إِنَّكُم تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا وَجْهَ السَّمَاء
أَمَّا عَلامَاتُ الأَزْمِنَةِ فلا تَقْدِرُونَ أَنْ تُمَيِّزُوهَا
إنجيل القدّيس متّى 16 / 1 -4 دنَا الفَرِّيسيُّونَ والصَّدُّوقيُّونَ مِنْ يَسُوعَ لِيُجَرِّبُوه، فَسَأَلُوهُ أَنْ يُريَهُم آيَةً مِنَ السَّمَاء.
فَأَجَابَ وقَالَ لَهُم: «عِنْدَ حُلُولِ المَسَاءِ تَقُولُون: غَدًا صَحْوٌ! لأَنَّ السَّمَاءَ مُحْمَرَّة.
وعِنْدَ الفَجْرِ تَقُولُون: أَليَوْمَ شِتَاء! لأَنَّ السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ مُكْفَهِرَّة. إِنَّكُم تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا وَجْهَ السَّمَاء، أَمَّا عَلامَاتُ الأَزْمِنَةِ فلا تَقْدِرُونَ أَنْ تُمَيِّزُوهَا.
جِيْلٌ شِرِّيرٌ فَاجِرٌ يَطْلُبُ آيَة، ولَنْ يُعْطى آيَةً إِلاَّ آيَةَ يُونَان». ثُمَّ تَرَكَهُم ومَضَى.
التأمل: “إِنَّكُم تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا وَجْهَ السَّمَاء، أَمَّا عَلامَاتُ الأَزْمِنَةِ فلا تَقْدِرُونَ أَنْ تُمَيِّزُوهَا…”
أنا كمثل هؤلاء الفريسيين والصدوقيين الذين يمثلون التاريخ الأسود للشعب اليهودي، إنهم أهل الظلمة…أكون أحياناً مثلهم أعبد الحرف وأمقت الروح، أنبذ الحق وأعبد الباطل، أفضل السبت على الانسان والشريعة على رب الشريعة… أنا مثلهم أحمِّل الناس أحمالاً كثيرة ولا أتحملها قبلهم… ها أنا في كل يومٍ أتفق مع فريسيي العصر على تجربة المسيح لأحرجه فأخرجه، سائلاً إياه أن يريني آيةً من السماء!!!!…
أنا مثلهم أطلب في سرّي علامات سماوية قاطعة ومثبتة علمياً كي أؤمن!!! وربما أنسى أن طريق الإيمان لا تمر بالمختبرات، بل بالاختبار العميق للذات الذي يقود الى الطاعة التي تبني وتشدد الإيمان..
نسيت أنه عندما طلب موسى إثباتاً من الله ليتأكد أن دعوته حقيقية وليست وهماً، أتى الاثبات بعد الطاعة وليس قبلها. اذ أجابه الله:”إني أكون معك، وهذه تكون لك العلامة أني أرسلتك: حينما تُخرج الشعب من مصر، تعبدون الله على هذا الجبل”(خروج 3 / 2).
أساير الأكثرية الساحقة من الناس التي تطلب البراهين القاطعة كعلامات حسية يقبلها المنطق كي تؤمن.. بالنسبة لي ولهم تأتي الحقيقة من خلال المنطق. لكن بحسب الكتاب المقدس فإن الحقيقة تأتي بواسطة الطاعة. والدليل أن الكثير من شخصيات الكتاب المقدس لم يكن عندهم الرغبة بأن يحققوا إرادة الله، ولكن عندما نفذوها تقوّى إيمانهم وازداد وانفتحت أمامهم أبواب السماء…
أعترف لك يا رب أن الطاعة صعبة عليَّ فهي تتحدى ذاتي وما فيها من إدِّعاء فارغ بالذكاء والشعور بالكبرياء ومشاعر التفوق التي تمنعني من قبولك واتباعك… هذه هي مأساتي الكبيرة فأنا متكبر على نعمتك ومتشبث لدرجة أشعر فيها أن قبولي لكلامك هو ضعفٌ وهزيمة وخسارة لي لا تعوض!!!!
أخاف أن أمد يدي وأبادر أولاً لمصافحة من اختلف معه… أقع يومياً في فخ العناد البشع والنزعات المظلمة والضيقة…
أنا مثل هذا المجتمع البشري الذي” فقد شعوره بالله لأنه فقد قدرته على طاعة الله”(رافي زكاريوس)
علمني يا رب أن طريق الإيمان تبدأ بالطاعة التي تقود الى الفعل ومن ثم الخضوع والتسليم الكُلِّي لارادتك التي تولد الإيمان.آمين.