منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 02 - 01 - 2014, 04:47 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

سر التجسد الإلهي

"عظيم هو سر التقوي: الله ظهر في الجسد" (1تي16:3).
سر التجسد الإلهي
يقول القديس بولس لتلميذه الأسقف تيموثاوس: "كإقرار واعتراف جماعي يؤمن به الجميع (ترجمة حرفية تفسيرية لكلمة homoloyou memas اليونانية) عظيم هو سر التقوي: الله ظهر في الجسد، تبرر (أي تبرأ) في الروح، تراءي لملائكة، كُرز به بين الأمم، آمن به الذين في العالم، أُصعد في المجد" (ترجمة حرفية).

+ والتجسد الإلهي سُمي "سر التقوي". و"التقوي" هي المخافة والرهبة والخشوع والسجود أمام عظمة ورهبة نزول الله في صورة الإنسان. وقد تعارف آباء الكنيسة الأولي علي النمط الذي به يتحدثون في شرح هذا السر "المهوب والمخوف والمملوء مجداً"، أي بمنتهي الاحتراس والاختصار في استخدام الألفاظ البشرية حين اضطرارهم لشرح هذا السر المهوب للمؤمنين.

ملحوظة: كان ممنوعاً باتاً الشرح المُفصل عن هذا السر العظيم لغير المؤمنين الذين لم يتعمدوا بعد. ولكن حين استباح بعض المعلمين في القرون الأولي، بسبب ضياع هذه "التقوي" والمخافة والرهبة، استباحوا لأنفسهم التحدث بجرأة عن التجسد كَمن أُميط عن أذهانهم اللثام عن عمق الأسرار الإلهية؛ سقطوا في تجديفات نتيجة استخدامهم ألفاظاً تُعبر بالخطأ عن هذا السر، فأهانوا رهبة هذا السر. ومن هنا حدثت الانشقاقات في الكنيسة منذ ما بعد القرن الخامس الميلادي للأسف.

+ يقول القديس غريغوريوس صانع العجائب: "يظل التجسد سراً حتي حينما يُشرح بأفضل ما يمكن من الكلمات".

+ فالتقوي والرهبة أمام هذا السر تمنع الادعاء بأن المعرفة البشرية كفؤ لأن تَفحص فحصاً دقيقاً الأبعاد المادية لهذا السر. فالتجسد يظل غير ممكن سَبر أغواره وأعماقه للعقل الحسي(2، كما يقول القديس هيلاريون أسقف بواتييه (بفرنسا) في القرن الثالث/الرابع في كتابه عن الثالوث.

+ فاللغة البشرية عاجزة وناقصة، إلا بالإحساس فقط، دون التعبير عن هذه الحقائق الإلهية الفائقة كما ينبغي.

"عظيم هو سر التقوي":
وحتي الرسل والبشيرون حينما كتبوا الأناجيل والرسائل، أدركوا أن السر لا يمكن فضه بالتحليل المنطقي والتاريخي، كما يفعل بعض نُقاد الإنجيل في عصرنا الحاضر. ويقول القديس أوغسطينوس: [يجب أن نعترف بأنه في قدرة الله أن يفعل شيئاً نعترف به فقط، ولكن لا يمكننا أن نَسبُر أعماقه. ففي مثل هذه الأفعال فإن الشرح الصحيح لأفعال الله يكمن في سلطان اله فاعلها فقط].

الوسيط القادر علي المصالحة بين الله والناس

في وجه يسوع المسيح (الوجه البشري لله): أيوب البار اشتكي منذ القديم بأن الله "ليس هو إنساناً مثلي فأجابوه، فنأتي جميعاً إلي المحاكمة. ليس بيننا مُصالح يضع يده علي كلينا" (أي9: 33،32). وهذا هو بالضبط الإنسان الذي ظهر كابن الله آتياً في الجسد: "يسوع"، والذي من خلاله ظهر صلاح الله وخلاصه للبشرية كمُصالح بين الله والإنسان.

+ وليس من استعلان كامل لمحبة الله إلا في هذا، أن الله شاركنا نحن البشر باتخاذه البشرية له في شخص يسوع المسيح، وبدخوله إلي محدوديتنا وآلامنا وضعفاتنا.

+ ومن هنا أعلن بولس الرسول صراحة: "الله كان في المسيح يسوع مُصالحاً العالم لنفسه، غير حاسب لهم خطاياهم، واضعاً فينا كلمة المصالحة" (2كو 19:5). أليس هذا هو ما اشتكي به أيوب منذ مئات السنين قبل التجسد، طالباً مُصالحاً يضع يده علي كلينا، فنتبرر من خطايانا؟

+ وفي هذا كل المجد، إذ "أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح" (2كو6:4). ومجد الله ظهر في مصالحة الله البشرية لنفسه.

الطبيب المتألم مع البشرية المريضة:

لقد نالت البشرية المريضة بالموت معالجة تفوق معالجة الأطباء البشريين لمرضاهم! وذلك من الطبيب الإلهي الذي لَبِس الطبيعة البشرية المريضة لكي يدخل مجال المرض، ليُشارك شخصياً في هذه الحالة المرضية للبشر بمقتضي الطبيعة البشرية التي اتخذها لنفسه.

