منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 19 - 08 - 2023, 05:52 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,542

آرميا النبي | عدم مبالاتهم بحالهم


عدم مبالاتهم بحالهم:

إن كان النبي قد كرّس حياته للدموع من أجلهم لأنهم كانوا يجرون من شرٍ إلى شرٍ في خيانة لعريس نفوسهم، فإنهم من جانبهم لم يبالوا بدموعه، بل حسبوه إنسانًا متشائمًا يحطم نفسيتهم، يستحق الطرد، بل والموت، وذلك لأنهم لم يدركوا ما هم عليه. ويقدم لنا النبي علَّتين لعدم مبالاتهم، هما:

أولًا: انشغلوا بالمكر:

3 «يَمُدُّونَ أَلْسِنَتَهُمْ كَقِسِيِّهِمْ لِلْكَذِبِ. لاَ لِلْحَقِّ قَوُوا فِي الأَرْضِ. لأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ شَرّ إِلَى شَرّ، وَإِيَّايَ لَمْ يَعْرِفُوا، يَقُولُ الرَّبُّ. 4 اِحْتَرِزُوا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِهِ، وَعَلَى كُلِّ أَخٍ لاَ تَتَّكِلُوا، لأَنَّ كُلَّ أَخٍ يَعْقِبُ عَقِبًا، وَكُلَّ صَاحِبٍ يَسْعَى فِي الْوِشَايَةِ. 5 وَيَخْتِلُ الإِنْسَانُ صَاحِبَهُ وَلاَ يَتَكَلَّمُونَ بِالْحَقِّ. عَلَّمُوا أَلْسِنَتَهُمُ التَّكَلُّمَ بِالْكَذِبِ، وَتَعِبُوا فِي الافْتِرَاءِ. 6 مَسْكَنُكَ فِي وَسْطِ الْمَكْرِ. بِالْمَكْرِ أَبَوْا أَنْ يَعْرِفُونِي، يَقُولُ الرَّبُّ. 7 «لِذلِكَ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: هأَنَذَا أُنَقِّيهِمْ وَأَمْتَحِنُهُمْ. لأَنِّي مَاذَا أَعْمَلُ مِنْ أَجْلِ بِنْتِ شَعْبِي؟ 8 لِسَانُهُمْ سَهْمٌ قَتَّالٌ يَتَكَلَّمُ بِالْغِشِّ. بِفَمِهِ يُكَلِّمُ صَاحِبَهُ بِسَلاَمٍ، وَفِي قَلْبِهِ يَضَعُ لَهُ كَمِينًا. 9 أَفَمَا أُعَاقِبُهُمْ عَلَى هذِهِ، يَقُولُ الرَّبُّ؟ أَمْ لاَ تَنْتَقِمُ نَفْسِي مِنْ أُمَّةٍ كَهذِهِ؟»

