أيها الحبيب في كل شيء أروم أن تكون ناجحاً وصحيحاً كما أن نفسك ناجحة (3يو2)
بهذه التحية يزداد اليقين عند غايس بأن الرسول يهتم به. وإنها لأمنية قلبية في غاية البساطة والاتساع، أنه يتمنى أن يكون غايس ناجحاً في كل شيء. وعبارة "في كل شيء" تتضمن أموره الزمنية وكذلك الروحية.
يفتكر البعض أنه مهما ساءت أحوالنا الزمنية أو صحتنا الجسدية، فالمهم أن تكون أنفسنا ناجحة. لكن الرسول لم يذهب كلامه إلى هذا الفكر المتطرف، لأن عبارة "كل شيء" تتضمن ما يتأثر به الجسد وما تتأثر به النفس أيضاً. وكان شعور يوحنا شعوراً أخوياً صادقاً من جهة نجاح غايس في كل شيء، لكنه في نفس الوقت يعطي المقام الأول لنجاح نفسه. فإذا حرص المؤمن على ذلك بإخلاص، فيستطيع بصفة عامة أن يثق في اهتمام الرب بأشغاله وبصحته الجسدية أيضاً.
نحن، المؤمنين، تحت النعمة، وإلهنا المُحسن يجد لذته، إذا نجحت نفوسنا، في إنجاح كل أمورنا. إن شعور رؤوسنا جميعها مُحصاة. وإن كان عصفور لا يسقط إلى الأرض بدون إذنه، وإن كان هو يهتم بالغربان وزنابق الحقل التي ليس لها نفس، فكم بالأولى يهتم أبونا السماوي بنا نحن أولاده، كل يوم، وفي كل شيء!!
نحن نعلم أنه إن نُقض بيت خيمتنا الأرضي، فلنا بناء من الله، وإن كان إنساننا الخارج يفنى، فالداخل يتجدد يوماً فيوماً ( 2كو 4: 16 ). هذا هو ما ينبغي أن يكون الاعتبار الأول والأسمى من جهة ترتيب أمورنا الزمنية، وفي مقدمة كل شيء ينبغي أن يكون نجاح النفس أولاً. وغايس هذا قد أظهر محبة أخوية خالية من محبة الذات وهو يعتني بالآخرين، خصوصاً أولئك الذين أعطوا أنفسهم لخدمة الرب يسوع، فيتمنى له الرسول فضلاً عن نجاح نفسه، نجاحه في كل شيء وتمتعه بصحة جسدية حتى لا يُعاق في ما يصنعه "إلى الإخوة وإلى الغرباء".
أيها الأحباء في سبيل نجاح النفس، أحياناً يسمح الله بذبول الأشياء الأرضية التي نفتخر بها. وقد يكون مرض الجسد سبباً في خير روحي كثير لأجل نفوسنا. وأحياناً يحطم الرب الصنم الذي بنيناه وأقمناه، وهذا من جانبه عمل نعمة. قد يكون هذا مؤلماً موجعاً لنا، لكن على قلوبنا أن تتقبل بشكر كل ما يفعله الرب ليزيل فخاً من أمامنا ويكسب نفوسنا إليه لأجل مجده ولذة نفسه.