حقاً أن الذي لا يستطيع أن يبذل ما هو خارج ذاته، كيف يمكنه أذن أن يبذل ذاته؟
إن كنت لا تستطيع أن تعطي مالك للرب، أو عشورك وبكورك، فكيف يمكنك تعطيه عمرك وحياتك؟! كيف يمكنك أن تعطيه دمك؟! كيف..؟! وأن كنت لا تستطيع أن تعطيه الحياة كلها؟! في عصر الاستشهاد، لكي تدرب الكنيسة أولادها علي حب الموت ولقائه، دربتهم أولاً علي الزهد في الماديات، وترك الاملاك والمقتنيات، وترك الأهل والبيت، فكان "الذين يستعملون العالم كأنهم لا يستعملونه، والذين يشترون كأنهم لا يملكون، والذين لهم نساء كأن ليس لهم" (1كو 7: 29- 31) لكي يثق الكل بأن "هيئة العالم تزول" وتضع الكنيسة في آذان أولادها في كل قداس قول الرسول "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم.. فالعالم يمضي وشهوته معه" (1يو 2: 15، 17). أن الذي يزهد في العالم وما فيه، يستطيع أن يبذل الحياة من أجل الله. الذي يقول "مملكتي ليس من هذا العالم" مشتهياً أن يملك مع المسيح في الأبدية، هذا يستطيع أن يبذل ذاته من آجل اخوته ومن آجل الرب