+ لقد تنازل ابن الله إلي مستوي كل البشر من جهة الموت، فذاق الموت بالجسد من أجلنا (قطع صلاة الساعة التاسعة)، لكي يُشارك حالتنا باختباره إياها، وكم هو مطلوب منَّا، وكم نحن مُذعنون للموت، كما قال القديس غريغوريوس اللاهوتي.

مشاركة الله لحال طبيعتنا بالتجسد، كان عملاً إرادياً تماماً من جانب الله:

إن العنصر الأساسي لتدبير الله بمشاركة طبيعتنا البشرية عن طريق المشاركة الحياتية والواقعية لطبيعتنا البشرية بالتجسد، كان بإرادته الحُرة، ودون أي قهر أو حتي أي طلب من البشر بذلك، كما يُعلم القديس هيلاريون. فلم يفرض أحد أو شيء علي ابن الله أن يأتي إلينا. لقد اختار هو ذلك. لقد حدث هذا من الله الابن تجاه البشرية عن غير استحقاق للبشرية.

+ إن حَدَث التجسد بدأ بمبادرة من الله: "ليس من دم، ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل، بل من الله" (يو13:1). وبهذا يثبت القول: "هكذا أحب الله العالم، حتي بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن بع، بل تكون له الحياة الأبدية" (يو17:3).

الله يبدأ بداية جديدة:

مجيء المسيح سبق أن تنبأ به أو أشار إليه أو أنشد به أنبياء وقوات ملائكية، باعتباره الخلاص الموعود به. وكان هناك رجاء – وإن كان غير جلي أو واضح- في مجيء الله مطموراً أو مُختبئاً في شهادات من أنبياء العهد القديم. إشعياء النبي سبق وتنبأ بأن طفلاً بشرياً سيُلد ويُدعَي: ("جيبور" بالعبرية، أي جبار)" (إش14:7). واسم "عمانوئيل" معناه في العبرية "الله معنا"، وهو سبق تصوير هذا المولود بأنه ليس غير الله (وفي العبرية: "إيل")، الذي سيأتي ليُخلص البشرية. لكن فكر إشعياء النبي لم يكن قادراً طبعاً علي أن يتصوره الله المتجسد.

+ ولكن بدون هذا الوسيط، فالخلاص كان سيصير غير ممكن. يقول القديس كيرلس الأورشليمي: "إن كان المسيح هو الله، وهذا هو بالحقيقة كذلك، فإن لم يكن قد اتخذ البشرية له، فحينئذ فنحن غرباء عن الخلاص". وهكذا يقول سائر الآباء القديسين مُعلمي الكنيسة الجامعة.

الوسيط:

أصبح التجسد هو البداية الجديدة التي فيها تمَّت المصالحة، باتحاد البشرية مع اللاهوتية في شخص يسوع المسيح. فيأتي الله للبشرية، وتأتي البشرية إلي الله في شخص المسيح. وهكذا أتي الوسيط ابن الله متجسداً البشرية في الزمن: "لأن الله واحد، والوسيط بين الله والناس واحد: هو المسيح يسوع الإنسان، الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع، والشهادة علي ذلك تمت في وقتها" (1تي2 6،5- الترجمة العربية الحديثة).

+ وقد ادعي "أرسطو" الفيلسوف اليوناني قبل المسيح: "إنه أمام هذه الهوة السحيقة التي تفصل الله عن البشرية، من المستحيل أن تحدث أُلفة أو مصالحة بين الاثنين". لكن في التدبير الإلهي لتجسُّد المسيح حدث هذا بقوة اتضاع الله: "لأن الذي يُقدس والذين تقدسوا لهم أصل واحد. فلا يستحي (المسيح) أن يدعوهم (المؤمنين) إخوة... ولما كان الأبناء في طبيعتهم هذه، ليقضي بموته علي الذي في يده سلطان الموت، أي إبليس، ويُحرر الذين كانوا طوال حياتهم في العبودية خوفاً من الموت" (عب2: 11، 15،14- الترجمة العربية الحديثة).

المسيح كان هو الوسيط، الكلمة المتجسد: "لأن فيه سُر (الله) أن يحل (في المسيح) كل الملء، وأن يصالح به الكل لنفسه، عاملاً الصُلح بدم صليبه" (كو1: 20،19).

الغرض النهائي من التجسد: كيف عادت البشرية في المسيح إلي رأسها؟

عودة البشرية إلي الرأس المسيح:

لقد استخدم آباء الكنيسة القديسون: يوستين الشهيد، إيرينيئوس، ترتليانوس، أثناسيوس الرسولي؛ الفعل الذي استخدمه القديس بولس الرسول في رسالة أفسس "ana-kefalaiow" الذي يعني حرفياً: "يُعيد من جديد الرأس أو القُطب": فكشف لنا سر مشيئته التي ارتضي أن يُحققها في نفسه، أي التدبير الذي يُتممه عندما تكتمل الأزمنة: فيجمع في المسيح (كما تحت رأس واحد) كل شيء في السموات وفي الأرض" (أف10:1- الترجمة العربية الحديثة- وما بين القوسين هو التوضيح).

