|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ساعة الصفر تقترب في ليبيا.. وقوى دولية تستعد لتصفية الجماعات الإرهابية بعد صمت طويل ومريب خرج تنظيم أنصار الشريعة الليبي أخيراً على الرأي العام المحلي والدولي ليدلي بدلوه في الأحداث الجديدة التي عرفتها ليبيا بعد تنفيذ الجنرال خليفة حفتر لتهديده ومروره من البيان الإعلامي إلى العمل العسكري في "عملية الكرامة" والمناوشات والقصف والعمليات المحدودة بين قواته والكتائب الموالية له في طليعتها لواء القعقاع الشهير وبين الميليشيات الإسلامية المتشددة في ليبيا وخاصة في بنغازي. ومن العمليات العسكرية انتقلت المناوشات إلى العمليات الاتصالية والإعلامية بعد البيان التلفزيوني الذي أدلى به زعيم تنظيم "أنصار الشريعة" الليبي في بنغازي محمد الزهاوي وهاجم اللواء خليفة حفتر وهدّده بالتصفية، كما شمل التهديد أيضاً بعض الدول العربية التي اتهمها بدعم حفتر أهمها الولايات المتحدة الأمريكية "العدو الأول للإسلام والمسلمين" والتي حركت "هذا البيدق الخبيث ليُدخل البلاد في حروب ودمار بمساعدة من الغرب وعملائهم من الخونة العرب" حسب قوله. وأضاف الزهاوي: "نُذكر المجرم حفتر ومن سار في دربه بواقع سوريا وأن إصرارهم على هذه الحرب القذرة سيفتح الجحيم عليه وعلى المنطقة برمتها فإن أهل التوحيد في المنطقة بل وفي العالم بأسره لن يخذلوا أبدا أهل التوحيد في ليبيا". ولكن الجحيم الذي يهدد به الزهاوي هو بالضبط الوصف الذي ينطبق على ليبيا بعد القذافي منذ فترة ليست قصيرة والذي نشأ عن ظهور أنصار الشريعة والحركات المماثلة بعد سيطرة الإخوان على القرار السياسي والكتائب والميليشيات المتشددة الليبية والأجنبية على القرار العسكري والأمني فيها منذ فترة، حتى إن المواجهة التي يهدد بها أصبحت أمراً واقعاً لا مفرّ منه، ولم يبق للأطراف المختلفة سوى تحديد الساعة الصفر، والأرجح أنها مسألة أيام إن لم نقل ساعات. في حديث له قبل أسبوعين إلى قناة تلفزيونية فرنسية، قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند: "سبب الوضع الليبي المتردي منذ أكثر من 3 سنوات أن قوات الناتو عندما تدخلت وأنجزت مهمتها المتمثلة في إسقاط نظام القذافي، لم تكمل عملها على الوجه الأكمل والأمثل، ولم تسيطر على الترسانة الضخمة من السلاح ولم تُؤمّنها بالشكل المناسب". وبالنظر إلى التطورات على الأرض يمكن القول إن ليبيا أصبحت على بعد خطوة واحدة من المواجهة الكبرى أو "المعركة الوجودية الأهم" بين معسكر الإسلام السياسي بشقيه الإخواني المهيمن على القرار السياسي والإرهابي المسيطر بفضل ميليشياته وسلاحه وتحالفاته في تونس ومصر ومالي ودول الساحل والصحراء على القرار العسكري، وبين القوى المدنية التي اكتشفت الفخّ الذي وقعت فيه المنطقة بأسرها بداية من "الرّبيع العربي" انتهاءً بتناسل الحركات "الإسلامية" في كامل شمال افريقيا مروراً بسوريا والحرب الإقليمية بالوكالة الطاحنة التي التهمت الأخضر واليابس. وعلى هذا الأساس لا يمكن النظر إلى قرار الدول الأوروبية إخلاء تمثيلياتها الديبلوماسية في طرابلس وإجلاء رعاياها قبل أسبوع، ثم إعلان الولايات المتحدة طلبها من رعاياها جميعاً مغادرة ليبيا