"يمدون ألسنتهم كقسيهم للكذب لا للحق،
قووا في الأرض.
لأنهم خرجوا من شرٍ إلى شرٍ وإيأي لم يعرفوا يقول الرب" [3].
إذ تحولت ألسنتهم إلى أداة للحرب، لا لحساب الحق بل للكذب، ظنوا أنهم أقوياء، فانطلقوا في الخبث من شرٍ إلى شرٍ، ودخلوا في دوامة الخطية، ولم يجدوا فرصة للوقوف إلى حين ومراجعة النفس. بهذا فقدوا معرفة أنفسهم كما فقدوا بصيرتهم الداخلية ومعرفتهم للرب.
يكمل النبي حديثه عن خطورة المكر:
"احترزوا كل واحدٍ من صاحبه،
وعلى كل أخٍ يعقب عقبًا، وكل صاحب يسعى في الوشاية.
ويختل الإنسان صاحبه، ولا يتكلمون بالحق.
علَّموا ألسنتهم التكلم بالكذب، وتعبوا في الافتراء" [4-5].
يدهش إرميا النبي من الإنسان الذي في شره يرفض الصداقة مع الحق، هذه التي تقدم له الراحة بلا تعبٍ داخلي، بينما يبذل كل الجهد ليتعلم الافتراء.
وكما يقول الأب غريغوريوس (الكبير): [إنهم يتعبون لكي يخطئوا. وبينما يرفضون أن يعيشوا بالبساطة، إذا بهم يطلبون بالأتعاب أن يموتوا ].
* يؤكد إرميا النبي أنهم يرتكبون أثامهم الخبيثة لا بإرادتهم أو بانشراح قلب فحسب، بل ويبذلون جهودًا شاقة محتملين أتعابًا في تنفيذها .
الأب ثيوناس
إن كانت بساطة الحب تحتاج إلى جهاد، لكنه جهاد العذوبة الذي يعطي راحة للنفس والجسد معًا، أما المكر فإن بدَى سهلًا لكنه يقدم تعبًا ومرارة للنفس والجسد معًا، والعجيب أن الإنسان يرفض الراحة الداخلية ويطلب لنفسه أن يتعلم الشر والخبث بجهد وتعب مرّ.
بقوله: "لأن كل أخ يعقب عقبًا aqob yaqob" [4] ربما يشير إلى قول عيسو عن أخيه يعقوب: "إلا إن اسمه دعي يعقوب، فقد تعقبني الآن مرتين: أخذ بكوريَّتي وهوذا الآن قد أخذ بركتي" (تك 27: 36). يعطي هنا مثلًا لإساءة تفسير الكتاب المقدس، فيعقوب تعقب أخيه فأخذ بكوريته بأكلة عدس وبركته بتقديم طعام لأبيه اسحق، وقد دفع ثمن خداعه، إذ خدعه أولاده زمانًا هذا مدته حتى فقد بصره. أما هذا الشعب فتعقب كل واحد أخاه، لا لينال بركة أو بكورية، وإنما ليمارس الظلم والعنف والخداع لأجل حبهم في الشر ومباهاتهم به.
تعبوا لكي يستقروا وسط مرارة المكر، ويجعلوا منه مسكنًا دائمًا لهم، وكأنهم يرفضون بساطة الحق، ليعيشوا في مكر الباطل، أو يرفضوا السكنى في الله والوجود في أحضانه، ليستقروا في قلب إبليس الكذاب والمخادع. بهذا فقدوا معرفة الرب، إذ قيل:
"مسكنك في وسط المكر.
بالمكر أبوا أن يعرفوني يقول الرب" [6].
ماذا يعني فقدانهم معرفة الرب؟
عدم إدراكهم أن الله محب حتى في تأديباته، أما الأشرار فمبغضون حتى في قبلاتهم.
"لذلك هكذا قال رب الجنود:
هأنذا أنقيهم وأمتحنهم.
لأني ماذا أعمل من أجل بنت شعبي؟
لسانهم سهم قتّال يتكلم بالغش.
بفمه يكلم صاحبه بسلام،
وفي قلبه يضع له كمينًا" [7-8].
* تُحتمل جراحات الأعداء بأكثر سهولة من مداهنة الساخرين المملؤة مكرًا... قيل "كلام النمام مثل ُلقمٍ حلوة فينزل إلى مخادع البطن" (أم 26: 22).... "الرجل الذي يطرب صاحبه يبسط شبكة لرجليه" (أم 29: 5).
الأب يوسف
* الفم هو مصدر كل شر، بالأحرى ليس الفم بل الذين يسيئون استخدامه. فمنه تصدر الشتائم والإهانات والتجاديف وما يثير الشهوات والقتل والزنا والسرقات، هذه جميعها مصدرها إساءة استخدام الفم.
القديس يوحنا الذهبي الفم
* إن صُنت لسانك يا أخي يهبك ندامة في القلب، فترى نفسك. وهكذا تدخل إلى الفرح الروحي. أما إذا غلبك لسانك -فصدقني فيما أقوله لك- فإنك لن تقدر أن تهرب من الظلمة.
القديس مار إسحق السريانى
فقدوا معرفتهم للرب بلسانهم الغاش، الذي يكلم صاحبه بالسلام وهو يخطط له في قلبه لهلاكه، الأمر الذي تجسم بصورة بشعة في يهوذا الذي كان تلميذًا للرب، وملتصقًا به حسب الجسد، لكنه لم يعرفه كربٍ ومخلصٍ، فأسلمه بقبلة غاشة.
* لم يكن أحد مجرمًا في حق واهب الحياة أكثر قسوة من ذاك الذي تقدم باحترام مملوء خداعًا وتكريمًا فاسدًا مقدمًا قبلة حبٍ غاشة، هذا الذي قال له الرب: "يا يهوذا أبقبلة تسلم ابن الإنسان؟!" (لو 22: 48)...
الأب يوسف

