الصليب والمحبة
الأب انطونيوس مقار ابراهيم
المحبة الحقيقية والصافية، الشفافة والنقية، هي المحبة التي تدخل القلب وتحترق بنار الصليب والالآم. تماماً كمحبة يسوع للانسان على عود الصليب "احبنا حتى الموت موت الصليب".
إذاً كي يعرف الانسان ذاته أن يحب حقيقة ام لا؟ عليه أن يدخل في اختبار الالام مع الرب المتألم على الصليب وتصبح المحبة الحقيقة هي في قمة الصليب وتعليق الذات حُباً بالأخرين، والمقصود بتعليق الذات أي تعليق الأنانية والطلبات والرغبات التى تعوق التقدم والسير نحو الرب في حمل الصليب بشكرٍ وفرح، وهنا تكون الدعوة الى أن يكون الحب من دون قيود ولا شروط وللنظر الى المسيح القائل لنا "ها أن اعطيتكم المثل، أفعلوا انتم أيضاً بعضكم ببعض، أحبوا بعضكم بعض كما أنا أحببتكم"، فيسوع دعانا الى أن نحب اعداءنا، ونصلي لأجل من أساء الينا، ولنبارك مضطهدينا. وقال لنا تعلموا مني أنا الوديع المتواضع القلب، فهو قد أحب الأنسان الى المنتهى وقد أحب بشكل خاص كل مَن أهانه، وضربه وبصق عليه، وجلده، لذا علينا اخوتي كي نشفى تماماً من جراحنا أن ننظر إلى المسيح يسوع المسحوق لأجل آثامنا والمسحوق لأجل معاصينا.
نحن بطبعنا البشري ميالون الى الأنانية والكبرياء والبخل في عطاء الذات، والشك واليأس أما هو فقد بذل ذاته وسفك دمه "هذا هو دمي الذي يسفك عنكم وعن الناس أجمعين. يُعطى لمغفرة الخطايا وللحياة الابدية". من منا وقف أمام الرب وقال له يارب أختبربني واعرف قلبي، إفحصني، ونجني من ذاتي، قليلون هم من تميزوا بهذه الشجاعة وطلبوا بارداتهم أن يدخلوا الى إلامتحان، وما أصعب لحظات الأمتحان كم هى قاسية؟ وتوحي بالفشل والارتباك وإلاضطراب وإلانزعاج،لإن في الامتحان أظهار للحقيقة والمقدرة وكشف عن الذات.
للنجاح في الامتحان عليك أن تستعد وتبني ذاتك من الداخل على أسس قوية ومتينة. كمن يبني بيته على الصخرة لذا العذراء مريم تقول لنا ابنوا محبَتكم على صليبكم اليومي. المحبّة التي بدون ألم هي محبَّة زائفة. لأن المحبَّة لا تطلب ما لنفسها المحبة تعطي وتبذل ذاتها وتطرح الخوف خارجاً ترفق وتتأنى، محبة فائقة الحدود وتعطي دون قيود ودون شروط، محبة مبذولة لأجل الأخر، يمكن في الامر صعوبة ولكن عيشه يتم بالتمرس في الصلاة والتأمل والإرتواء من نبع المحبة الحقيقية ومن رحمته، وفهو قد قال لي "أريد رحمة لا ذبيحة" وفي قلب المحبة الصافية هنال الرحمة والمغفرة، فتعلّموا أن ترحموا، وتغفروا، "إغفروا يغفر لكم"، كونوا رحماء بعضكم تجاه بعض، إفرحوا ولا تحزنوا روح الله فيكم فتنالون الشفاء الحقيقي والمسامحة على جميع افعالكم. بصلاة المسبحة يمكنكم المثابرة وعيش المحبَّة ونزع الانانية، والشهوات والرغبات والطمع والجشع والتخلق بفكر المسيح.
انظروا دائماً الى يسوع المملؤة بالحب والشفقة والرحمة انتم يامن تدعونه وتطلبون منه قائلين "يارب اجعل قلبنا مثل قلبك" إذا إخوتي لاتهتموا بشيء ولا تطلبوا شيء ولا تفكروا في شيء سوى عيش المحبة كي نستحق الدخول الى قلب يسوع الذي هو الرحمة بعينيها لنستقي منها ونغرفها ونغوص في أعماقها كي تولد فينا الثقة الكاملة والإيمان الراسخ والثابت الغير متزعزع. فعندما نقول "يا رب أننا نثق بك"، هل ننظر إلى أنفسنا، ونثق فيه وفي رحمته الامتناهية؟ الرب يريد منا الثقة الواثقة في ذاتها الثقة الكاملة لأن بها نستطيع أن نربح نفوسنا فهو قد أعطنا سر السماء حينما قال لنا "لا تخافوا ثقوا أنا هو، لا تخف أيها القطيع الصغير فإن أباكم أعطاكم الملكوت" تعالوا اليه وإرتموا في حضنه وهو قادر أن يشفيكم، "تعالوا إلي ياجميع المتعبين وأنا أريحكم"، إذا اخوتي المهم في بناء علاقة صحيحة مع يسوع، لابد من الثقة، والحب، والرحمة، والايمان والصلاة، وكشف الذات امامه أي فحص الضمير.
