رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اليهود ومحاكم التفتيش في أسبانيا والبرتغال أكدت التشريعات المطبقة على اليهود بوحي من الكنيسة ما قيل من أنهم أناس رفضهم الله ولعنهم، أقيم من حولهم سياج عزل صحي يقي أرواح المسيحيين من عدواهم، وانكمشت الاتصالات على الصعيد الاجتماعي معهم، وتعددت حوادث اضطهادهم وطوردوا من مكان لمكان، فقد طرد اليهود من فرنسا وأعيدوا أربع مرات فيما بين عامي 1182، 1321 وفي عام 1322 طردوا مرة أخرى حيث لم يبق منهم يهودي واحد في فرنسا خلال الأربعين عاما التالية، وفي أسبانيا حيث ازدهر اليهود في ظل الحكم الإسلامي ثم المسيحي، بدأ اضطهادهم بوحي من الكنيسة عام 1492 طرد اليهود جميعًا من أسبانيا وتم ذلك في 2 أغسطس من نفس العام وهو يوم اتخذه اليهود يوما للحداد في حياتهم. وبذلك استبعد اليهود في نهاية القرن الخامس عشر بصورة تكاد تكون تامة من كل غرب أوروبا باستثناء أجزاء بسيطة في ألمانيا وإيطاليا ومن ثم احتشدوا في الإمبراطوريتين الشرقيتين الباقيتين وهما: حيث تجمع اليهود الأشكينازيم אַשְׁכְּנַזִּים واليهود شمال أوروبا، وفي الإمبراطورية العثمانية حيث تجمع اليهود السفارديم Sephardim من الأصل اللاتيني أو الأسباني. Marranos وبتزايد النفوذ السياسي للكنيسة انتشرت ظاهرة اليهود الذين أخفوا ديانتهم عندما وجدوا أنفسهم بين اختيار الموت أو التحول إلى المسيحية. واضطرت جموع كثيرة منهم إلى هذا التحول في الظاهر، وهم مقيمون سرًا على ديانتهم اليهودية، ومصممون على نقلها لأولادهم جيلًا بعد جيلًا، وقد عرف هؤلاء في أسبانيا باسم "المارانوس" حيث انفتحت أمامهم أبواب العمل في المحاماة والحكومة والجيش والجامعات، بل وفي الكنيسة نفسها، وتمت لهم السيطرة على أوجه النشاط في أسبانيا، وكان لفظ (مارنوس Marrano) هذا اصطلاحًا أسبانيا يرجع إلى العصور الوسطى ويعنى (الجنزير) وفي ذلك ما يشير إلى مقدار ما كان يشعر له الأسباني العادي من احتقار نحو هؤلاء اليهود غير المخلصين الذين ازداد عددهم وزاد نفوهم. وعلى امتداد القرن 15 بدأ الناس يكرهون أولئك المنافقين اليهود الذين أصبحوا مسحيين مظهرًا ويهود مخبرًا، أولئك الذين احتكروا المراكز المالية الهامة، وارتبطوا بالعرش، بحيث أصبحوا يمثلون أحد مظاهر القهر الملكي، وتقرر في عام 1464 النظر في أمر هؤلاء المسيحيين الجدد، إذ فوضت الكنيسة في عام 1478 ثلاث شخصيات بالتصرف في الأمور التي تتعلق بالمرتدين، وكان ذلك أنما يعنى بداية محاكم التفتيش في أسبانيا، وصلت الأمور إلي أقصى غاية في عام 1480 حين قرر عدد من أغنياء التجار المسيحيين الجدد في مدينة (سيفيل) مقارنة محاكم التقسيم، غير أن أمرهم انكشف وحوكموا وأعدموا، وفي عام 1481 احرق ستة رجال وامرأة أحياء، وأعدم رئيس الجماعة، وطرد اليهود من أسبانيا نهائيا عام 1492، وانتقل أغلبهم للبرتغال التي طردتهم هي الأخرى عام 1497 ورحل معظمهم على أفريقيا، واعتنق الباقون المسيحية دون إخلاص، حيث احتفظوا بديانتهم. وبدأت محاكم التفتيش في البرتغال عام 1536 حيث عذب وأعدم عدد من المسيحيين الجدد ونتيجة لهذا القهر والاضطهاد وترك المسيحيون الجدد أسبانيا والبرتغال إلى الشرق الوسط وإيطاليا وهولندا وإنجلترا، وأصبح لبعضهم وضع قوى جدًا في البلاط التركي، وأدوا في مقرهم الجديد إلى الديانة اليهودية علنا، واعترفت بهم فرنسا رسميًا عام 1730، ومارسوا ديانتهم علنًا في هولندا في مطلع القرن 17، وازداد نشاطهم في البحرية التجارية الهولندية بحيث سيطروا على ربع أسهم شركة الهند الشرقية الهولندية. وكان عدد المارانوس في إنجلترا محدودا غير. وقد قام كرومويل بالترحيب بهم، أملًا في الحصول على عونهم على جَعْل لندن مركزا للتجارة الأوربية. وحدث في عام 166 ميثاق رسمي يحمى الطائفة اليهودية، ومُنِحوا حرية العبادة عام 1673 وعوملوا معاملة مساوية كباقي السكان. واتجه المارانوس في الوقت نفسه إلى الاهتمام باستكشاف العالم الجديد ومولوا هذه العمليات، وهناك ما يدعو للاعتقاد بأن (كريستوفر كولومبوس) كان ينتمي إلى إحدى عائلات المسيحية الجدد، وانتقلت أعداد منهم إلى البرازيل في القرن السادس عشر وإلى المكسيك. أما عدد المارانوس في العالم اليوم فمحدود للغاية. وكان الاعتقاد سائدًا بأن محاكم التفتيش قد قضت نهائيًا على آثار اليهود في أسبانيا والبرتغال. وقد قام يهوديًا بولنديًا يُدعى (شوارز)، كان يعيش في لشبونة، قام بجمع معلومات عام 1917، وتدل المعلومات هذه على تجمعات من المارنوس مازالت تلتزم بالتعاليم اليهودية. وقد بدأت أعداد المارنوس القليلة تضمحل حاليا حيث تزاوجت أجيالها الجديدة مع غير اليهود وهاجر بعضها إلى إسرائيل ولا يحتمل أن تبقى فئة المارانوس في أسبانيا والبرتغال طويلًا. |
|