ثانيًا: صاروا في فراغ:

10 عَلَى الْجِبَالِ أَرْفَعُ بُكَاءً وَمَرْثَاةً، وَعَلَى مَرَاعِي الْبَرِّيَّةِ نَدْبًا، لأَنَّهَا احْتَرَقَتْ، فَلاَ إِنْسَانَ عَابِرٌ وَلاَ يُسْمَعُ صَوْتُ الْمَاشِيَةِ. مِنْ طَيْرِ السَّمَاوَاتِ إِلَى الْبَهَائِمِ هَرَبَتْ مَضَتْ. 11 «وَأَجْعَلُ أُورُشَلِيمَ رُجَمًا وَمَأْوَى بَنَاتِ آوَى، وَمُدُنَ يَهُوذَا أَجْعَلُهَا خَرَابًا بِلاَ سَاكِنٍ».

"على الجبال أرفع بكاءً ومرثاة،
وعلى مراعي البرية ندبًا،
لأنها احترقت،
فلا إنسان عابر،
ولا يُسمع صوت الماشية.
من طير السموات إلى البهائم هربت، مضت.
وأجعل أورشليم رُجمًا ومآوي بنات آوي،
ومدن يهوذا أجعلها خرابًا بلا ساكن" [10-11].
السبب الثاني لعدم مبالاتهم بحالهم هو الدخول إلى حالة فراغٍ داخلي. فالنفس لا تشبع من الله خالقها، وتحمله كسماء وعرش له. تفقد تقديرها لخلاصها، ولا تدرك حقيقة مركزها، فتعيش كمرعى احترق، يصير خرابًا لا يعبره إنسان ولا يُسمع فيه صوت ماشية، ولا يهيم فيه طير. إنما يسكنه بنات آوي.
لقد صعد إرميا على الجبال، أي على شريعة الله ومن هناك تطلع إلى البرية، فوجد مراعيها قد احترقت بنيران الشهوات وحلّ بها الخراب، فرفع صوته وبكي، مقدمًا مرثاته على شعبه الذين دخلوا إلى حالة فراغ.
الشرير تتحول أورشليمه إلى رُجم [11]، عوض أن يكون قلبه مدينة الله المقدسة، يصير أشبه بمكان مهجور دنس، يُشتم فيه رائحة الموت.
عوض أن تكون مرعى للغنم، أي حظيرة الخراف المقدسة التي تضم شعب الله، تصير مآوي لبنات آوي [11]، وهي حيوانات أكبر من الثعلب وأصغر من الذئب، دائمًا تعوي؛ تتسم بالوحشية مع المكر والخداع، وترمز لعدو الخير إبليس وملائكته.
وتصير مدن يهوذا خرابًا، تحطم مواهب الإنسان وقدراته.
في اختصار يفقد الإنسان عقله ونفسه وجسده وقدراته ومواهبه ويدخل في حالة فراغ:
أ. يحترق مرعى قلبه بنار الشهوات، عوض إقامة راعي النفوس في داخله.
ب. ليس فيه إنسان، أي يفقد عقله الروحي ووعيه واتزانه.
ج. لا يُسمع صوت ماشية فيه، حيث يخسر حتى بركات الجسد.
د. تهرب منه طيور السماء، إذ لا تقدر نفسه أن ترتفع بروح الرب كما بجناحي حمامة إلى السماء.
ه. تتحول أورشليمه الداخلية، أي قلبه، إلى رُجم مملوءة دنسًا.
و. يسكنه عدو الخير بمكره وخداعه (بنات آوي).
ز. تتحطم مواهبه وقدراته (مدن يهوذا).
يقدم هنا مرثاة عن خراب أورشليم بسبب شرها.وقد كانت هذه العادة قائمة في أيام القديس جيروم.
يقول القديس أغسطينوس: [أورشليم الأرضية هذه هي ظل أورشليم السماوية ]. لقد اختار الله أورشليم بكونها الموضع الذي يسكن فيه اسمه (1 مل 11: 13، 2 مل 21: 4)، المدينة المقدسة التي يقطن فيها عرش الله (إر 3: 16إلخ)، وعلامة لحلوله وسط شعبه، لذلك حينما يؤدب شعبه يهدد بتدميرها وخرابها (إر 9: 11 ، 13: 9، 27؛ حز 4، 5، مي 3: 12). تحدث عنها الأنبياء كمركز للعمل المسياني، إليها يعود كل الأمم (إش 2: 2 الخ، 66: 18-20، مي 4: 1-3، حج 2: 7 إلخ). وفي العهد الجديد أعلن السيد المسيح عن اشتياقه لخلاص المدينة، وقد صارت في الكنيسة الأولى بعد حلول الروح القدس مركزًا للمسيحية، فيها يلتقي الرسل والتلاميذ. لكن أنظار المؤمنين كانت بالأكثر تلتقي نحو أورشليم العليا (غلا 4: 26، عب 12: 22، رؤ 14: 1، رؤ 21) كغاية عبادتهم.