أناجيل الشفاءات، تظهر لنا أناساً مرضى، يعرفون مرضهم، وبالتالي يطلبون الشفاء.إشفني يارب فإن عظامي قد جفت، وإن المرارة في حلقي، ومفسي إضطربت جداً. هل نحن متواضعين لمواجهة المنطقة المظلمة في داخلنا، ونعترف بمرضنا؟ كفاية لنتجرّئ النظر إلى داخلنا في نواحيها المظلمة، فنعترف أننا مرضى، وإننا لا شيء ولا نملك شيئاً سوى الخطيئة؟ أم لا نبصر سوى الخير الذي فينا لنفتخر به، والشر الذي في قريبنا لنحتقره وندينه، فنزيد ظلامنا ظلاماً بفعل كبريائنا وقساوة قلوبنا؟ كنظرة الفريسي لذاته ونظرته الى العشار.
1. هل نبصر أمراضنا على ضوء نور الله (كلمة الحياة)، أم لا نبصر سوى أمراض الآخرين؟ كالفريسيين؟
2. هل أنا متكبر، فأسعى لتجاهل أمراضي، لأنها تواضعني وتزعجني؟
3. بعد أن أتواضع وأعترف بأمراضي العديدة، هل أثق بالرحمة الإلهية التي تشفي نفسي وجسدي وروحي؟
"يا يسوع الوديع والمتواضع القلب، إجعل قلبي مثل قلبك".
"أيها الدم والماء الذين تدفقا من قلب يسوع كنبع رحمة لنا، إننا نثق بكما"!، إن الله يأتي إلي دوماً، وهو قربي وفيَّ.. دائما يعطيني قلبه.
هل أنا أفتح له قلبي على مصراعيه وأقول له " إفعل بي ما تشاء".
هل أدعه يعمل فيَّ، ما أتى من أجله؟
صلاتي ليسوع:
يا ربنا وإلهنا ومخلصنا وحبيبنا يسوع المسيح إبن الله الحي، نرفع إليك نحن البشر كأخوة بعضنا لبعض صلاتنا المشتركة لأجل سلامة نفوسنا وقلوبنا وأرواحنا ،ولأجل حفظنا في الايمان الواحد. ومع اخوتي في الايمان أقول لك: أظهر لي عن عظم محبتك فكم أن بحاجة للغوص فيها أكثر. أقدّم لك قلبي، وأخصصه مكاناً لسكناك يخرج منه كل روح فاسد وشرير. أقصد بكل عزيمة ثابتة للإخلاص لحبك الإلهي وأن لا أعود لإهناتك مجدداً بسبب خطاياي.
• يا يسوع، أنا ضعيف وأنت والقوي فامحني قوتك.
• يا يسوع، أنا فقير وأنتَ الغني ولديك كل الكنوز فهبني أن اغتني بك.
• يا يسوع، أنا مريض، وأنت طبيبُ الشافي والقادر فامنحتي الصحة والعافية.
• يا يسوع، أنا جائع، وأنت خبز الحياة فأعطني نعمة التقدم من مائدتك المقدسة.
• يا يسوع، أنا عطشان وأنت الماء الحيّ فإروني بماء محبّتك الذي لاينضب.
• يا يسوع، أنا خاطئ وأنت الغافر، فإغفر لي خطاياي.
• يا يسوع، أنا العبد وانت المحرر، فحررني من عبوديتي لذاتي والاستعباد للأخرين.
• يا يسوع، أنا واحد من القطيع ،وانت الراعي فضمني الى حظيرتك.
• يا يسوع، أنا المتكبر، وانت المتواضع فهبني من تواضعك.
• يا يسوع، أنا التائه والضائع وانت الطريق والحق والحياة فسيرني على دربك.
تعال الآن ياربنا وأملك على حياتنا، فإننا نوكل الى دم الطاهر وقلبك الأقدس عائلاتنا وجماعتنا، وندعوك أن تفعل فينا ما يؤهلنا للاشتراك في الحياة الابدية.