وتحذيرهم من السفر إليها، إلا من زاوية التقارير العديدة الإعلامية العربية والغربية الإعلامية منها والاستخباراتية على أن ليبيا دخلت المنعرج الأخير في سباقها ضدّ الزمن وضد الإرهابيين الإسلاميين. وفي هذا السياق أفادت تقارير عديدة في اليومين الأخيرين بأن أنصار الشريعة والميليشيات المختلفة المتفرعة عنها وبرعاية الحركة الإخوانية الواجهة السياسية للتنظيم الدولي للإخوان في ليبيا، أدركت منذ فترة أن صراع الوجود بينها وبين القوى المدنية في ليبيا والمنطقة بشكل عام، وصل إلى مرحلة الحسم، فإما أن تغرق المنطقة في مستنقع الإسلام السياسي رسمياً إلى فترة قد تطول، وإما أن تضع حداً بدفع من قواها الوطنية المتوثبة والمتشوقة لبناء مجتمعات ديموقراطية حقيقية تخرج بها من رمال الأزمات المتحركة التي استوطنت دول شمال افريقيا وجنوب الصحراء، من مالي إلى نيجيريا وافريقيا الوسطى. وفي هذا السياق أيضاً تواترت التقارير التي تحدثت عن قرار"أنصار الشريعة" الوجه التنظيمي والحركي للقاعدة في المغرب الإسلامي، قبل يومين توحيد الشطرين التونسي والليبي، ودعوة المقاتلين المتشددين من دول المغرب العربي ودول الصحراء الكبرى الموجودين في سوريا اليوم إلى الالتحاق بمعسكرات التنظيم في ليبيا. وتتحدث تقارير مطلعة عن تعويل التنظيم على 12 ألف مقاتل خبير بحرب العصابات بعد تدريب وخبرة ميدانية محترمة في سوريا للتصدي في البداية لقوات حفتر التي يمكن أن يصل عددها إلى 17 ألف مقاتل من الجيش الليبي وفرق متخصصة أخرى بالإضافة إلى بعض الميليشيات الثورية السابقة من غرب ليبيا، إيذاناً بفتح جبهة جهادية في انتظار المرور إلى "خطة الزلزال" أو المعركة الكبرى للتنظيم في ليبيا وتونس بالتزامن مع بداية شهر رمضان. ويمكن القول إن التصعيد الإعلامي لقيادة التيارات الجهادية في ليبيا عن طريق أنصار الشريعة، يعكس أنها لا تتحدث باسم التنظيم وحده بل باسم الحركات المتطرفة في تونس والجزائر ومصر والمغرب الأقصى إضافة إلى الحركات المماثلة في مالي وموريتانيا ونيجيريا والنيجر وصولاً إلى غرب أفريقيا بأكمله، والتي تحاول إقامة هلال جهادي يضرب بقوة في نصف القارة الأفريقية من غربها إلى شرقها حتى جيبوتي التي دفعت منذ 3 أيام ضريبة الدم بدورها رغم موقف حكومتها المهادن وغير المعادي رسمياً على الأقل للحركات الإسلامية وخاصة "حركة الشباب" الفاعلة في الساحة الصومالية المجاورة. وتشير المؤشرات على الساحة الليبية تشير إلى أن الفريقين المتقابلين حسما أمرهما وبلغا نقطة اللاعودة فإما حياة وإما ممات، على خلفية أن ليبيا اليوم هي المربع الوحيد المتبقي للإسلام السياسي الدولي، كما كانت أفغانستان في وقت سابق قبلة الجهاد الدولي و"العابر للقارات" ولكن ليبيا أيضاً أكثر من ذلك بقليل، فهي أولاً وأساساً الغنيمة الكبرى ولكن الأخيرة التي لا تزال إلى حدّ ما في يد الإخوان المسلمين ووكلائها الميدانيين من الجهاديين على مختلف تصنيفاتهم، وبسقوطها لن تكون للتنظيم وللأحزاب الإخوانية التي تخلت عن السلطة أو أجبرت على مغادرتها كما في مصر وبدرجة أقل في تونس نفس القدرات التي توفرت لها منذ اندلاع الانتفاضات الشعبية التي جاءت بهم إلى السلطة ولن يكون للتنظيم أو