ثالثًا: رفضهم الشريعة:

12 مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ الْحَكِيمُ الَّذِي يَفْهَمُ هذِهِ، وَالَّذِي كَلَّمَهُ فَمُ الرَّبِّ، فَيُخْبِرَ بِهَا؟ لِمَاذَا بَادَتِ الأَرْضُ وَاحْتَرَقَتْ كَبَرِّيَّةٍ بِلاَ عَابِرٍ؟ 13 فَقَالَ الرَّبُّ: «عَلَى تَرْكِهِمْ شَرِيعَتِي الَّتِي جَعَلْتُهَا أَمَامَهُمْ، وَلَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِي وَلَمْ يَسْلُكُوا بِهَا. 14 بَلْ سَلَكُوا وَرَاءَ عِنَادِ قُلُوبِهِمْ وَوَرَاءَ الْبَعْلِيمِ الَّتِي عَلَّمَهُمْ إِيَّاهَا آبَاؤُهُمْ. 15 لِذلِكَ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: هأَنَذَا أُطْعِمُ هذَا الشَّعْبَ أَفْسَنْتِينًا وَأَسْقِيهِمْ مَاءَ الْعَلْقَمِ، 16 وَأُبَدِّدُهُمْ فِي أُمَمٍ لَمْ يَعْرِفُوهَا هُمْ وَلاَ آبَاؤُهُمْ، وَأُطْلِقُ وَرَاءَهُمُ السَّيْفَ حَتَّى أُفْنِيَهُمْ.

"من هو الإنسان الحكيم الذي يفهم هذه؟
والذي كلمهُ فم الرب فُيخبر بها؟
لماذا بادت الأرض واحترقت كبرية بلا عابر؟
فقال الرب: على تركهم شريعتي التي جعلتها أمامهم،
ولم يسمعوا لصوتي
ولم يسلكوا بها" [12-13].
من يرفض كلمة الله النارية التي تحرق أشواك الخطية، وتلهب القلب بنيران الحب الإلهي، وتجعل منه خادمًا لله بنارٍ سماوية، تشتعل فيه نيران الشهوات، فتحوله إلى برية خربة!
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
آرميا النبي | يقدم لنا النبي ملخصًا لخدمته خلال الثلاث وعشرين عامًا
آرميا النبي | بأمرٍ إلهي نزل إرميا النبي إلى وادٍ منخفض
آرميا النبي | يقدم الله أيضًا إجابة لتساؤل النبي
آرميا | عدم مبالاتهم بحالهم
آرميا النبي | يعلن الرب لإرميا النبي حدود خدمته


الساعة الآن 04:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024