القديس العظيم الانبا مينا هو تلميذ البابا كيرلس السادس واول اسقف ورئيس لدير الشهيد العظيم مارمينا العجايبى بمريوط .....
وبمناسبة قرب عيد نياحة هذا القديس العظيم وهو يوم 11/12 ... احب ان اكتب نبذه عن هذا القديس وهى بعنوان :
&& ألاسقف الروحى الناسك لقداسة البابا شنودة &&
" سليمان رزق " الخادم المحبوب , والشماس الموهوب , ولد فى 23 يناير 1923 م .. وكان محبا للصلاة منذ حداثته ...
عاش كراهب قبل سيامته راهبا ... واستمر فى حياة الرهبنة بعد سيامته اسقفا ...
لم تعلمه الرهبنة النسك والهدوء .. وانما اظهرت مافى داخل قلبه من نسك ومن هدوء..
استعد للرهبنة ايضا بما تدرب عليه من مداومة التسبيح والصلاة ,
وهو خادم فى طنطا , فى شبابه المبكر ..
استلم التسبحة من المعلم صالح فى طنطا .. واحبها وداوم على ترديدها .. وكأى انسان طقسى .. كان يحب الصلاة .. وكان يقود اجتماعات الصلاة فى كنيسة العذراء بحى الصاغة .. وترك فى تلاميذه هناك اثرا عميقا ... وكثيرا ماكان يكرر بلحن شجى تلك القطعة المحبوبة لديه ..
" ... ليس عبد بلا خطية ... ولا سيد بلا غفران " ...
الى جوار محبة الالحان والتسبحة وقيادة اجتماعات الصلاة والتراتيل , كان يخدم فى مدارس الاحد , ويعمل ايضا فى خدمة القرى , وفى العمل الفردى حيث يقود كثيرين الى التوبة ... وكان يخدم معه فى طنطا الدكتور طلعت عبده حنين , وهو من خدام الجيزة ...
ولما رقد فى الرب " الاخ عبد الملك " الخادم المكرس امين مكتبة مدارس الاحد بالجيزة سنة 1950 م , اختير " الاخ سليمان " ليحل محله ليكون شابا مكرسا امينا لمكتبة مدارس الاحد بالجيزة ...
وهكذا استقال من وظيفته , وتكرس لخدمة الرب , وهو فى 27 من عمره , معطيا كل وقته لله وبهذا بدأت المرحلة الثانية فى حياته , وهى مرحلة التكريس ...
وفى الجيزة كان يهتم بالتعليم والافتقاد , وبتوزيع مناهج ودروس مدارس الاحد على الاقاليم وفروع الخدمة فى كل القطر , مشفوعة بكلمة روحية من عنده ... وفى الجيزة تعرف بقادة الخدمة هناك " القمص مكارى السريانى نيافة الانبا صموئيل فيما بعد ... والقمص صليب سوريال كاهن كنيسة مارمرقس ... والمهندس ميشيل خليل بشاى نيافة الانبا دوماديوس فيما بعد ... والمهندس يسى حنا امين الخدمة " وعمل معهم فى محيط الخدمة والافتقاد ...
لم يشتهر الاخ سليمان بأنه خادم منبر فى الوعظ بل كانت شهرته فى العمل الفردى ...
فى الجلسة الهادئة مع الشباب , فى محبتهم واجتذابهم الى الرب وقيادتهم الى التوبة .. وهذا كله يتم فى الخفاء .. ويناسب روحه البعيدة عن المظاهر . التى تعمل فى هدوء وقد لا يحس احد بعملها لكنه يرى نتائج العمل ظاهرة ... وكانت خدمته تنمو , وصلاته بالناس تكثر , ويبارب الرب العمل ...وازداد نشاطه فى خدمة القرى والاحياء المحتاجة , وخدمة المراسلة مع الاقاليم ...