عرابيه في المنطقة مثل تركيا وقطر عمق استراتيجي يستند إليه ويمكنه الانطلاق منه في مسيرة استعادة السلطة. وإذا كانت تلك مبررات السلطة في ليبيا التي أعطت على ما يبدو الحركات المتشددة المسلحة في ليبيا الضوء الأخضر لتحريك الماء الآسن في طرابلس وبنغازي، فإن لدول الجوار أيضاً رغم قربها من إخوان طرابلس حساباتها وحقلها الداخلي الذي تحرص على أن يطابق بيدرها، ويكفيها مشقة التعرض إلى أخطار إضافية، مثل تونس التي سارعت بإعلان الجنوب المحاذي لليبيا منطقة عسكرية مغلقة في خطوة تقول الحكومة إنها لاستباق عمليات واسعة منطلقها ليبيا، وتقول التقارير الغربية على العكس إنها لاتاحة الفرصة للقوات الصديقة للانطلاق في ظروف آمنة من قاعدة رمادة العسكرية الملاصقة للحدود الليبية تماماً بعد اكتمال إعداد القاعدة السابقة وتجهيزها لتناسب عمليات عسكرية كبرى. وإلى جانب تونس أو الجزائر التي أغلقت حدودها ونشرت قوات ضخمة على الحدود الثلاثية مع ليبيا وتونس أيضاً في المناطق الجنوبية الشرقية، فإن العالم الغربي وفي طليعته الولايات المتحدة ودول شمال البحر الأبيض المتوسط مثل فرنسا وإيطاليا وبدرجة أقل اسبانيا، ستكون مجبرة على التدخل، قصد "إنهاء المهمة" التي تحدث عنها الرئيس الفرنسي السيطرة على الترسانة الضخمة التي تكفي لتسليح قوة عظمى التي تركها نظام القذافي في أيدي الميليشيات، ما يعدّ بمثابة الضوء الأخضر الدولي والإقليمي لوضع حدّ لتهديد العنقاء الإرهاب التي تفرعت رؤوسها في أكثر من دولة بما أضحي يهدد مصالح دول كثيرة من داخل وخارج المنطقة. ويعود حرص الدول الغربية على تجفيف المحيط الهائل من السلاح الليبي إلى المخاطر الحقيقية التي أصبح يمثلها على هذه الدول الأوروبية القريبة من ساحة الصراع الليبي من جهة، ومن تدفق السلاح بغزارة على الحركات المتشددة في عدد كبير من الدول الأفريقية وغير الأفريقية، وهو ما يفسر العمليات النوعية الجديدة والجريئة التي تنفذها بوكو حرام في الآونة الأخيرة في نيجيريا، أو عودة الحركات الجهادية في مالي إلى أخذ بعض المبادرات والسيطرة على بعض المواقع التي أجلاها عنها الجيش الفرنسي بمناسبة تدخله في مالي قبل سنة. ورغم نجاح القوات الفرنسية في تأمين الوضع في شمال مالي إلى حدّ ما الأمر الذي سمح مثلاً بتنظيم انتخابات رئاسية وترميم جهاز الدولة المالية في هذا البلد الأفريقي عادت المنطقة بفضل السلاح الليبي إلى النقطة الصفر، وامتد الأمر إلى افريقيا الوسطى والصراع الطائفي بين مسيحيين ومسلمين في مجازر فظيعة ارتكبت من الجانبين وبسلاح ليبي في أكثر الأحيان متى أمكن الحصول عليه. ومن جهة أخرى وإلى جانب إشراك قوى وقوات داخلية في مكافحة الإرهاب الناشئ في المنطقة والمستفحل في ليبيا أساساً، فإن دول الشمال ترى في الساحة الليبية فتيلاً إضافياً يمكن أن يتسبب في كوارث أكبر لهذه الدول نفسها، بما أن "الهلال الجهادي" في شمال أفريقيا هو نفس الهلال الذي يحمي تجارة المخدرات والتهريب بمخلتف أنواعه بما فيها تهريب البشر والاتجار فيه والسبب الرئيسي في الارتفاع الكارثي لعدد الضحايا بين المهاجرين الأفارقة والعرب غير الشرعيين على متن قوارب الموت المتجهة إلى جنوب أوروبا وخاصة إيطاليا. |
|