منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 08 - 08 - 2014, 01:44 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

بمن نكرز - وبمن نعلِّم؟
وإلى مَن نقود أطفالنا وشبابنا؟
يسوع وحده


بمن نكرز - وبمن نعلِّم؟
+ «أنت أبرع جمالاً من بني البشر، انسكبت النعمة على شفتيك» (مز 45: 2).
لكي نفهم المسيحية، لابد أن نفهم المسيح، ولكي نفهم المسيح لابد أن نتأمل حياته وكلامه وندخل إلى أعماقه، فنؤمن به ونثبت فيه وهو فينا.
الشائع بين الجميع هو أن المسيحية دين من من بين أديان العالم. ولكننا إذا قرأنا الكلمات الأولى من رسالة العبرانيين، لوجدنا أن المسيحية هي روح الله في هيكل الإنسانية(1)، هي الله مُعلِناً نفسه في ابنه الذي نزل ليحيا وسط البشر: «الله بعدما كلَّم الآباء بالأنبياء قديماً، بأنواع وطُرُق كثيرة؛ كلَّمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه» (عب 1: 1و2). فأديان ما قبل المسيحية بلغت إلى معرفة شيء أو أشياء عن الله، لكنها لم تبلغ إلى الله نفسه، إلى أن أعلن الله نفسه بنفسه (أي في ابنه)؛ ولما أتى المسيح أشبع جوع الإنسان إلى معرفة الله بأكثر مما كان يتوق إليه الإنسان، إذ أعطاه نعمة الاتحاد به.
فالمسيحية هي الله مُعلِناً نفسه في ابنه يسوع المسيح، ليس فقط كنوع من تعريف نفسه للبشر، بل وأيضاً معطياً وواهباً نفسه للبشرية: «هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» (يو 3: 16). وعلى قدر ما تنجح المسيحية في شخص دُعاتها ومؤمنيها في تقديم المسيح للعالم كهبة الله للبشرية، بقدر ما تتحقق غاية محبة الله للعالم وتكمل غايتها التي أرادها الآب.
ولكن بقدر ما تنطوى المسيحية في أشخاص دُعاتها ومؤمنيها تحت فكرة المسيحية كدين من بين أديان العالم، بقدر ما تندرج تحت قوانين علم الأديان كما يحكمها علم مقارنة الأديان Comparative Religion. وهنا لابد أن نتوقَّع أن نصل إلى ما تنبَّأ به أحد المفكرين العالميين (صموئيل هانتينجتون) من حتمية الصراع بين الحضارات والأديان.
على أننا من هذه المقدمة نستطيع أن ننتقل لكي نبيِّن فكر المسيح وأوائل الرسل في رؤيتهم: رؤية المسيح لرسالته، ورؤية الرسل لرسالة المسيح. ومن هذا الفكر نقرِّر آداب السلوك تجاه أصحاب الأديان الأخرى.


المسيح مع الأمميين:
في بداية رسالة المسيح بعد معموديته يلتقي المسيح مع أحد رجال الجيش الروماني، وهو من الأمميين (أي من غير اليهود)، بل ومن المحتلين للأُمة اليهودية:
+ «ولما دخل يسوع كفرناحوم، جاء إليه قائد مئة يطلب إليه ويقول: يا سيِّد، غلامي مطروح في البيت مفلوجاً مُتعذِّباً جداً. فقال له يسوع: أنا آتي وأشفيه. فأجاب قائد المئة وقال: يا سيِّد، لستُ مستحقاً أن تدخل تحت سقفي، لكن قُل كلمة فقط فيبرأ غلامي... فلما سمع يسوع تعجَّب، وقال للذين يتبعون: الحق أقول لكم، لم أجد ولا في إسرائيل إيماناً بمقدار هذا... ثم قال يسوع لقائد المئة: اذهب، وكما آمنتَ ليكن لكَ. فبرأ غلامه في تلك الساعة» (مت 8: 5-13).


