مزمور 119 (118 في الأجبية) - قطعة م - تفسير سفر المزامير
قطعة (م) الوصية لذيذة وتعطي للإنسان حكمة
آية (97): "كم أحببت شريعتك. اليوم كله هي لهجي."
كَمْ أَحْبَبْتُ شَرِيعَتَكَ = "محبوب هو إسمك يا رب" (سبعينية). بولس الرسول يعلمنا "صلوابلا إنقطاع" (1تي17:5) ويعلمنا الأباء أن نردد صلاة يسوع "يا ربي يسوع المسيحارحمني أنا الخاطئ" طول النهار ، أو نلهج في آيات من الكتاب المقدس نتأمل فيها ونرددها كل اليوم. وهذا يلهب القلب بحب الله إذ أن كلام الله ينقى (يو15 : 3) فنرى الله ونعاينه فنحبه. على أن إكتشاف لذة شريعة الله لا يأتي فقط من ترديدها، بل حينما ينفذها الإنسان فيكتشف قوتها وحلاوتها.
آية (98): "وصيتك جعلتني احكم من أعدائي لأنها إلى الدهر هي لي."
كل من يحفظ الوصية يصير حكيمًا. يعطيه الله حكمة في كل تصرفاته. وقوله أعدائي= أي أعداء الله الذين يرفضونه ويرفضون وصاياه ويعادون أولاده.
آية (99): "اكثر من كل معلّميّ تعقلت لأن شهاداتك هي لهجي."
هنا يقارن المرنم بين من تعلَّم على يد معلم، ومن يتعلم على يد الله. فشاول الطرسوسي تعلَّم على يد غمالائيل وكان أصغر منه، ولكن حين ظهر الله له وتعلم من الله، صار بولس معلمًا لكل العالم.
آية (100): "اكثر من الشيوخ فطنت لأني حفظت وصاياك."
من يتعلم من الله ووصاياه تصير له حكمة الشيوخ بل أكثر. فوصايا الله تحوي في داخلها حكمة، يحتاج الشيخ عشرات السنين ليكتشفها، بل هو اكتشفها بعد عدة آلام مرت في حياته. فمن اختبر أن النار تحرق، هو سبق وتألَّم من عذابات هذه النار. ولكن من ينفذ الوصية سيسمع قول الله لا تقرب من النار (الخطية) حتى لا تحترق فلو نفذ لحصل على الحكمة التي وصل لها الشيوخ بعد آلام عديدة.
الآيات (101، 102): "من كل طريق شر منعت رجلي لكي احفظ كلامك.عن أحكامك لم أمل لأنك أنت علّمتني."
هنا نرى المرنم يختبر حلاوة الوصية بأنه ينفذها عملياً، وهذا ما يسمى "الإنجيل المعاش".
الآيات (103، 104): "ما أحلى قولك لحنكي أحلى من العسل لفمي. من وصاياك أتفطن. لذلك أبغضت كل طريق كذب."
من تتحول الوصية عنده لحياة معاشة يختبر حلاوتها وهكذا قال كثيرين (رؤ9:10، 10 + حز3:3 + أر16:15). ومعنى الأكل، أن الوصية لا تكون للكلام والمناقشات والتعليم، بل للحياة بها كما يتحول الطعام لطاقة نحيا بها ونسير بها. من وصاياك أتفطن = بها ندرك مقاصد الله من نحونا ومحبته لنا، وأنه حين يمنع خطية ما عنا قائلًا لا تفعل هذا أو ذاك، فإن هذا يكون لفائدتنا، وحينما انفتحت عينا المرنم وعرف مقاصد الله قال = لذلك أبغضت كل طريق كذب.