منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 04 - 04 - 2024, 03:46 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,302

بولس يكتب إلى أهل اليونان فيستعمل الأساليب التي استعملوها



فرادة الله في مجدلات 1 تم

توقَّفنا عند العالم اليونانيّ وأطلنا، لأنَّ بولس يكتب إلى أهل اليونان، فيستعمل الأساليب التي استعملوها. في هذا الإطار نقرأ نصَّين في 1 تم. الأوَّل، 1: 17. والثاني، 6: 15-16.

أ- ملك الدهور (1: 17)


تبدو المجدلات بشكل غير متوقَّع داخل الرسائل أو كجزء من النهاية(55). وجاء من يميِّز نمطَين من المجدلات البيبليَّة(56). ففي 1 أخ 29: 10-11 (حسب السبعينيَّة) نجد أمرين: شكل عبريّ يبدأ مع: »مبارك(57) أنت أيُّها الربُّ إله إسرائيل... (29: 10). ثمَّ نمط ثانٍ: »لك(58) أيُّها الربُّ العظمة والقدرة والمجد... (29: 11).« جاءت 1 تم 1: 17 و6: 15-16 في النمط الثاني.

جاءت أكثر المجدلات في العهد الجديد، في أربعة عناصر: إلى من توجَّه، في صيغة الجرّ datif، ثمَّ »الكرامة« أو »المجد«. بعد ذلك، إلى متى يدوم هذا المجد؟ »إلى الأبد.« وأخيرًا: »آمين« علامة الموافقة(59). هذا ما يدفعنا لكي نُبرز أوَّلاً، عنصرين اثنين لاكتشاف البلاغة في »الفرادة«. ونقرأ 1 تم 1: 17:

إلى ملك الدهور،

إلى الله اللامائت

الوحيد (الفريد) الذي لا يُرى

الكرامة والمجد

إلى دهر الدهور. آمين.

* ملك(60). إنَّ لقب ملك يُطبَّق عادة على الله في العهد القديم، ونادرًا في العهد الجديد(61). أمّا عبارة »ملك الدهور« فهي تشير إلى من هو »إله الأزل«(62). وهكذا يُعلَن الله فريدًا على أنَّه القدير الذي يمارس قدرته، وأنَّ سلطانه يدوم ولا نهاية له. في هذا المجال تحدَّث شرّاحُ الرسائل الرعائيَّة عن ذاك الكاتب المسيحيّ الذي أراد أن يقف في وجه القائلين بأنَّ الإمبراطور الرومانيّ هو إله(63)، فهتف: »الله هو الملك. وهو يملك إلى الأبد. هذا يعني أنَّ الربَّ هو الإله الأوَّل والإله الوحيد، ولا يقف تجاهه ''مائت'' أكان إمبراطورًا أم لا«.

* اللامائت(64). نسب الكاتب إلى الله ثلاث صفات: اللامائت، اللامنظور، الإله الوحيد. اللامائت يدلُّ على الإله الحقيقيّ، ذاك الذي لا بداية له. ذاك الذي لا يصل إليه الفساد في الآتي من الأيّام(65). ولنا مثال على ذلك ديودور الصقليِّ الذي قابل الآلهة الحقيقيَّة والمائتين الذين صاروا آلهة بعد الموت، فأعلن السمة المميِّزة للإله الحقيقيّ: أزليَّة الوجود وأبديَّته. لا بداية له في الماضي. لا نهاية له في المستقبل.

بالنظر إلى الآلهة، أوصلت الأزمنة القديمة إلى الأجيال اللاحقة نظرتين مختلفتين. قالوا: بعض الآلهة هم أزليّون ولامائتون، لا يدركهم الفساد(66). فلكلِّ واحد من هؤلاء البداية والامتداد. هما من أزل إلى أبد (6/1: 2).

