رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أبانا الذي في السموات يلفت نظرنا أن السيد المسيح قد وجهنا أن نصلى إلى الآب باعتباره أنه في السماوات، وذلك بالرغم من أن الرب كائن في كل مكان. وتتضح كينونة الرب في كل مكان في مواضع كثيرة في الكتاب المقدس، ولكن السماوات لها وضعها ومعناها الخاص من الناحية الروحية. الرب كائن في كل مكان إن الرب لا تحده أرض ولا سماء، مجده ملء السماوات والأرض. لهذا قال المرنم: "أين أذهب من روحك، ومن وجهك أين أهرب. إن صعدت إلى السماوات فأنت هناك. وإن فرشت في الهاوية فها أنت. إن أخذت جناحي الصبح وسكنت في أقاصي البحر، فهناك أيضًا تهديني يدك وتمسكني يمينك" (مز139: 7-10). إن المرنم يتكلم عن وجود الإله المثلث الأقانيم الآب والابن والروح القدس في كل مكان. كذلك قال الرب في سفر أرميا: "إذا اختبأ إنسان في أماكن مستترة أفما أراه أنا يقول الرب؟ أما أملأ أنا السماوات والأرض يقول الرب؟" (أر23: 24). وقال السيد المسيح: "السماء كرسي الله. والأرض موطئ قدميه" (انظر مت5: 34، 35). وكتب معلمنا بولس الرسول عن تدبير الخلاص الذي قصده الله في نفسه "لتدبير ملء الأزمنة ليجمع كل شيء في المسيح. ما في السماوات وما على الأرض" (أف1: 10). وهو يعنى بذلك أن الله يجمع في المسيح جميع القديسين من الملائكة والبشر الموجودين في السماء وعلى الأرض. وذلك لأن المسيح حاضر في كل مكان، كما وعد تلاميذه: "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم" (مت18: 20). وفى سفر الرؤيا قال السيد المسيح: "هذا يقوله ابن الله الذي له عينان كلهيب نار ورجلاه مثل النحاس النقي.. فستعرف جميع الكنائس أنى أنا هو الفاحص الكلى والقلوب وسأعطى كل واحد منكم بحسب أعماله" (رؤ2: 18، 23). وهذا يوضح أن عيني الرب تبصران كل شيء في الوجود ولا يخفى عليه حتى ما في داخل قلب الإنسان. السماوات مع أن الرب كائن في كل مكان، إلا أنه مكتوب أنه ساكن في السماوات أو في الأعالي كقول المرنم: "الرب عال فوق كل الأمم. فوق السماوات مجده. من مثل الرب إلهنا الساكن في الأعالي، والناظر إلى المتواضعين، في السماء وعلى الأرض" (مز 112: 4-6). كذلك قيل في المزمور "الرب في السماوات ثبت كرسيه ومملكته على الكل تسود" (مز103: 19). وقيل أيضًا: "السماوات سماوات للرب. أما الأرض فأعطاها لبنى آدم" (مز115: 16). وهذا الأمر له مدلولاته الروحية كما سوف نرى. وعن تجسد ابن الله الكلمة قيل في المزمور: "طأطأ السماوات ونزل وضباب تحت رجليه. وركب على كَروب وطار وهف على أجنحة الرياح" (مز18: 9، 10). وعن بناء هيكل سليمان الذي بناه مسكنًا للرب قال: "هل يسكن الله حقًا على الأرض؟ هوذا السماوات وسماء السماوات لا تسعك فكم بالأقل هذا البيت الذي بنيت" (1مل8: 27). وفى إشارة إلى أن الرب هو خالق جميع الأشياء في السماء وعلى الأرض ورد في سفر الأمثال "من صعد إلى السماوات ونزل. من جمع الريح في حفنتيه. من صَر المياه في ثوب. من ثبّت جميع أطراف الأرض. ما اسمه، وما اسم ابنه إن عرفت؟" (أم30: 4)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولا تخفى هنا الإشارة الواضحة إلى ابن الله الوحيد