الوصية | الوصايا العشرة
"الوصايا العشر" وتسمى دكالوك أي الكلمات العشر (خر 34: 28 و تث 4: 13 و 10: 4). وهي ما نطق به الله في سيناء. وكتبت على لوحي حجر (خر 31: 18). ويجب التمييز بينها وبين الوصايا الطقسية أو الشعائرية (خر 34: 1- 6 و ص 22 و 23). وتدعى أيضًا كلمات العهد (تث 29: 1)، ولوحي الشهادة (خر 31: 18)، "والشهادة" (خر 25: 16). وتنطوي على حكمة اجتماعية روحية اعتبرت من مميزات الشعب العبراني (تث 4: 6 و 8 و عز 7: 25)، وعلى توجيهات وإرشادات للحياة الصالحة، وهي موجز لكثير من تعاليم العهد القديم. وقد صيغت الوصايا الواردة في شكلين: الشكل الأول (خر 20: 2- 17). والشكل الثاني (تث 5: 6- 21). وتتباين الروايتان في إشارتهما إلى حفظ السبت. فبينما تشدد الرواية في تث 5: 14 و 15 على ضرورة استراحة العمال والبهائم اعترافًا بخروج الشعب من أرض العبودية، تشدد الرواية الواردة في خر 20: 11 على تقديس يوم الرب بالانقطاع عن العمل والاستراحة، لأن الله خلق العالم في ستة أيام واستراح في اليوم السابع. والوصايا كلها خلا وصيتين- وهما الوصيتان اللتان توصيان بحفظ السبت وإكرام الوالدين هي وصايا سلبية. والوصايا الوحيدة التي لها وعد هي الوصية الخامسة.
موسى النبي يتلقي لوحيّ الشريعة، الوصايا العشرة،
وقد لقنت الوصايا حسب شهادة الكتاب المقدس لموسى، ثم كتبت (خر 31: 18- 32: 16) على لوحي حجر، وعلى الوجهين. ولكن عندما نزل موسى من الجبل بعد أربعين يومًا قضاها في حضرة الله، وعاد إلى المحلة، وجد الشعب يعبدون العجل، فاستشاط غيظًا، وفي غيظه كسر اللوحين. ولكنه بعد أن طهر الشعب المتمرد على الله، صعد مرة أخرى إلى الجبل بناء على أمر الرب، وعاد حاملًا لوحين جديدين كتبت عليهما وصايا الرب (خر 34).
وتلاها على الشعب والبرقع على وجهه، ووضعهما في "تابوت العهد". وقد جرت العادة أن تقسم الوصايا، باعتبار الموضوع، إلى لوحين، يحتوي أولهما على أربع وصايا، والثاني على ست ولكن الكنيسة الرومانية الكاثوليكية ومعها الكنيسة اللوثرية، حذتا حذو اوغسطين في تقسيم الوصايا، وجعلتا الوصايا الثلاث الأولى- بعد دمج الوصية الأولى والثانية في وصية واحدة- في اللوح الأول، والوصايا السبع الأخيرة في اللوح الثاني، بعد تقسيم الوصية العاشرة إلى وصيتين "لا تشته بيت قريبك" و "تشته امرأة قريبك". ولقد استصوب اوغسطين هذا الترتيب لأنه يتفق والنص الوارد في سفر التثنية، ولأنه يمثل الأعداد الرمزية 3 و 7 و 10، ولأنه يتمشى مع طبيعة الوصايا، فالوصايا الثلاث الأولى، التي يتكون منها اللوح الأول، تختص بواجبات الإنسان نحو الله، والسبع الأخيرة بواجبات الإنسان تجاه الإنسان.
لقد أجلّ يسوع الوصايا، واقتبسها في مواقف مختلفة (مت 15: 21 و 22 و مر 7: 10 و 10: 19 و يو 7: 19). وشدد عليها ولخصها في وصية واحدة هي وصية المحبة، وفسرها تفسيرًا حقيقيًا، وعلم الناس أن غاية الناموس إنما هي المحبة لله والقريب (مت 22: 37 و قابل رو 13: 9 و غل 5: 14 و يع 2: 8). وبسبب ذلك اصطدم اصطدامًا عنيفًا مع الفريسيين الذين تمسكوا بقشور الشريعة وأعرضوا عن جوهرها (يو 9: 28).
وكذلك كان موقف بولس في تفسير الوصايا فقد أوضح أن الإيمان العامل بالمحبة هو تكميل الناموس (غل 5: 6).
وأما يوحنا فقد وسع معنى الوصية وعمقه ودمغه بدمغة المحبة "المتجسد". ولذا تكلم عن الوصية الجديدة (يو 13: 34 و 15: 15 و 21). وموجز القول إن المحبة هي أصل الناموس وتتمته.