وأعلن سكستوس أمبيريكس(67) في الخطِّ عينه: »الله هو الأزليّ واللامائت والكامل في سعادته. وقال بلوتارك: »الآن نسمع اللاهوتيّين يؤكِّدون ويتلون... أنَّ الإله لا يموت وأنَّه أزليّ في طبيعته«(68). فالألوهة الحقيقيَّة تتميَّز عن الأبطال المائتين(69) وتسمو على كلِّ الخلائق كما على المائتين المؤلَّهين بعد موتهم. هو أمرٌ مهمٌّ جدٌّا من أجل أناس يعيشون المحيط الرومانيّ اليونانيّ حيث الآلهة عديدون، حيث الأبطال يدخلون إلى عالم الخلود، حيث الإمبراطور يُعبَد ومثله رومة في ساحة كلِّ مدينة من المدن الرومانيَّة، التي كانت تفتخر بأنَّ تمثال الإمبراطور في الساحة العامَّة، فيسجد له الجميع ويقدِّمون له البخور. ومن رفض هذه العبادة عُدَّ خائنًا للدولة وبالتالي يستحقُّ الموت. لهذا قيل: المسيحيّون، يجب أن يموتوا(70). والسبب: لأنَّ إلههم واحد ولا إله سواه. وربُّهم واحد وهو ملك الملوك وربُّ الأرباب.

* اللامنظور. الذي لا يُرى. هو لفظ نجده في الكتاب المقدَّس (خر 33: 20). ولكنَّه عمليٌّا يأتي من العالم اليونانيّ الرومانيّ. فحين استعمل فيلون الإسكندرانيّ(71) والمؤرِّخ يوسيفس(72) »اللامنظور«، عكس استعمالهما كلامًا يونانيٌّا حول »الإله«، على مثال بولس الذي قال إنَّ الله لا يُرى (رو 1: 20؛ كو 1: 15؛ عب 11: 27).

اللافاسد واللامنظور صفتان تجعلاننا في إطار سلبيّ للكلام عن الإله في العالم الوثنيّ. وكانت صفات أخرى. اللاموصوف، اللامصوَّر، الذي لا تراه العين البشريَّة، اللامفهوم، الذي لا يزاحمه في حكمته(73) هذا يعني أنَّ الله لا ينتمي إلى عالمنا الماديّ، بل إلى العالم العلويّ.

* الوحيد(74). هناك ثلاثة استعمالات لهذا اللفظ. (1) التعبير الأسمى عن التقوى تجاه الآلهة. (2) وضع الفلاسفة. (3) تعبير عن الديانة التوحيديَّة. ففي المدائح الأورفائيَّة(75) عرف أنَّ »الإله« وحده يحرِّر الإنسان. وحده يدبِّر مسيرة البشر. وحده ينظر كلَّ نسمة. وحده يخلِّص الإنسان من الموت في البحر... الإله يكون فريدًا في وظيفته، في وضعه، في مجاله.(76)

هذا في العالم الوثنيّ، أمّا في العالمين اليهوديّ والمسيحيّ، فالكلام عن الإله الواحد نقرأه مثلاً في تث 4: 35؛ 6: 4 (رج إش 44-45). الإله الواحد هو فريد، لأنَّ الألوهة واحدة هي، ولا يكون بقربها ألوهة أخرى. هنا نتذكَّر عبارات نقرأها في السبعينيَّة: »من هو مثلك؟« (خر 15: 11؛ 1 صم 2: 2؛ 2 صم 22: 32). »ما من أحد تجاهك« (تث 4: 35، 39؛ 6: 4؛ 32: 39). »أنتَ الإله الوحيد في كلِّ الممالك« (2مل 19: 15؛ نح 9: 6).

* المجد والكرامة(77). تتضمَّن المجدلة في 1 تم 1: 17 أمورًا تقليديَّة أخرى نجدها في المجدلات: رفع المجد إلى الله. دوام هذا المجد. وأخيرًا الجواب: نعم. هنا المجد والكرامة يبدوان لفظين مترادفين. يدلاَّن على الاحترام العميق، على المديح والبهاء والجلال. نحن نمتلئ عجبًا ودهشة من عمل تامّ، من دور قام به الربّ، من موقعه في العالم. في العهد الجديد، نرفع »المجد« إلى الله (رو 11: 36؛ غل 1: 5 )، »المجد والسلطان« (1 بط 4: 11؛ رؤ 1: 6). »المجد والإكرام« (رؤ 4: 11؛ 5: 13). وهناك أيضًا مجدلات موسَّعة كما في يهو 25: »المجد والفطنة والقدرة والسلطان.«

* إلى دهر الدهور.(78) اعتبر البعض أنَّ هذه العبارة تتضمَّن عنصرين اثنين. الأوَّل: إعلان المديح لله. الثاني، تأكيد لامحدوديَّته في الزمن(79). ما نستطيع ملاحظته هو أنَّ مجدلات العهد الجديد تتضمَّن مثل هذه التعابير على لامحدوديَّة الله وفي أشكال متنوِّعة. من العبارة البسيطة: إلى الدهر (رو 11: 36). أو 'إلى دهر الدهور» كما هو الأمر هنا (2 تم 4: 18). والموسَّعة: »قبل جميع الدهور والآنَ وإلى كلِّ الدهور« (يهو 25).