الذي كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان. وعن ارتفاع مجد الرب فوق السماوات قيل في المزمور: "أيها الرب ربنا ما أعجب اسمك في الأرض كلها، لأنه قد ارتفع عِظَم جلالك فوق السماوات" (مز8: 1). والرب يرتفع فوق السماوات كما قيل أيضًا في المزمور: "اللهم ارتفع على السماوات. وليرتفع مجدك على سائر الأرض" (مز56: 5). إن كلمة السماوات هي جمع كلمة سماء، وهى مشتقة من الفعل سما أي ارتفع إلى فوق. والتسامي والسمو يشير إلى الارتفاع أو التفوق في الخواص أو القيم أو المبادئ أو السلوك. وبالرغم من أن الرب حاضر في كل مكان، إلا أنه يسكن في السماوات، بل ويعلو فوق السماوات لأنه مَن مثل الرب في قداسته وصلاحه ومحبته وكل صفاته الإلهية؟! إن الرب لا يتعالى على الخليقة، ولكنه بحكم طبيعته المتفوقة في كل شيء يسمو عليها ويجتذبها نحو السمو والرفعة والقداسة. لهذا اختار الرب أن يسكن في الأعالي.. لأن من الأعالي يكون مجده كما قيل في المزمور "قد ارتفع عِظَم جلالك فوق السماوات" (مز8: 1). لقد أراد الشيطان أن يرفع كرسيه فوق كواكب الله وأن يصير مثل العلى وأن يجلس على جبل الاجتماع في أقاصي الشمال (انظر إش14: 13، 14). ولكنه كان ينبغي أنه يفهم أنه لا يوجد مثل الله في القداسة والحق والمحبة. وأنه هو مصدر الحياة للخليقة كلها. فالله لا يفرض نفسه على أحد، ولكن الخليقة بدونه تفقد قيمة وجودها، لأنها هي أصلًا قد خلقت لتشهد لمجده وصلاحه ومحبته وتتمتع بالوجود في حضرته حيث تستمد منه الحياة. أراد السيد المسيح أن يجتذب عقولنا وأفكارنا نحو السماويات. لهذا علمنا أن نصلى ونقول: "أبانا الذي في السماوات..". ومَن كان أبوه في السماوات فإن اشتياقاته تكون سمائية. ويفرح إذا افتكر أنه سوف يذهب إلى السماء. وإن انتقل أحد الأحباء فلا يحزن كالباقين الذين لا رجاء لهم، لأنه يؤمن أن الذين يحبون الله سوف يجتمعون معًا في الفردوس بعد خروجهم من الجسد. ويجتمعون معًا في ملكوت السماوات بعد مجيء السيد المسيح ليحيوا في أمجاده الأبدية. مَن كان أبوه في السماوات فإنه يحمل صورة أبيه السماوي ويسلك بطريقة سمائية كقول بولس الرسول: "سيرتنا نحن هي في السماوات" (فى3: 20). إن عبارة "أبانا الذي في السماوات.." في بداية الصلاة الربية هي دعوة لنا لكي نرفع عقولنا وأفكارنا إلى كل ما هو سمائي وكل ما هو مجيد ولا ننشغل بالأرضيات أو بأباطيل هذا العالم الزائلة. إذا رفعنا قلوبنا وعقولنا في الصلاة نحو أبينا السماوي، فلا يليق إطلاقًا أن نحب العالم. لأن "محبة العالم عداوة لله" (يع4: 4).. وهذه هي بداية الصلاة اللائقة والمقبولة أن نشعر بأبوة الله، وننطلق نحوه بمشاعر الحب والتقدير في السماويات. |
21 - 06 - 2014, 07:46 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: أبانا الذي في السموات
|
||||
21 - 06 - 2014, 08:29 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أبانا الذي في السموات
شكرا على المرور
|
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أبانا الذى فى السموات |
أبانا الذي في السموات |
أبانا الذي في السموات |
أبانا الذي في السموات |
أبانا الذى فى السموات |