على ان عمل الخدمة والتعليم , لم ينسه الصلاة والتسبيح بل استمر فيهما وبخاصة بعد اتصالة بكنيسة مارمينا بمصر القديمة ... حيث كان الراهب العابد القمص مينا المتوحد " قداسة البابا كيرلس السادس " فيما بعد نيح الله نفسه ...
عن كنيسة مارمينا كانت تصدر " رسالة ميناء الخلاص " يشرف على تحريرها القمص مكارى السريانى , ويتولى توزيعها الاخ سليمان .. وهكذا ازدادت صلته بكنيسة مارمينا وبالقمص مينا وبالتالى بالقديس مارمينا ...
التقى الشماس المحب للتسبحة والصلاة بالكاهن المحب للتسبحة وللصلاة .. التقيا ايضا فى القداسات والعشيات .. وبمرور الوقت صار الاخ سليمان هو الشماس الذى يخدم مع القمص مينا المتوحد فى مكان نسكه بمصر القديمة .. وكان يأتى اليه بشباب الخدمة ليعترفوا عليه ...
ولما صار القمص مينا المتوحد بطريركا باسم البابا كيرلس السادس .. عين " الاخ سليمان " شماسا وتلميذا خاصا له ...
وكان هذا فى مايو سنة 1959م ...
وهنا بدأت المرحلة الثالثة فى حياته فى الخدمة ...
وكنا معه فى سكرتارية قداسة البابا كيرلس السادس نيح الله نفسه , وبدأت صلتنا به , بالشاب الهادئ الوديع الذى يعمل مع سيده بكل اخلاص وامانة , وفى صمت وفى بشاشة وحسن تعامل , كوسيط بين البابا والناس ...
وفى هذه المرحلة دخل فى العمل العام ... فى جو البطريركية المملوء باللقاءات والاخبار .. ومع ذلك كله احتفظ بهدوئه وصمته .. وكان فى نفس الوقت يحضر مع البابا كل عشية وكل قداس , يردد مردات الشماش , ويرابع معه التسبحة , ويتناول من الاسرار المقدسة , ومنه تعود على القداسات اليومية وصارت طقسا ثابتا معه طول حياته ...
وفى تلك الاثناء كان قداسة البابا كيرلس يقوم بالاستعدادات والاجراءات لتأسيس دير مارمينا فى صحراء مريوط جوار الدير الآثرى الذى هو تحت اشراف الهيئة العليا للآثار .. وفى الوقت نفسه كان يعد شماسه سليمان ليكون المسئول عنه ...
وهكذا بدأت المرحلة الرابعة فى حياته بسيماته راهبا على دير مارمينا فى 2 سبتمبر 1964 م بأسم الراهب مينا افا مينا ...
وذلك بعد ان ترك القمص متياس السريانى امانة الدير " نيافة الانبا دوماديوس حاليا " ثم نال الراهب مينا نعمة الكهنوت , وصار امينا للدير .. وانتدبه البابا وكيلا للبطريركية فى الاسكندرية ...
وفى سنة 1972م خلا كرسى دمياط , فعرضت عليه ان يرسم اسقفا عليه , ولكنه اعتذر عن ذلك وفضل الرجوع الى الدير .. فسمحت له بما يريد .. وتعين رئيس للدير ...
وتميزت رئاسته للدير بأمرين هامين : التعمير , والابوة الروحية ...
----------------------------------------------------------------
حركة تعمير واسعة النطاق قامت فى هذا الدير الوليد , حتى صار من اعظم واشهر الاديرة فى جيلنا .. وكثرت فيه الابنية بنظام روعيت فيه الاناقة والجمال والفن , ابنية للرهبان , واخرى للزوار وضيوف الدير , وابنية لانشطة الدير العديدة المنوعة .. الى جوار هذا التعمير الزراعى , ومنتجات الدير التى قامت عليها صناعة زراعية متقنة .. يضاف الى ذلك تميز الدير الهائل فى صناعة الاباركة والايقونات والديكور الكهربائى .. مع ادخال الماء الى الدير , بعد ان كان يحمل اليه على الجرارات من قرية بهيج ...