- ويلفت نظرنا هنا أن المسيح عرض على قائد المئة: «أنا آتي وأشفيه»، أي يزوره في بيته، متخطِّياً تقاليد اليهود بتحريم دخول اليهودي بيت أي إنسان أممي لئلا يتنجَّس. لكن المسيح أوضح أن حضن الله صار يتسع للجميع (من المشارق والمغارب)، أما الذين - بحسب قوانين علم الأديان - يظنون أنهم هم وحدهم «بنو الملكوت»، فهم الذين أول مَنْ سيُطرحون خارج الملكوت ليأخذ مكانهم الذين كانوا يظنُّون أن أولئك سيُطرَدون من الملكوت. المسيح والمرأة الأُممية الكنعانية:
أما الحادثة الثانية فهي مع امرأة، ومع امرأة كنعانية أُممية. والكنعانيون أعداء قدامى لليهود، لأنهم من نسل كنعان بن حام بن نوح، وقد لعنه نوح (تك 9: 18 و22-27). وقد هاجرت 11 جماعة من نسل كنعان واستوطنت فلسطين، المنطقة ما بين صور وصيدا إلى غزة في العصور الأولى للتاريخ. وكانت ديانتهم متعددة الآلهة، وكانوا مُعتَبَرين منبوذين من اليهود، لأنهم يمثلون سكان فلسطين الأصليين، الذين يُنازعهم اليهود في أرضهم، والذين كانوا يلقِّبونهم بالكلاب.
+ «ثم خرج يسوع من هناك وانصرف إلى نواحي صور وصيداء، وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليه قائلة: ارحمني يا سيِّد يا ابن داود. ابنتي مجنونة جداً. فلم يُجبها بكلمة. فتقدَّم تلاميذه وطلبوا إليه قائلين: اصرفها، لأنها تصيح وراءنا. فأجاب وقال: لم أُرسل إلاَّ إلى خراف بيت إسرائيل الضالة. فأتت وسجدت له قائلة: يا سيِّد أعنِّي! فأجاب وقال (مُعبِّراً عن المشاعر العدائية التي تكمن في داخل مَن هم حوله حتى يردَّ على هذه المشاعر ليس بكلامه هو بل بإيمان المرأة الكنعانية): ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب. فقالت: نعم يا سيد، والكلاب أيضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها. حينئذ أجاب يسوع وقال لها: يا امرأة، عظيمٌ إيمانُكِ! ليُكن لكِ ما تريدين. فشُفيت ابنتها من تلك الساعة» (مت 15: 21-28).
- وأبدع ما نرى في هذه الحادثة أن المسيح لم يصدم اليهود حوله بتعليم يتعارض مع روحهم العدائية للكنعانيين، بل ترك إيمان المرأة الكنعانية الممتزج باتضاعها وانسحاقها الشديدَيْن، يعلو على تقاليد اليهود العدائية تجاه مخالفيهم في الدين، وكان هذا أبلغ درس لكل الأجيال عن حضن الآب الذي اتسع لكل أجناس البشر.
القديس بولس في معبد الديانات الوثنية:
فإذا انتقلنا إلى الرسل الأوائل، وأبرزهم القديس بولس الرسول، الذي وضع لنفسه مبدأ احترام واحتضان الآب في المسيح لكل أجناس البشر مهما كانت أصنافهم وأديانهم، فقال: «صرتُ للذين بلا ناموس (أي الوثنيين) كأني بلا ناموس... لأُخلِّص على كل حال قوماً» (1كو 9: 20-22)، حينما دخل معبد الديانات الوثنية، وكيف تصرَّف بأدب المسيح وتواضعه ووداعته تجاه أصنامهم ومعتقداتهم:
+ «فقابله قومٌ من الفلاسفة الأبيكوريين والرواقيين، وقال بعضٌ: تُرَى ماذا يريد هذا المهذار (شتيمة لم يَرُدَّ عليها بولس الرسول) أن يقول؟ وبعضٌ (يقول): إنه يَظْهَر مُنادياً بآلهة غريبة. لأنه كان يُبشِّرهم بيسوع والقيامة. فأخذوه وذهبوا به إلى أريوس باغوس (أكبر معبد وثني في أثينا القديمة) قائلين: هل يمكننا أن نعرف ما هو هذا التعليم الجديد الذي تتكلَّم به؟...
فوقف بولس في وسط (معبد) أريوس باغوس وقال (تأمل، أيها القارئ، في أدب وتواضع ووداعة المسيح على فم بولس الرسول، وهو يتكلَّم عن الأديان الأخرى):
أيها الرجال الأثينويُّون، أراكم من كل وجه كأنكم متديِّنون كثيراً (عجيب أن يمدح بولس الرسول عَبَدَة الأوثان في أمرٍ جميل صغير وجده فيهم)، لأنني بينما كنتُ أجتاز وأنظر إلى معبوداتكم (99 تمثالاً لآلهتهم يتعبَّدون لها)، وجدتُ أيضاً مذبحاً مكتوباً عليه: لإلهٍ مجهول. فالذي تتُّقونه وأنتم تجهلونه، هذا أنا أُنادي لكم به» (أع 17: 17-31).
وطفق القديس بولس منطلقاً من هذا التمثال المجهول الاسم يتحدث عن الله خالق السموات والأرض، وعن سموِّ ورفعة الله عن أن تُعمل له هياكل مصنوعة بيد البشر، وعن جُود الله وإحسانه أنه هو الذي يُعطي الجميع حياةً وكل شيء؛ ثم تطرَّق إلى وحدة البشرية تحت سلطان الله بقوله: «وصنع من دمٍ واحد كل أُمة من الناس يسكنون على كل وجه الأرض»، وبهذه الجملة أعلن عن حضن الآب الذي يجمع كل البشرية معاً تحت سيادة الله، فلا أُمة تستعلي على أُمة، ولا عرق يسود على باقي الأعراق. وبهذا قضى على نزعة تصارُع الحضارات والتنافُس بين الأديان والتناحر بينها.
ثم أنهى القديس بولس خطابه الكرازي السلامي بالكرازة بيسوع القائم من بين الأموات (اقرأ أع 17: 17-31).
- وهنا نلتفت إلى ترفُّع القديس بولس وتأدُّبه مثل سيده المسيح عن الطعن في أديان الآخرين ومعتقداتـهم، أو عـن انتقاد سخافات الأساطير اليونانية بما فيها من ترهات ومخازٍٍ، حتى أنه لم يستطع أن يتورَّط في ذِكر تفاصيل مخازي الوثنيين، فامتنع قائلاً: «لأن الأمور الحادثة منهم سرّاً، ذِكْرها أيضاً قبيح» (أف 5: 12). لأن الكارز المسيحي ليس له سوى أن يكرز بالمسيح وخلاصه والنِّعَم المجانية التي أنعم بها على البشرية. وكذلك نجد القديس بولس لم يُظهِر تعالياً شخصياً على أصحاب الديانات الأخرى باعتباره من شعب الله القديم الذي ستخضع له كل شعوب الأرض حسب مفهوم العهد القديم، والذي هو من سمات وقوانين علم الأديان.

