رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما وراء عبادة الأصنام في الأصحاح السابق كشف الحكيم عن غباوة الوثنيين، سواء بعبادتهم للطبيعة الجميلة المملوءة إبداعًا أو عناصرها، أو عبادة تماثيل هي من صنع الإنسان. وسخر الكاتب من الإنسان الذي لا يستخدم عقله ليطلب الخالق لا المخلوقات. والذي يطلب من قطعة خشبة ميتة عاجزة عن الحركة، وتحتاج إلى من يحفظها ويصونها، لكي ما تسنده وترشده وتقوده. الآن يكمل الحكيم حديثه بتقديم مقارنة بين السفينة الخشبية والصنم الخشبي، حيث في غباوة يطلب من الصنم الضعيف أن يحمي السفينة. ويحلل الكاتب ما وراء الأصنام وعلة ظهور العبادة الوثنية، كما يكشف عن دور الوثنية في تضليل البشر السفينة أم الصنم الخشبي؟ 1 وَآخَرُ، قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَ الْبَحْرَ، وَيَسِيرَ عَلَى الأَمْوَاجِ الْمُعَرْبِدَةِ، يَسْتَغِيثُ بِخَشَبٍ هُوَ أَقْصَفُ مِنَ الْمَرْكَبِ الَّذِي يَحْمِلُهُ. 2 لأَنَّ الْمَرْكَبَ اخْتَرَعَهُ حُبُّ الْكَسْبِ، وَصَنَعْتَهُ الْحِكْمَةُ الْمُهَنْدِسَةُ، 3 لكِنَّ عِنَايَتَكَ أَيُّهَا الأَبُ هِيَ الَّتِي تُدَبِّرُهُ، لأَنَّكَ أَنْتَ الَّذِي فَتَحْتَ فِي الْبَحْرِ طَرِيقًا، وَفِي الأَمْوَاجِ مَسْلَكًا آمِنَّا، 4 وَبَيَّنْتَ أَنَّكَ قَادِرٌ أَنْ تُخَلِّصَ مِنْ كُلِّ خَطَرٍ، وَلَوْ رَكِبَ الْبَحْرَ مَنْ يَجْهَلُ صِنَاعَتَهُ. 5 وَأَنْتَ تُحِبُّ أَنْ لاَ تَكُونَ أَعْمَالُ حِكْمَتِكَ بَاطِلَةً؛ فَلِذلِكَ يُودِعُ النَّاسُ أَنْفُسَهُمْ خَشَبًا صَغِيرًا؛ وَيَقْطَعُونَ اللُّجَّةَ فِي سَفِينَةٍ وَيَخْلُصُونَ. 6 وَفِي الْبَدْءِ أَيْضًا حِينَ هَلَكَ الْجَبَابِرَةُ الْمُتَكَبِّرُونَ، الْتَجَأَ رَجَاءُ الْعَالَمِ إِلَى سَفِينَةٍ، وَأَرْشَدَتْهُ يَدُكَ فَأَبْقَى لِلدَّهْرِ ذُرِّيَّةً تَتَوَالَدُ. 7 فَالْخَشَبُ الَّذِي بِهِ يَحْصُلُ الْبِرُّ هُوَ مُبَارَكٌ، 8 أَمَّا الْخَشَبُ الْمَصْنُوعُ صَنَمًا فَمَلْعُونٌ هُوَ وَصَانِعُهُ. أَمَّا هذَا فَلأَنَّهُ عَمِلَهُ، وَأَمَّا ذَاكَ فَلأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ فَاسِدًا سُمِّيَ إِلهًا. 9 فَإِنَّ اللهَ يُبْغِضُ الْمُنَافِقَ وَنِفَاقَهُ عَلَى السَّوَاءِ، 10 فَيُصِيبُ الْعِقَابُ الْمَصْنُوعَ وَالصَّانِعَ. 11 لِذلِكَ سَتُفْتَقَدُ أَصْنَامُ الأُمَمِ أَيْضًا، لأَنَّهَا صَارَتْ فِي خَلْقِ اللهِ رِجْسًا، وَمَعْثَرَةً لِنُفُوسِ النَّاسِ، وَفَخًّا لأَقْدَامِ الْجُهَّالِ، يتحدث الحكيم هنا عن الذين يبدعون في صناعة السفن، ثم يثبتون تمثالًا خشبيًا للإله في مقدمة السفينة أو مؤخرتها، ظانين أنه قادر أن يحمي السفينة، مقدمين له ذبائح يومية. يشير سفر الأعمال (أع 28: 11) إلى مثل هذا الأمر حيث يذكر سفينة إسكندرانية تتسم بعلامة الجوزاء أو الأخوين، يُنظر إليها أنهما ابنا الإله زيوس اليوناني كاستور وبولكس. كان الفلاحون يضعون صورتهما على سفنهم كإلهين يحفظان السفن من الغرق. لقد وهب الله الإنسان المهارة لصنع السفن بحكمة، وذلك كما أعطى هذه المهارة للذين عملوا خيمة الاجتماع (خر 31: 3؛ 35: 31، 36؛ حك 8: 6). لكن الله هو الذي يحفظ السفينة ، إذ حكمة الله هي التي تقود العالم في البر والبحر والجو والفضاء. |
|