|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هُوَذَا كُلُّ هَذِهِ يَفْعَلُهَا اللهُ مَرَّتَيْنِ وَثَلاَثًا بِالإِنْسَانِ [29]. يترجم البعض "مرتين وثلاثًا" "مرات كثيرة"، إذ تعني لا يتوقف الله عن أن يعمل من أجل خلاص مرة ومرتين وثلاثًا وبكل الوسائل حتى يجتذب الأشرار إلى الخلاص، يتمتعون بالنبوة له، وينعمون ببره وقداسته وسماواته. أولًا يفيض بالخيرات لعل الإنسان يتلامس مع حب العاطي، فإن لم يرجع إلى الله يستخدم الإلهامات الإلهية سواء خلال الأحلام أو الرؤى أو الوحي الإلهي، فإن لم يرجع يستخدم الأحزان والضيقات لكي يعيد النظر في حياته ويدرك حقيقة موقفه. * "هوذا كل هذه يفعلها الله ثلاثًا بكل إنسانٍ" [29]... إن لاحظنا بعناية، فسنجد أنه توجد ثلاث مراحل للحزن والفرح الواحدة تتبع الأخرى، في هدايته، وفي تجربته، وفي موته. ففي المناسبة الأولى لهدايته... يكون حزن الإنسان عظيمًا، وذلك لأنه يضع في حسبانه خطاياه، ويرغب في نزع قيود الاهتمامات العالمية بقوة، والسير في طريق الله طول فترة هدايته. يود أن يزيل ثقل الاضطرابات الزمنية الثقيلة، ليحمل نير الرب الهين. في عبودية تحمل حرية... ولكن يأتي عند ذلك ألم القلب واضطرابه، إذ يدعو الروح من جانب، ويدعوه الجسد من الجانب المخالف... بحق ويقال عن هذا الإنسان المتمرر: "فتكره حياته خبزه وتقترب نفسه من الفساد، وحياته إلى المميتين" (راجع 2، 22) لكن النعمة الإلهية لا تسمح لنا أن نتعرض لهذه المصاعب لمدة طويلة. فإنها تحل قيود خطايانا وتقودنا بسرعة إلى تعزيات حرية حياتنا الجديدة. الفرح الذي يتبعها ينزع الحزن السابق. وهكذا فإن عقل الذي يهتدي بفرح كثيرًا جدًا أكثر مما يشتهي... ولئلا يظن الإنسان أنه قديس، فإنه في الحال عند اهتدائه... يسمح له بتدبير الله أن يعاني من هجمات التجارب باهتدائه يعبر البحر الأحمر، لكن الأعداء يستمرون في مقاومته في برية هذه الحياة الحاضرة. لقد تركنا خطايانا الماضية خلفنا، إذ مات المصريون على الشاطئ، لكن الرذائل المدمرة لا تزال تهاجمنا كأعداء جدد لتعوق طريقنا الذي به ندخل أرض الموعد... عدونا أكثر غيرة على غلبتنا مادمنا نحن في هذه الحياة، كلما أدرك أننا متمردون عليه. لا يهتم أنه يلطم الذين يدرك أنهم في ملكيته. إنما هو في حالة هياج أشد ضدنا، إذ أُستبعد من قلوبنا كما من حقه أن يمتلكنا مسكنًا له... بالحق توجد ثلاث مراحل للمهتدين: البداية، المنتصف، النهاية. في البداية يختبرون سحر العذوبة، وفي منتصف الوقت مقاومة التجارب، وأما في النهاية ففيض الكمال... بعد عبور هاتين المرحلتين من الاهتداء والامتحان في حزن وفرح تبقى المرحلة الثالثة، التي لا يزال يخشى أحزانها، لكنه ينال مسراتها... يقول داود: "لا تدخل في المحاكمة مع عبدك، فإنه لن يتبرر إنسان أمامك" (مز 143: 2). ويقول بولس بعد ذلك: "فإني لست أشعر بشيءٍ في ذاتي، لكنني لست بذلك مبررًا" (1 كو 4: 4). يقول يعقوب: "لأننا في أشياء كثيرة نعثر جميعًا" (يع 3: 2) ويقول يوحنا: "إن قلنا إنه ليس لنا خطية نضل أنفسنا، وليس الحق فينا" (1يو 1: 8) البابا غريغوريوس (الكبير) |
|