في العالم اليونانيّ والرومانيّ نجد كلامًا عن الإله الذي هو بداية كلِّ شيء ونهاية كلِّ شيء (الأورفيَّة 4: 2؛ 15: 7). لا بداية له (10: 10) ولا نهاية (10: 8). هو لا يعرف الفساد (أفتارتوس) ولا الموت (أتاناتوس). أجل الإله هو العائش والجواب يكون: آمين. أنا موافق. وأنا أنشد ملك الله وأرفع له المجد.

ب- المبارك الوحيد (1 تم 6: 15 -16)

هذه المجدلة الثانية التي نقرأها في 1 تم تتضمَّن بنية مصاغة بإحكام مع سلسلة من الأسماء والألقاب والصفات. وها نحن نقرأها:

15 الذي سيبيِّنه في أوقاته (المحدَّدة من قبل الله)

المبارك العزيز، الوحيد

ملك الملوك وربّ الأرباب

16 الذي وحده له عدم الموت (الخلود)

الذي يسكن في نور لا يُدنى منه

الذي ما رآه أحدٌ من الناس

الذي له الكرامة والقدرة الأبديَّة.

آمين.

* المبارك.(80) أعلن كالي أنَّ صفة الله هذه معروفة في العالم اليهوديّ الهلنستيّ وقال هاوك(81): »لا يُدعى الله« مكاريوس في البيبليا، ما عدا في 1 تم 1: 11 وفي 6: 15. ولكنَّنا نجد اللفظ في الأناشيد الأورفيَّة وعند فيلون (إبراهيم 202: ملء المباركة والسعادة). وقال الإبيقوريّون إنَّ الله هو »المبارك والخالد والذي لا بلبلة فيه كما هو لا يبلبل البشر«(82). هذه المباركة تميِّز الإله عن المائتين الذين يتعبون، يتألَّمون، يموتون. وحده الله مبارك وليس عرضة للتقلُّبات. هي صفة فريدة لدى الإله.

* العزيز، الوحيد.(83) عبارة نقرأها في العالم اليونانيّ كما في العالم اليهوديّ، وتنطبق على شخص رسميّ مثل الأمير أو الملك(84)، فتتحدَّث عن دور شخص ووضعه في موضع السلطة، بل السلطة السامية. واعتبر البعض(85) أنَّ الكاتب أراد أن يبيِّن سموَّ الإله الواحد على سائر الآلهة، ولا سيَّما أولئك المعبودين في الإمبراطوريَّة الرومانيَّة. ونضيف أهمِّيَّة »الوحيد« (مونوس). وحده الله هو سيِّد الخلائق كلِّها.

* ملك الملوك.(86) اسم يعود أوَّلاً إلى العالم الأشوريّ، البابليّ، الفارسيّ، الفراتيّ، المصريّ(87). وحده السيِّد والجميع خاضعون له. نقرأ في البيبليا: »إله الآلهة«. رج تث 10: 17؛ مز 136: 2؛ ق 3 مك 5: 35.

* ربُّ الأرباب.(88) عبارات ثلاثة: ربُّ الأرباب، ملك الملوك، إله الآلهة. تُستعمل للتكريم. دور هؤلاء هو الدور الأعلى على الأرض وفي السماء. وهي تنطبق فقط على الله في صيغة أفعل التفضيل: أعظم الملوك، أعظم الآلهة، أعظم الأرباب.(89)

* له وحده عدم الموت.(90) في 1: 17 الله هو اللامائت (افتارتوس، الذي لا يعرف الفساد). هنا: يملك اللاموت، الخلود، وما قلناه من قبل عن »افتارتوس« ينطبق هنا على »أتاناسيان«.

