؛ كي يحطم رؤوس التنانين في المياه (مز 74: 13)، يغسل الخطية ويدفن كل ما لآدم القديم، معلنًا سرّ الثالوث، ويصير لنا نموذجًا ومثالًا لقبول المعمودية . الأب يوحنا الدمشقي * التنين الذي هو عظيم وأحمر وماكر ومتشعب الجوانب وله سبعة رؤوس وقرون، ويجر ثلث النجوم إلى أسفل، ويقف مستعدًا ليلتهم طفل المرأة التي تلد (رؤ 12)، هو الشيطان الذي يتربص ليُحطم ذهن المعمَّدين الذين يقبلون المسيح، وصورة الكلمة وملامحه الواضحة التي تتجلي فيهم. لكنه يفشل في اقتناص فريسته التي تتجدد وتصعد إلى عرش الله . الأب ميثوديوس * ليتنا لا نخجل من الاعتراف بالمصلوب. لنرسم علامة الصليب ختمنا بشجاعة، بأصابعنا على جباهنا وعلى كل شيءٍ: على الخبز الذي نأكله، وعلى الكأس التي نشربها، في دخولنا وفي خروجنا، قبل النوم وعندما نركض وعندما نستيقظ، في الطريق وحيثما حللنا. عظيم هو هذا الفعّال. هو مجانًا من أجل الفقراء، يتم بغير عناء من أجل المرضى. إنه علامة المؤمنين، ورعب الشياطين، إذ غلبهم ظافرا بهم جهارًا (كو 2: 15). لأنهم إذ يرون الصليب يتذكرون المصلوب، فيرتعبون من ذاك الذي كسر رؤوس التنانين (مز 74: 13) . القديس كيرلس الأورشليمي* جاء في أيوب أنه كان في المياه الوحش الذي "اندفق الأردن في فمه" (أي 40: 23)، وكان يلزم تحطيم رؤوسه (مز 74: 14)، لهذا نزل (السيد) وربط القوي في المياه، حتى نال قوة فيها، إذ يكون لنا سلطان أن ندوس على الحيات والعقارب (لو 10: 19). كان الوحش عظيمًا ومرعبًا، لا يقدر أي قارب صيد أن يقاوم ضربة واحدة من ذيله[14]، ثائرًا على كل من يلتقي به. لقد نزل "الحياة" إليه ليلتقي معه، فيسد فم الموت هناك، عندئذ إذ نخلص نقول: "أين شوكتك يا موت؟! أين غلبتك يا قبر؟!" (راجع 1 كو 10: 55) لقد نُزعت شوكة الموت بالعماد . القديس كيرلس الأورشليمي* رأت الذئاب السحب, والمطر والإعصار. نادت بعضها بعض، وهجموا كالضواري، تهيجوا. مُحدقين بهم تمامًا، كانوا جميعهم مملوئين غيظًا. وأحاطوا بالقطيع المبارك. لكن الصولجان الذي أبهجهم انكسر، وقادهم للندم. قصبه مرضوضة كانت هي دعامة اليد اليسرى (إش 36: 6). فارتدوا إلى كهوفهم, المظلمة والعتيقة (البدائية). خافوا أن يكونوا قد تعرُّوا، فلبسوا مرة أخرى من عرائهم. والخليقة التي كانت مكتئبة، أشرقت وتهللت، لكن المتمردين قد ديسوا. ورؤوس الحوت الضخم قد دُمرت في وسط البحر (مز 74: 13-14)، وتفتت ذيله الزاحف في وسط الأرض الجافة. القديس مار أفرام السرياني أَنْتَ رَضَضْتَ رُؤُوسَ لَوِيَاثَانَ. جَعَلْتَهُ طَعَامًا لِلشَعْبِ لأَهْلِ البَرِّيَّةِ [14]. يوضح الأب ثيؤدور كيف يتحرر المعمدون من سلطان إبليس ليدخلوا في ميثاق مع الله كأولاد له، متمتعين بالحرية. وتحدث القديس كيرلس الأورشليمي عن عطية المعمودية كتحريرٍ من سلطان إبليس، الوحش الساكن في أعماق المياه، قائلًا: [جاء في أيوب أنه كان في المياه الوحش الذي "اندفق الأردن في فمه" (أي 40: 23)، وكان يجب تحطيم رؤوسه (مز 74: 14). لهذا نزل (السيد) وربط القوي في المياه حتى ننال فيها القوة، إذ يكون لنا السلطان أن ندوس على الحيات والعقارب (لو 10: 