رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
* "الإنسان مولود للمشقة، كما أن الطائر للطيران"... إذ يتمتع الإنسان بالعقل يدرك أنه من المستحيل عليه أن يعبر زمن سياحته دون حزنٍ. لذلك عندما عدد بولس ويلاته لتلاميذه بحق أضاف: "فإنكم أنتم تعلمون أننا موضوعون لهذا" (1 تس 3:3). فإنه إذ يُضرب الجسد بضربات يرتفع الذهن طالبًا العلويات. كما يقدم بولس مرة أخرى شهادة بذلك، قائلًا: "وإن كان إنساننا الخارج يفنى، فالداخل يتجدد يومًا فيومًا" (2 كو 16:4). هكذا فإن "الإنسان مولود للمشقة، كما أن الطائر للطيران"، فإن الذهن يطير في حرية نحو العلى بنفس السبب الذي لأجله يعاني الجسد من الانحناء إلى أسفل في ثقل. كلمة "الإنسان" هنا تمثل الحياة حسب الجسد. هكذا يقول بولس: "إذ فيكم حسد وخصام وانشقاق ألستم جسديين" (1 كو 3:3)، مكملًا بعد ذلك: "ألستم بشرًا" (1 كو 4:3 Vulgate). في هذه الحياة "يولد الإنسان للمشقة"، فكل إنسان جسداني، إذ يطلب الأمور المؤقتة يحمل نفسه بثقل شهواته. إنها مشقة صعبة أن تطلب مجد الحياة الحاضرة، لتقتني ما تطلبه، وأن تصونها باجتهاد عندما تغلب. إنها مشقة صعبة بآلام لا تحد أن تمسك بأشياء، وأنت تعلم أنها لا تدوم لزمانٍ طويلٍ. أما القديسون إذ لا يشغفون بالزمنيات، ليس فقط لا يسقطون تحت ثقل الشهوات الوقتية، بل هم متحررون من التعب حتى إن ثارت الصلبان، في هذه الأحوال وفي الضعفات. فإنه أي شيء أقسى من الجلد؟ ومع هذا كُتب عن الرسل عندما جُلدوا: "وأما هم فذهبوا فرحين من أمام المجمع، لأنهم حُسبوا مستأهلين أن يُهانوا من أجل اسمه" (أع 41:5). أي شيء يمكن أن يُقلق أذهان الذين حين تأدبوا بالضربات لم يضطربوا؟ "يولد الإنسان للمشقة"، لأنه بالحق يشعر بشرور الحال الحاضر عندما يتوق نحو الصالحات... لذلك حسنًا أضيف: "والطائر للطيران". فالنفس تنسحب من آلام المشقة وهي تقوم بالرجاء في العلويات. ألم يكن بولس كالطائر وُلد للطيران، هذا الذي احتمل صلبان لا عدد لها، قائلًا: "محادثتنا في السماء". وأيضًا: "لأننا نعلم أنه إن نُقض بيت خيمتنا الأرضي، فلنا في السماوات بناء من الله بيت غير مصنوع بيدٍ أبدي" (2 كو 1:5). إنه كطائر صعد فوق المناظر الدنيا. مع أنه كان سالكًا على الأرض في الجسد، كان جناحا الرجاء يحملانه في العلويات. البابا غريغوريوس (الكبير) |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
إن المؤمن متى كان كطائر مرتفع يحلق في الأعالي |
إن الحجلة وقد عرفت كطائر ماكر تدور حول قدميّ الصيّاد |
بالتأكيد لعب به الرب كطائر إذ أظهر له الطُعم بآلام |
ورُوحُ اللهِ يُرِفُّ (كطائر) |
من أجمل المناظر |