* يسكن في نور لا يُدنى منه.(91) كان الملوك يختفون عن الشعب بحيث لا يصلون إليهم بسهولة. فبقدر ما يختفون يكونون مكرَّمين. إذا كان »أفتارتوس« يدلُّ على تفوُّق على المائتين، مع اللاتبدُّل واللاألم واللامحدوديَّة، فإنَّ »ابروسيتوس« يدلُّ على صعوبة المعرفة والاقتراب. إذا كان اللامائت لا يستطيع الدنوّ من الله، فكيف يمكن أن يراه أو يعرفه.

* ما رآه واحد من الناس.(92) هذا المديح الأخير يعكس صفة سلبيَّة عن الله: لا يُرى، هو فوق ما يستطيع الإنسان أن يشاهد. ممّا يعني سموّ الله على البشر.

وهكذا لاحظنا شكل المجدلة التقليديَّة في 1 تم 1: 17؛ 6: 15-16. بحثنا عن أرضيَّة الأسماء والألقاب والصفات المنسوبة إلى الله، واطَّلعنا على مضمونها في إطار بلاغيّ من مبدأ »الفرادة« الإلهيَّة، على ما يقول هوشع النبيّ: »أنا إله لا إنسان، أنا القدّوس (= المنفصل) في وسطكم« (هو 11: 9).

الخاتمة

انطلقنا من بولس الرسول وتعرَّفنا إلى بعض المجدلات التي نقرأها في رسائله. ورحنا إلى العالم اليونانيّ الذي منه استقت المدرسة البولسيَّة ولا سيَّما في الرسالة الأولى إلى تيموتاوس. ماذا قال اليونان عن آلهتهم، سواء »الأزليّين« منهم أو الأبطال الذين »أُلِّهوا« بعد أن كانوا مائتين؟ آلهة لا تعرف الموت ولا الفساد. لا تعرف التبدُّل ولا التحوُّل. لا بداية لها ولا نهاية. بعيدة عن البشر الذين لا يستطيعون أن يروها ولا أن يعرفوها. أخذ الفكر البولسيّ هذه الأسماء وهذه الصفات وجعلها في الإله الواحد الوحيد الذي هو نور لا يُدنى منه. ولكن إذ يقول المجتمع الذي انتشرت فيه الرسائل البولسيَّة، إنَّ هناك آلهة كثيرين وأربابًا كثيرين (1 كو 8: 5)، فالمسيحيّ يقول: »لنا إله واحد، الآب الذي منه جميع الأشياء، ونحن له. ولنا ربٌّ واحد هو يسوع المسيح الذي به جميع الأشياء، ونحن له« (آ6). وكما أخذ العهد القديم اسم »الله« (ا ل هـ ي م) من الشعوب الساميَّة، واسم »الربّ (ي هـ و ه) من عالم مديان وشبه جزيرة سيناء، أخذ العهد الجديد الأسماء التي أعطيَت لآلهة الأمم، وجعلها في الكلام عن له: لا يعرف الفساد ولا الموت. أزليّ، لأنَّ لا بداية له. وأبديّ، لأنَّ لا نهاية له. بعيد عن متناول البشر الذين لا يستطيعون أن يروه ويلمسوه. ولكن مع يسوع صار الله قريبًا منّا، بحيث نراه حين نرى الابن، ونعرفه حين يخبرنا يسوع عن الآب، على ما قال في صلاته الوداعيَّة: »عرَّفتُهم اسمك وسأعرِّفهم، ليكون فيهم الحبُّ الذي أحببتني به، وأكون أنا فيهم« (يو 17: 26). هكذا يمجَّد الآب في الابن، وهكذا ترفع الكنيسة، بل العالم كلُّه ، المجد والشكران للكائن والذي كان والذي يكون إلى الأبد. آمين.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
فيلبّي مدينة في مكدونية (اليونان) جاء إليها بولس مع سيلا ومع تيموتاوس
أراد بولس الرسول أن يحدِّث أهل كورنتوس عن المصالحة مع الله
مدينة ميكونوس التي تقع في دولة اليونان
المصالحة التي تمت بذبيحة الصليب
نصيحة لا تشربوا الكولا! استعملوها لحلّ 15 مشكلة


الساعة الآن 02:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024