19). كان الوحش عظيمًا ومرعبًا، "لا يقدر إناء سميك أن يحتمل حرشفة واحدة من ذيله" (أي 41: 7 LXX )، ثائرًا ضد كل من يلتقي به. لقد نزل "الحياة" إليه ليلتقي معه فيسد هناك فم الموت، وعندئذ نخلص نحن، قائلين: أين شوكتك يا موت؟! أين غلبتك يا قبر؟! (1 كو 10: 55). لقد نزعت شوكة الموت بالمعمودية! ها أنتم تدخلون المياه حاملين خطاياكم، وبابتهال النعمة إذ نختم نفوسكم، لا يعود يبتلعكم الوحش المرعب ] يرى العلامة أوريجينوسأن الشعب اليهودي تمتع بثلاثة أنواع من الطعام: الأول عند خروجهم من مصر حيث أخذوا المعاجن وبها العجين في ثيابهم، وذلك للأكل لفترة قصيرة (خر 12: 34). والثاني أمطر عليهم المن اليومي في البرية (مز 74: 14). والثالث حين توقف إنزال المن وبدأوا يأكلون من ثمار أرض الموعد (يش 5: 11-12). الطعام الأول هو التعليم البسيط الذي نتقبله عند خروجنا من عدم الإيمان، وهو طعام مؤقت. والثاني هو دخولنا إلى أعماق الناموس الإلهي، كالمن النازل من السماء. أما الثالث فهو طعامنا حين نرى مسيحنا وجهًا لوجه في الأبدية. هناك نتمتع بما لم تره عين، ولم تسمع به إذن، وما لم يخطر على بال إنسانٍ ما أعده الله للذين يحبونه (1 كو 2: 9). * كان الإنسان يميل إلى أسفل، لا يتغذى إلا بالخطية، وهكذا يصف الروح القدس الخطاة ويتكلم عن غذائهم، وذلك حينما يشير إلى الشيطان قائلًا عنه: "جعلته طعامًا.." (مز 74: 14) فالشيطان هو طعام الخطاة! وإذ ربنا ومخلصنا هو الخبز السماوي، لهذا فهو غذاء القديسين، لهذا قال: "إن لم تأكلوا جسدي وتشربوا دمي.." (يو 6: 53). بينما الشيطان هو غذاء الدنسين، الذين لا يصنعون أعمال النور، بل أعمال الظلمة. ولكي يجذبهم الله، ويردهم عن شرورهم، يوصيهم أن يقتاتوا بالفضيلة، خاصة تواضع العقل، والمسكنة، واحتمال الإهانات، والشكر لله . البابا أثناسيوس الرسولي * تأمرنا الوصية أن نشترك في (الحمل) في بيتٍ واحدٍ فقط، لئلا نظن أن الحمل يُمكن أن يُقدم خارج الكنيسة. واضح من هذا أن اليهود والهراطقة وكل الاجتماعات الخاصة بالتعاليم المنحرفة، إذ لا يأكلون الحمل في الكنيسة، لا يأكلون لحم الحمل، بل لحم التنين. القديس جيروم * نحن نعلم أنك تدبر العالم بسياسة ملوكية يا الله. قبل الدهور وقديمًا صنعت لنا خلاصًا في وسط الأرض، أعني جهارًا وعلانية بين الناس كلها. ذلك عندما يبست البحر الأحمر، وأجزت شعبك، وسحقت رؤوس وقواد المصريين المتمردين مثل تنانين في مياه البحر. وفرعون التنين الكبير رضضت رأسه، أي مُلكه... نقول أن ابن الله هو إله وملك قبل كل الدهور، مساوٍ للآب والروح القدس في الأزلية والجوهر، لما تجسد في ملء الزمان صنع الخلاص لجميع العالم بأورشليم التي يقال أنها وسط الأرض. أيضًا تدعى حياة البشر بحرًا لكون أمورها كثيرة التموج والاضطراب. وقد سكَّن الله أمواجها وملاطمتها بقوة. أما التنانين فهي الأرواح الشريرة والقوات المضادة، ورؤوسها هي رؤساؤهم، أو تكون من رؤوسها السحر والعرافة والعيافة وعبادة الأصنام وما شاكلها. هذه التنانين كانت تقلق وتحرك بحر العالم برؤوسها المذكورة. وقد رضضها ربنا يسوع المسيح بالمياه، أعني عندما