احْمَدُوا الرَّبَّ لأَنَّهُ صَالِحٌ، لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ
جاءت هذه الدعوة مطابقة لما ورد في مز 107 و136.
هَلِّلُويَا.
احْمَدُوا الرَّبَّ لأَنَّهُ صَالِحٌ،
لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ [1].
الشعور بالضعف والاعتراف بالخطايا يبعث في المؤمن كما في الجماعة الشعور بالتواضع أمام الله، لكنه لا يُفقِدنا روح الفرح بالله الرحوم غافر الخطايا. لذا يبدأ هذا المزمور بالكلمة "الليلويا"، مع أن المزمور يمثل صرخة إلى الله حيث يطلب الإنسان: "افتقدنا بخلاصك".
تُترجَم الكلمة التي في العربية "احمدوا" تارة "اعترفوا" وأخرى "اشكروا"، فإن ضعف الإنسان مع إدراكه لمراحم الرب يبعث في الإنسان الاعتراف بروح الرجاء مع الشكر للرب غافر الخطايا. وقد تكررت هذه العبارة 26 مرة في المزمور 136. فإنه ليس من موضوع ولا من عمل يناسب المؤمن أكثر من التسبيح بروح الرجاء والفرح للرب مخلصه.
يرى القديس أغسطينوس أن كلمة "احمدوا" هنا تُترجَم "اعترفوا"، سواء يعترف الإنسان بخطيته أو يعترف بمراحم الله.
* يليق بكل من يعترف بخطاياه أن يفعل هذا مع تسبيح الله، فإن الاعتراف بالخطايا ليس بالأمر التقوى ما لم يكن بدون يأس، وأن يرافقه التماس رحمة الله [1].
القديس أغسطينوس
ويرى القديس أغسطينوس أن تعبير "إلى الأبد رحمته" يعني إلى منتهى الدهور أو إلى نهاية العالم. كما يقول بأنه ربما يتجاسر أحد فيقول بأنه حتى في يوم الدينونة وإن كان الأشرار يعاقبون مع الشياطين وملائكته، لكن الله يُظهِر نوعًا من الرحمة بهم، فتظهر رحمته أبدية.
* يا من ارتكبتم خطايا خطيرة وتيأسون من الخلاص، وتفكرون أنه بسبب ضخامة خطاياكم لا تقدرون أن تنالوا الصفح، أنصحكم - بل بالحري ينصحكم النبي أن تشكروا الرب، لأنه صالح. عظيمة هي خطاياكم، ولكن عظيم هو الرب الذي يشفق عليكم. اعترفوا بخطاياكم للرب، واندموا، ولا يتأسوا من خلاصكم، لأن الرب عطوف. اشكروا الرب يا من لكم خطايا عظيمة. لا تتكلوا على قوتكم، بل ثقوا في رحمة الرب [2].
* "لأن إلى الأبد رحمته". يقول المرتل: "في الهاوية من يحمدك؟" (مز 6: 5) فإنه يستحيل بالنسبة لأي أحدٍ في الهاوية أن يندم على خطاياه.
مادمت في هذا عالم؛ أتوسل إليك أن تتوب.
اعترفْ، واحمد الرب، فإن فقط في هذا العالم الرب رحوم. هنا يقدر أن يتعطف على التائب، أما هناك فهو ديان وليس رحوم.
هنا هو رءوف ولطيف، هناك هو ديان.
هنا يبسط يديه للساقطين، هناك يرأس كقاضٍ.
أقول الآن هذا كله لنفع أولئك الذين يظنون أنه توجد ندامة على الخطية في الجحيم [3].
القديس جيروم
* إذا أقر المذنب بذنبه أمام حكام الأرض يعذبونه، أما الله فإنه يغفر لمن يقر بذنبه، وذلك لأنه صالح وإلى الأبد رحمته. وأما الذي لا يقر بذنبه يؤدبه.
الأب أنسيمُس الأورشليمي