فاحترام بولس الرسول للفكر البشري ولنزوع الإنسان الفطري نحو معرفة الله مع إيمانه باتساع حضن الآب السماوي لكل البشر، كل هذا فتح أمامه مجالاً وباباً متسعاً للكرازة باسم يسوع، ويسوع وحده، لمهد الحضارة القديمة وقلبها. وكانت هـذه الزيارة، وذلك الخطاب، هـو الإرهاصة الأولى لإيمان العالم الروماني/اليوناني القديم بالمسيح، ولو بعد حين.
المسيحيون الأوائل يقتدون بالمسيح،
ويتمثلون بالرسل في الشهادة لحضن الآب الجامع:
وهكذا سلك المسيحيون الأوائل، واحتضنت الكنيسة فلاسفة الأديان الوثنية ومسحت أذهانهم بمسحة المسيح. وما زلنا نتعلَّم من أكبر أعلام المسيحية مِمَّن كانوا قبلاً فلاسفة وثنيين ثم آمنوا بالمسيح، أو اعتبروا أن فلاسفة العالم اليوناني القديم بمثابة أنبياء الأُمم فمهَّدوا لإيمان العالم الوثني بالمسيح من خلال العقل، كما مهَّد أنبياء شعب الله القديم لمجيء المسيح من خلال الوحي.
القديس مقاريوس والكاهن الوثني:
ومن أبدع القصص في سِيَر الآباء القديسين، حادثة مقابلة القديس مقاريوس لكاهن وثني كان آتياً من الاتجاه المقابل، فبادره بالتحية قائلاً له: فلتصحبك المعونة يا رجل النشاط.
فتعجَّب الكاهن الوثني وتوقَّف سائلاً القديس مقاريوس: ما الذي رأيته فيَّ حسناً حتى تبادرني بهذه التحية؟ لأن تلميذك الراهب الذي قابلني قبلك شتمني وأهانني فأوسعتُه ضرباً؟
فتحادثا معاً في محبة، مما قرر معه الكاهن الوثني أن ينضم إلى تلاميذ القديس مقاريوس، إذ أحسَّ باتساع حضن الله ليجمع كل البشر، في شخص هذا القديس ومحبته الفيَّاضة.
ليتنا، يا إخوة ويا آباءنا المجاهدين، نكرز بيسوع، ويسوع وحده، الذي أظهر محبة الآب لنا ولكل البشر، قائلاً لنا ولكل العالم: «الآب نفسه يحبكم» (يو 16: 27).
وهل هناك بشارة أحقّ وحديث وكلام أثمن من هذه الحقيقة الإلهية المُفرحة النازلة إلينا من السماء على فم ابنه يسوع: أن الآب نفسه يحبنا جديرة بأن تكون موضوع عظاتنا وتعليمنا؟
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
مزمور 49 - وثمن خلاص نفسه
إن الناس يفرحون بمن يعطيهم فرصة، وبمن يقدرهم
كيف نتلو «مسبحة السلام»
فى عيد العنصرة نتلو هذه الصلاة
الخارجية: نثمن القرار السعودى بشأن الإخوان


الساعة الآن 12:08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024