اعتمد في الأردن، ومنحنا موهبة الاصطباغ بالمياه. وأما التنين الكبير الذي دبّ ودخل في الفردوس وخدع أجدادنا، فذاك أيضًا رضض رأسه وأماته... الذين بعدما آمنوا اصطبغوا بمياه المعمودية نالوا سلطانًا وقوة أن ينزعوا لحم التنين القديم أي شره، ويرضوا رأسه يبيدوه. الأب أنثيموس الأورشليمي أَنْتَ فَجَّرْتَ عَيْنًا وَسَيْلًا. أَنْتَ يَبَّسْتَ أنهارًا دَائِمَةَ الجَرَيَانِ [15]. إن كان السيد المسيح قد كسَّر بعماده رؤوس التنانين على المياه [13]، ففي سلطانه أن يجفف الأنهار، كما فعل حين شقّ طريقًا لشعبه في بحر سوف وأيضًا في نهر الأردن. وفي سلطانه أن يفجرّ ينابيع مياه من الصخور كما حدث بعصا موسى التي دُعيت أيضًا عصا الله. يرى القديس أغسطينوس أن الله يخرج من الأمم غير المؤمنين، الذين كانوا كالحجارة ينابيع مياه الحكمة والغنى الروحي. * "أنت فجرت عيونًا (ينابيع) وسيولًا" [ع15]، لكي ما يفيض بمجرى الحكمة، وغنى الإيمان، وتتحول ملوحة مياه الأمم غير المؤمنين إلى عذوبة الإيمان بمياههم... تصير كلمة الله في بعض الناس بئر مياه ينبع إلى حياة أبدية (يو 4: 14). وآخرون إذ يسمعون الكلمة ولا يحفظونها بالحياة الصالحة، وفي نفس الوقت لا يبكمون ألسنتهم يصيرون سيولًا. يليق بهم أن يُدعوا سيولًا لأنهم غير دائمين... الينابيع تفيض دومًا، والسيول تجري (وتنتهي) . القديس أغسطينوس يرى القديس أغسطينوس أن إبليس وقد جعل من المياه مسكنًا له، فإن السيد المسيح ييبس الأنهار التي يسكنها العدو ليحطمه في بيته، أو كما يقول السيد نفسه: "أم كيف يستطيع أحد أن يدخل بيت القوي وينهب أمتعته، إن لم يربط القوي أولًا" (مت 12: 29). كما يقول: إن السيد يجفف أنهار الأمم الوثنية أي تعاليمهم الخاطئة حتى تفيض عقولهم بإنجيل الحق. يقدم لنا الأب أنثيموس الأورشليمي الآراء التالية: 1. تشير العيون والأودية إلى المياه التي انفجرت من الصخرة في البرية، وارتوى منها شعب إسرائيل، وأنهار إيثام (كما جاءت في الترجمة السبعينية) هي أنهار تصب في نهر الأردن. 2. إيثام تشير إلى غابات كثيفة بأشجارها وغزيرة بمياهها، كان يذهب سليمان الملك ليتصيد، ويرى يوسيفوس المؤرخ أنه إذ غضب الله على اليهود يبست المياه هناك. 3. إيثام معناها دم، فقد أزال الله دم ذبائح الأصنام عن شعبه. 4. المعنى الرمزي للعبارة]إن أقوال الأنبياء كانت ينابيع وأودية جارية تشفي قلوب اليهود وترطبها، لكن لأجل نفاقهم يبَّسها ومنعها عنهم. ومثل أنهار إيثام نزع منافعةا عنهم. أما الأمم الذين كانوا قبلًا برية قفرة عديمة الماء فقد فجَّر منهم مياه مواهبه الإلهية كأنهار جارية[. إذ نلجأ إلى الله يحول حياتنا إلى أودية تفيض فيها ينابيع مواهب الروح القدس، فنجمل ثماره، ونصير جنه مقدسة للرب، لا تقدر أنهار ضلالة إبليس أن متسلل إلينا. لَكَ النَهَارُ وَلَكَ أَيْضًا اللَيْلُ. أَنْتَ هَيَّأْتَ النُورَ وَالشَمْسَ [16]. يرى القديس أغسطينوس أن السيد المسيح يشتاق إلى خلاص الجميع؛ يعمل في الذين استناروا به، ويطلب أن يعمل حتى في أبناء الليل ليحوِّل ظلمتهم إلى نور. * "لك النهار". من هم هؤلاء؟ أنهم الروحيون. "ولك الليل". من هم هؤلاء أنهم الجسدانيون. "أنت كمّلت الشمس والقمر"؛ الشمس هم الروحيون، والقمر هم الجسدانيون. إنه لا ينسى الجسداني، بل يريد أن يجعله كاملًا. الشمس كما لو كانت الإنسان الحكيم، هذا الذي أنت لا تنساه. مكتوب: "الإنسان الحكيم يثبت مثل الشمس، والغبي مثل القمر يتغير" (سي 27: 11)... يقول الرسول: "إني مديون للحكماء والجهلاء" (رو 1: 14) . القديس أغسطينوس * بعد أن عدد النبي أنواع إحسانات الله إلى اليهود، يورد إحساناته إلى جميع الخلائق. الأب أنثيموس الأورشليمي * سأل أخٌ أحد الآباء قائلًا: "إذا حدث أن غلبني النوم وفاتني وقت الصلاة ثم انتبهتُ، وبسبب حزني لم تنبسط نفسي للصلاة، فماذا أفعل؟" فقال له الشيخ: "حتى لو غلبك النوم إلى الصباح، فقُمْ وأغلق بابك، وتمِّم قانونك، فالنبي داود يقول مخاطبًا الله: "لك النهار ولك أيضًا الليل" (مز 74: 16). إنّ إلهنا لكثرة جوده ورحمته في أي وقت دُعيَ استجاب". فردوس الآباء أَنْتَ نَصَبْتَ كُلَّ تُخُومِ الأَرْضِ. الصَيْفَ وَالشِتَاءَ أَنْتَ خَلَقْتَهُمَا [17]. الله يعرف حجم الأرض بكل دقة وشكلها، وحجم اليابس ومياه المحيطات والبحار والأنهار، وحدود كل دولة وأمة، فهو القدير المهتم بكل دقائق الأرض وسكانها. حتى الأزمنة كالصيف والشتاء في يديه. هو خالق كل الطبيعة وأب كل الأمم. "حين قسَّم العلي للأمم حين فرَّق بني آدم نصب تخومًا لشعوب حسب عدَّد بني إسرائيل" (تث 32: 8). "للرب الأرض وملؤها. المسكونة وكل الساكنين فيها. لأنه على البحار أسسها، وعلى الأنهار ثبتها" (مز 24: 1-2). "وصنع من دمٍ واحدٍ كل أمة من الناس يسكنون على كل وجه الأرض، وحتم بالأوقات المعينة وبحدود مسكنهم" (أع 17: 26). * ما أجمل أن يصف خالق الربيع حُسن هذا الفصل. يقول داود: "أنت نصبت كل تُخُوم الأرض، الصيف والشتاء أنت خلقتهما" (مز 74: 17). هو الذي أزاح كآبة الشتاء، وأعلن أن الأمطار التي أرهقتنا قد مضت. ثم أشار إلى أن الحقول قد أينعت وازدانت بالزهور. وأن الزهور تفتحت وجاهزة لمن يقطفها ليعمل منها مجموعات للزينة أو لتجهيزها لاستخلاص العطور. إن صدى الصوت يجعل الفصل ممتعًا، ويتردد غناء الطيور في بساتين الفاكهة، ويصل صدى صوت اليمامة الشجي إلى آذاننا. ويتكلم العريس أيضًا عن شجرة التين والكرم التي يُنبئ مظهرها الحاضر بالفرح بما ستنتجه في المستقبل القريب. فيظهر التين الصغير وغيره على الفروع الملساء وكلاهما يمتع حاسة شمنا بالرائحة الزكية. وهكذا يُظهر الكتاب المقدس مقدار الفرح في وصفه لصورة الربيع الغنية. أنه يضع الكآبة جانبًا، فنتمتع بجمال الوصف. إنني اعتقد أنه بالإضافة إلى ذلك، يلزم لنا ألاَّ نتوقف عن وصف هذه الأشياء التي تُدخل السرور إلى النفس. وبالأحرى يجب أن تقودنا هذه إلى الأسرار التي تتضح من خلال هذه الكلمات حتى نكشف ما تخفيه من كنوز . القديس غريغوريوس أسقف نيصص |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
كمال العمل الإلهي في الإشباع حتى الفيض |
العمل الإلهي المستمر |
العمل الإلهي والرياح المضادة |
العمل الإلهي-البشري |
النعمة – هي العمل الظاهري للتأثير الإلهي |