|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عادل حمودة يكتب: مرسى لا يستطيع السيطرة على الجيش وهو مجبر على مساومة قادته! «كل الجرائم مغفورة إلا سرقة الحياة من شباب تمرد على الشيخوخة السياسية ليجد نفسه أمام ديكتاتورية فاشية». هذه العبارات المتفجرة بالحزن والشجن ترجمة شخصية لتقارير صارمة وضعها باحثون وجواسيس سابقون يعملون فى المركز الأمريكى للدراسات المخابراتية.. «سترانفورد» عن مصر هذه الأيام.. أكلها.. وشربها.. ومالها.. ورئيسها.. وجيشها. اقرأ ترجمة دقيقة لآخر تقريرين عن بلادنا وستعرف أن ما شعرت به من سواد هو نفسه ما ستشعر به. التقرير الأول يوم 6 ديسمبر 2012: فى مصر الجيش لا يزال يملك السلطة بالرغم من الجهود التى تبذلها جماعة الإخوان المسلمين (للتعبير عن قوتها الشرسة)، وبالرغم من الجهود التى يبذلها رئيس الدولة محمد مرسى للسيطرة على قادة المؤسسة العسكرية فإن الجيش المصرى لا يزال هو السلطة المركزية فى البلاد. لم يستطع الإخوان السيطرة على الجيش.. لكن.. من جانب آخر فإن الجماعة ليست عاجزة تماما.. وإن كانت لا تزال الطرف الأضعف (فى معادلة القوة). هذه المعادلة هى التى ستساعدنا على فهم الواقع فى مصر.. مدى استقراره.. عناصر انهياره.. ونوعية القرارات الداخلية والخارجية التى ستضطر إليها السلطة الحاكمة.. خاصة فيما يتعلق بإسرائيل والولايات المتحدة. فى 6 ديسمبر (الجارى) اجتمع مرسى بقادة الجيش ورئيس الحكومة والوزراء وغيرهم من كبار المسئولين بينما قامت قوات الحرس الجمهورى بنشر الدبابات وناقلات الجنود المدرعة لاستعادة الهدوء فى محيط القصر الرئاسى. كان الحرس الجمهورى قد أصدر أمرا بحظر التظاهر فى محيط الاتحادية بعد الساعة الثالثة عصرا بعد ليلتين متواليتين من الاحتجاجات الحاشدة أمام قصر الحكم فى حى مصر الجديدة.. ووقعت اشتباكات بين أنصار الرئيس ومعارضيه.. وسقط عدد من القتلى وجرح المئات. تعكس مشاركة الجيش فى هذه المحادثات ثقل القوة التى تتمتع بها القوات المسلحة.. ببساطة لا يستطيع مرسى السيطرة على الجيش.. وهو مجبر على مساومة قادته. وتكمن قوة الجيش فى دوره التاريخى (العميق والعريق) الذى سيطر به على الشئون الداخلية لعقود طوال ممتدة ومتواصلة.. وفى مواجهة الأزمات السياسية التى تعانى من الجمود والشلل يستطيع الجيش تحريكها وفكها وبث الحيوية فى أطرافها.. لكن.. القرار فى يد القيادة العسكرية العليا.. وحدها.. وهذ لاتزال تتصرف بتردد وحذر. لم يدعُ الرئيس محمد مرسى الحرس الجمهورى للنزول إلى الشارع بنفس الطريقة التى يدعو بها الرئيس باراك أوباما الحرس الوطنى.. فقد تصرف الجيش عندما أراد ذلك. لكن.. فى الوقت نفسه.. يصعب قبول أن مرسى وجماعته عاجزون تماما.. فمن السهل تعبئة المؤيدين.. ومن الممكن التحريض على العنف فى الشوارع.. وفرض الاضطرابات والفوضى وعدم الاستقرار. وتجدر الإشارة إلى أن الحزب الوطنى الحاكم سابقا لم يكن تابعا للجيش ولم تتوافق خططه مع السطوة غير المباشرة للمؤسسة العسكرية.. إن الإخوان ببساطة ليسوا فى وضع يمكنهم من قيادة الجيش (فقد ظلوا طوال أكثر من ستين سنة محرمين من الاقتراب منه). هذا هو الوضع فى مصر.. تخيم عليه الغيوم وسط حالة من عدم اليقين.. منذ أغسطس الماضى عندما أجبر مرسى العديد من القيادات العسكرية الكبرى على التقاعد.. بما فى ذلك (المشير) محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة وسامى عنان رئيس أركانه.. فقد أصيب المصريون ببلبلة وارتباك.. وكان السؤال: هل ما فعله مرسى جعل الجيش تابعا للسلطة المدنية؟ اجتماع ديسمبر أجاب عن السؤال.. مؤكدا أن الوضع ليس كذلك.. لقد سمح الجيش بتطور الوضع إلى أن أصيب مرسى باليأس.. وكان عليه أن يتفاوض مع القيادة العسكرية. قد تكون هناك صفقة وشيكة بين الطرفين.. ولكن فى نهاية المطاف فإن هذه الصفقة سيكون الهدف منها خلق توازن القوى بين الطرفين.. حقيقة أن مرسى لم يكن لديه أى خيار سوى طلب المساعدة من الجيش.. وحقيقة أن الجيش لم يتحرك قبل التفاوض.. وهو ما يؤكد أنه لا يسيطر على الجيش (تماما). بغض النظر عن نتيجة هذه المفاوضات فإن سلطة مرسى قد تضاءلت.. حيث أظهر الجيش للناس أنه، وليس الحكومة، من يملك السلطة فى مصر.. والجدير بالذكر أن الجيش لا يريد تدمير الرئاسة تماما.. فهو فى حاجة إلى شريك مدنى أو بدقة أكثر شريك غير عسكرى.. ولو كان الإخوان هم الخيار الوحيد الآن فإن الجيش لا يريد زيادة السلطة التى يتمتعون بها. سوف يستمر الانتقال السياسى فى مصر قدما.. سيواصل الإخوان محاولات تعزيز قبضتهم على السلطة.. وستستمر المعارضة فيما هى عليه.. أما الجيش فهو الوحيد الذى سينجح فى الحفاظ على استقلاله. التقرير الثانى يوم 12 ديسمبر 2012 الاعتبارات السياسية لتأخير القروض التى تطلبها مصر تخوض الحكومة المصرية تحت قيادة التيارات الإسلامية سباقا لحل الأزمات السياسية بدفع «الشعب» إلى الاستفتاء على الدستور.. واستعادة البرلمان قبل إصابة اقتصاد البلاد بمزيد من التدهور. ويراهن الإخوان المسلمون والرئيس محمد مرسى على قدرتهم فى تحقيق أهدافهم السياسية المباشرة (وعلى رأسها إحكام السيطرة على مؤسسات الدولة) دون المخاطرة كثيرا على الجبهة الاقتصادية.. وهو ما دفع مصر لتأجيل قرض صندوق النقد الدولى يوم 11 ديسمبر. وإذا كان الوضع الاقتصادى فى مصر لا يشجع على مثل هذا القرار فإن تأخير القرض لمدة شهر لن يؤدى إلى الانهيار الاقتصادى. طالبت الحكومة «الصندوق» بشهر إضافى لشرح برنامجها الاقتصادى الجديد إلى وسائل الإعلام والجمهور (فيما يعرف بالحوار المجتمعى). ويتضمن البرنامج زيادة الضرائب على السلع الاستهلاكية والخدمات وخفض الدعم (على الخبز والزيت والمحروقات).. وستوفر الإيرادات الناتجة عن تطبيق النظام الضرائبى الجديد للحكومة ما تحتاجه من أموال تقدر بالمليارات. لكن.. وسط الأزمة السياسية المزمنة وقبل أيام من الاستفتاء تحاول الحكومة التى يقودها إسلاميون حرمان معارضيها السياسيين من الذخيرة التى يمكن أن يستخدمونها ضدها.. الأكثر أهمية أن الحكومة لا تريد فقدان قاعدة مؤيديها بسبب مجموعة الزيادات الضريبية التى لا تحظى بشعبية.. وتراجع مرسى عن الكثير منها فى 10 ديسمبر. تعمل مصر فى ظل عجز بميزان المدفوعات يصل إلى أكثر من 12 مليار دولار فى السنة المالية الأخيرة التى انتهت فى شهر يونيو الماضى.. فى الوقت نفسه تزيد احتياجات مصر كثيرا على قدرتها الإنتاجية (وهو ما يعنى زيادة العجز مهما قويت محاولات تحجيمه). ودون ثقة المساندين