رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
لقد كان طريق المسيح مليئاً بالأشواك، وما أقل الورود التى صادفته فى رحلة حياته. فقد عاش هنا كرجل أوجاع ومختبر الحزن. ولكن وإن بدا المشهد العام قاتماً هكذا؛ إلا أنه لا يخلو من ابتسامات حلوة وعواطف صادقة من قلوب أحبته بإخلاص، وكانت بمثابة سوسنة بىن الأشواك. وكان هذا تعوىضاً له عن كل الجحود الذى لاقاه. وفى مقدمة هذه الشخصيات نجد مريم أخت لعازر من بيت عنيا (ىوحنا12: 1-8). كانت مريم تحب الرب وتقدر كلامه. فجلست عند قدميه لا لتشكو متاعبها بل لتسمع كلامه. وقد امتدحها الرب قائلاً : «اختارت مريم النصىب الصالح الذى لن يُنزع منها». وعندما مات لعازر أخوها، ذهب يسوع إلى بيت عنيا وأقامه من الأموات. وبعد هذا، وقبل الفصح الأخير بستة أيام، أى قبيل الصليب مباشرة، أتى يسوع إلى بيت عنيا، فصنعوا له هناك عشاءً، تكرىماً له. وكان الكل فى شعور عميق بفضل الرب عليهم. وهناك كانت مرثا تخدم وكان لعازر أحد المتكئين معه. فأخذت مرىم قارورة من أفضل وأغلى أنواع الأطياب(العطور) وسكبته على جسد الرب، فامتلأ البيت من الرائحة العطرة (يوحنا 12: 1-3). لقد استطاعت مريم أن تفهم أعمق الحقائق من خلال جلوسها عند قدمي الرب. فعرفت أن الرب لابد أن يذهب إلى الصليب ويموت، وأنه سيقوم فى اليوم الثالث، وخلال هذه الفترة فى القبر فإن جسده الكريم لن يرى فساداً. وكانت قد أعدت الطيب لأجل تكفين جسده. ولكنها إذ أدركت أنه سيقوم ولا يحتاج إلى حنوط، فقد كسرت القارورة وسكبت الطىب عليه قبل أن يذهب إلى الصليب. إنه تعبير عن كل الحب والوفاء والتقدير والولاء لشخص الرب الغالى. وقد شبع الرب بهذا العمل وبتلك العواطف الصادقة إذ رأى فى الطْيب المسكوب المحبة والتكرىس والإعزاز لشخصه. وكم أنعش نفسه هذا العمل بينما كان الصليب مرتسماً أمامه. وكان عملها هذا بمثابة مياه باردة تُقدم لمسافر أعيته رمال الصحراء. وقد عبَّر الرب عن سروره ورضاه بهذا العمل قائلاً: «إنها عملت بى عملاً حسناً»، «عملت ما عندها، قد سبقت ودهنت بالطيب جسدى للتكفين؛ الحق أقول لكم حيثما يُكرَز بهذا الإنجيل فى كل العالم يُخبر بما فعلته هذه تذكاراً لها» (مرقس 14: 6-9). إن الرب يتجاوب مع أقل عاطفة صادقة وأقل بادرة تكريسية نحوه. إنه يقدر كل تضحية من أجله، وكأس ماء بارد باسمه لن يضىع أجره. كان الرب يعرف إمكانيات مرىم المحدودة، وإن هذا الطيب الذى قُدِّر بثلاثمائة دينار يمثل كل ما عندها. لقد أعطت الكل؛ والرب قد قَدَّر ذلك كل التقدير. تماماً مثلما فعلت الارملة الفقىرة يوم ذهبت إلى الهيكل فى نهاية حياة الرب على الأرض، وألقت فى الخزانة فلسىن فقط. والرب رأى وامتدحها قائلاً إنها قد ألقت أكثر من الجميع لأن الأغنياء أعطوا من فضالتهم، وأما هذه فمن أعوازها ألقت كل ما عندها (مرقس 12: 44). هل نحن نعطى الكل؟ أم نعطى الفضالة للرب؟ هل هناك ما هو أفضل نستطيع أن نعمله لأجله؟ وهل نستطيع أن نقول مع المرنم عملياً لا بالكلام «ولأجلك كل تضحية تهون». لقد تذمر التلاميذ بزعامة يهوذا إذ اعتبروا هذا إتلافاً، لأن يهوذا لم يقدر الرب بأكثر من ثلاثين من الفضة. أما مريم فلم تقدره بثلاثمائة دينار بل أن هذا المبلغ كان يمثل كل ما عندها. إنها بنظرة الإيمان والحب رأته يستحق الكل رغم أنه مرفوض من العالم. وفى وقت رَفْضِهِ فعلت ذلك. سيأتى يوم يملك فيه المسيح على الأرض ويتمجد بالقوة، وسوف يُكرَم من الجميع عندما يعتلي عرشه؛ لكن مريم سبقت وقدمت له الإكرام فى زمن رفضه. وحاشا أن الرب يتجاهل عواطف قديسىه. إنه يرى الصغيرة والكبيرة، ويرى الدوافع المخلصة وراء كل عمل يُعمل لأجله. ولا شك أنه ىيسَرُّ ويفرح ويتجاوب بابتسامة رضى وارتياح مع كل وفاء وإخلاص. وبذات القدر فإنه يتألم ويحزن عندما يرى ضعف التقدير وفتور المحبة من نحوه من جانب الذين أحبهم إلى المنتهى؛ عندما يرانا نفضل عليه أي شئ فى الحياة، وعندما تزاحمه فى قلوبنا محبة غريبة للعالم الذى أبغضه ورفضه.فليتنا نحبه بإخلاص ونقول مع المرنم: لتكن إرادتي كما تشا بين يديك وليكن قلبي لك العرش المريح وليكن حبي سكيب الطيب عند قدميك ولتكن نفسي دواماً للمسيح أشكرك أحبك كثيراً الرب يسوع المسيح يحبكم جميعاً فتعال...هو ينتظرك |
|