يضاف الى كل هذا : التعمير الرهبانى
فمن استعارة رهبان من اديرة اخرى لتعمير الدير الى سيامة 57 راهبا فيه , كان يدعونى بأستمرار للقيام برسامتهم .. وبأذن الله سوف يرتفع عدد الرهبان الى ستين او اكثر فى الاسابيع المقبلة " وهذا العدد كان عام 1996 وقت كتابة هذا المقال " وقد ارتفع العدد على الرغم من اصراره على طول مدة الاختبار التى صارت فى عهده لا تقل عن ثلاث سنوات تقريبا ...
ووضع للرهبان قواعد روحية يسيرون عليها
--------------------------------------------
منها المواظبة على صلاة نصف الليل وصلاة الغروب وحضور التسبحة ومنها الاستماع الى بستان الرهبان اثناء تناول الطعام على المائدة .. ومنها ندرة رسامة الرهبان فى الرتب الكهنوتية , والاقلال من نزولهم الى العالم الا لضرورة ملزمة , بالاضافة الى كل هذا ارشاده الروحى لهم , كأب اعتراف للدير , والاهتمام بكل فرد منهم بعناية خاصة .. كما انه حافظ على هدوء الدير بمنع الزيارات اثناء الاصوام الكبيرة ...
ونظرا لنشاطه الروحى والعمرانى , تمت سيامته اسقفا للدير فى 25 مايو 1980 .. وكان احد ثلاثة رؤساء اديرة البستهم الاسكيم المقدس فى عيد القديس الانبا انطونيوس فى 31 يناير 1996م ...
وبهذه المناسبة كتب رسالة رعوية لابنائه الرهبان ضمنها الكثير من النصائح الروحية الرهبانية النافعة لهم ...
على ان اعظم ماقدمه لهم .. كان قدوته امامهم كأنسان روحى مدقق فى حياته ... كان انسانا وديعا هادئا صامتا وان تكلم فلضرورة ولا يخطئ بلسانه ... كان انسانا ناسكا . يحفظ الصوم حتى فى فترات مرضه , ويقسو فيه على نفسه ,وفى مرضه كان يصر على الوقوف للصلاة , حتى فى الصلاة على احد الناس .
كان رجل صلاة , يهتم بالصلاة فى حياته وفى الطقس الكنسى .
وكان شفوقا جدا على الناس , وكريما على عطائه وكان يحتفظ بسلامه الداخلى اثناء مرضه , على الرغم من علمه بسوء حالته الصحية التى كانت تزداد سوءا فى السنوات الاخيرة .. ولم يسمح لنفسه ان يقصر فى عبادته بسبب مرضه ...
وكان انسانا متواضعا , لا يأنف من اداء اى عمل من اعمال الدير , وكان يحترم الرئاسة الدينية احتراما كبيرا ..
روحانيته جعلت الكثيرين يعترفون على يديه ويطلبون ارشاده ..
ومن ابنائه فى الاعتراف بعض من الاباء الاساقفة وكثير من الاباء الكهنة .. كانوا ينتفعون من ارشاداته , ومن بركته , ومن قدوته الصالحة ...
رقد فى الرب فى 11 ديسمبر 1996 م بعد كفاح طويل مع المرض , فى احتمال عجيب .. وكان لا نتقاله رنة أسى عند كثيرين لشعورهم بالفراغ الذى تركه ..
نيح الله نفسه الطاهرة فى فردوس النعيم ..
عاش مايقرب من 74 عاما " الا شهر ونصف "
قضى منها اكثر من 32 سنة راهبا ...
واكثر من 16 سنة اسقفا ...
و 46 سنة منذ تكريسه للخدمة ...
نفعنا الله جميعا ببركاته ... مصليا عنا فى كورة الاحياء ...
والموضوع له باقية :
|