والمساعدين هناك القليل جدا الذى يمكن أن يبقى مصر واقفة على قدميها خاصة إذا حافظت الحكومة على برامج الدعم واسع النطاق.. ولكن.. قطع الدعم وفرض ضرائب جديدة خيار صعب من الناحية السياسية.. وخاصة فى هذه المرحلة الحرجة. ومن جانبه حذر وزير البترول أسامة كمال من أن مصر لن تحقق هدفها فى خفض دعم الطاقة بنسبة 39 % بحلول يونيو 2013. قد تبدو صورة الاقتصاد المصرى قاتمة ولكن القاهرة لا تعتمد بشكل كلى على قرض صندوق النقد الدولى من أجل بقائها.. مازال لدى مصر نحو 15 مليار دولار من احتياطيات العملات الصعبة.. كما تلقت القاهرة جسور تمويل من مصادر متنوعة. فى أكتوبر أرسلت تركيا إلى مصر 500 مليون دولار دفعة أولى من قرض يصل إلى مليارى دولار.. ومن المقرر أن تصل الدفعة الثانية فى 30 يناير 2013.. وسوف يستخدم باقى القرض (مليار دولار) لتمويل صادرات تركيا إلى مصر. وقدمت قطر لمصر مليار دولار.. ووعدت السعودية بمنح مصر 230 مليون دولار.. قروضاً ميسرة.. وأعلن البنك الإفريقى للتنمية مؤخرا عن تحويل 500 مليون دولار فى نهاية ديسمبر.. دفعة أولى من قرض قيمته ملياران ونصف المليار دولار.. ولا ترتبط هذه القروض بقرض الصندوق. وعلى أثر تعليق واشنطن للمساعدات الأمريكية لمصر بما فى ذلك 1300 مليون دولار مساعدات عسكرية ومليار دولار قروضاً وإعفاء من ديون وهذه المساعدات أيضا مستقلة عن الصندوق. ولو لم تأخذ القاهرة بقرض الصندوق فإن لديها خيارات أخرى.. منها أن تخفض مصر عملتها.. وتخفض استهلاكها خاصة من السلع المستوردة.. ورغم أن هذه الخيارات مكلفة سياسيا إلا أن تكلفتها السياسية أقل من تكلفة خفض الدعم أو فرض ضرائب جديدة.. وتعد هذه الإجراءات بمثابة إصلاحات قصيرة الأجل.. وليست حلولا طويلة الأجل.. وفى نهاية المطاف سوف يكون على الحكومة اتخاذ قرارات سياسية صعبة إذا أرادت تحقيق نجاح مالى ولو بعد حين. العديد من القضايا يؤثر على خيارات الحكومة على المدى القريب.. منها الاستفتاء على الدستور.. وقد علق الإخوان الزيادات الضريبية وقرض الصندوق قبل حشد أنصارهم للاستفتاء خوفا من انهيار الشعبية. الموافقة على الدستور ستمهد لانتخابات برلمانية تفسح المجال أمام الحكومة لتنفيذ إصلاحاتها الاقتصادية خاصة لو فاز الإخوان بأغلبية. من المرجح أن تمضى مصر قدما مع زيادة الضرائب فور اجتياز الأزمة الحالية.. ولكن.. الاحتجاجات سوف تستمر.. وقد يحدث تدخل عسكرى فى أى وقت.. وإن لا يحول ذلك دون تسوية مؤلمة.. وقد ينتج عن ذلك استفادة الحكومة من أخطائها والبدء فى تنفيذ إصلاح تدريجى أكثر من ذى قبل.. كما أنه من المرجح أن تتلقى الحكومة القرض من الصندوق على الرغم من أن القرض لن يكون مؤثرا لو تأخر. ارتفاع الضرائب وانعكاساته اللاحقة وقرار تأجيل القرض تسلط الضوء على التحديات التى تواجه حكومة تفتقر إلى الخبرة.. وتأتى هذه التحديات فى وقت تحاول فيه الحكومة دفع الاستفتاء على الدستور الذى سوف يساعد على تحديد ترتيب عمل مع الجيش.. قد تدفع هذه العوامل الحكومة للعمل بشكل متفكك فيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية.. وهو تطور يمكن أن تكون له آثار خطيرة على ثقة المستثمرين وانعاش الاقتصاد المصرى مع أو بدون قرض الصندوق. الفجر |
|