وبناء علي هذا، فإن المسيح أعاد الخليقة لتكون جسده تحت راسه، أي ما في السموات وما علي الأرض. ويشرح ذلك القديس إيرينئوس: "الله أعاد في الخلقة الأولي، فيُبيد الخطية، ويُجرد الموت من سلطانه، ويُعيد للإنسان حياته الأبدية". ثم أزاد قوله بهذا التوضيح: "الابن جمع تحت رأس واحد سلسلة أنساب البشرية كلها وجهزنا معاً بالخلاص، حتي أن ما فقدناه في آدم – أي أن نكون "علي صورة الله ومثاله" – هذا استرجعه لنا المسيح يسوع".

مَسْحُ الطبيعة البشرية بالطبيعة الإلهية:

ويشرح القديس إيرينيئوس (في القرن الثالث) بأن أساس عقيدة "تأليه الإنسان في المسيح" يرجع إلي أن الطبيعة البشرية التي اتخذها ابن الله قد مُسحت بمسحة الطبيعة الإلهية التي اتحدت بها، بحيث إن هذه الطبيعة البشرية المؤلهة باتحادها بالطبيعة الإلهية؛ قد صارت النموذج الأصلي الأولي للبشرية كلها: "لقد صار علي ما نحن عليه بطريقة تجعلنا نصير علي ما هو عليه". ولكن يظل ابن الله إلهاً علي حاله، ويظل الإنسان بشراً علي حاله.

+ وقد امتدَّ القديس أثناسيوس الرسولي (القرن الرابع) بهذا المبدأ بقوله: "لقد صار إنساناً، لكي نصير نحن إلهيين. وقد أظهر نفسه بجسد حتي ننال إمكانية أن نري فيه الآب غير المنظور. وقد احتمل إهانة البشر له، حتي نرث نحن عدم الفساد (أي عدم الموت)". كما قال: "لقد ألَّه ما لَبِسَه (أي الطبيعة البشرية)".

أصل التعليم بـ"التأله" نابع من فم المسيح نفسه:

إن آباء الكنيسة الشرقية، وليس وحده القديس أثناسيوس الرسولي، بل وأيضاً القديس إغناطيوس الأنطاكي، العلامة كليمندس الإسكندري، القديس كيرلس الكبير، القديس باسيليوس الكبير، القديس غريغوريوس اللاهوتي، القديس غريغوريوس النيصي، القديس يوحنا ذهبي الفم؛ استقوا تعليمهم بـ "التأليه في المسيح" من فم المسيح نفسه، الذي قال لليهود الذين أخذوا حجارة ليرجموه لأنه قال عن نفسه "أنا والآب واحد"، فقالوا له: "... نرجمك .... فإنك وأنت إنساناً تجعل نفسك إلهاً. أجابهم يسوع: أليس مكتوباً في ناموسكم: أنا قُلت إنكم آلهة؟"، وبدأ يُثبت لهم أنه "ابن الله" بقوله: "إن قال آلهة لأولئك الذين صارت إليهم كلمة الله، ولا يمكن أن يُنقَض المكتوب. فالذي قدسه الآب وأرسله إلي العالم، أتقولون له: إنك تُجدف، لأني قلت إني ابن الله؟" (يو10: 30-36)

+ وقد أوضح القديس يوحنا الرسول: "إذا أُظهر نكون مثله، لأننا سنراه كما هو" (1يو2:3).

+ كما شرحها القديس بطرس الرسول بطريقة أخري: "... قد وهب لنا المواعيد العُظمي والثمينة لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية..." (2بط4:1).

+ كما قالها القديس بولس بأسلوب آخر: "الذي سيُغير شكل جسد تواضعنا ليكون علي صورة جسد مجده، بحسب عمل استطاعته أن يُخضع لنفسه كل شيء" (في21:3).

+ إن هذا التصريح للقديس بولس يدخل بنا إلي مجال جديد من التعليم بـ "التأليه في المسيح" الذي سيتم في الحياة الأبدية. ولكن يظل الإنسان إنساناً علي حاله، كما ظل المسيح إلهاً حتي باتحاده بالبشرية.

+ إن تجسُّد ابن الله باتحاده بالطبيعة البشرية، يٌقابله في نهاية التدبير الإلهي للتجسد تأليه الطبيعة البشرية في المسيح. ولا يمكن أن يكون التجسد بدون أن ينتهي بالتأليه؛ ولا يكون ممكناً بدون التجسد. وتشرح التسبحة في الأبصلمودية المقدسة هذا الارتباط بهذه الترنيمة، إذ لا يمكن أن نواجه هذا السر العظيم إلا بالتسبيح والشكر:

[هو أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له نُسبحه ونُمجده ونُزيده علواً]

[هو أخذ جسدنا وأعطانا روحه القدوس وجعلنا واحداً معه من قِبَل صلاحه]

(ثيئوطوكية يوم الجمعة)

رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
التجسد الإلهى
التجسد الإلهي
التجسد الإلهي
عطر التجسد الإلهى
وعد التجسد الإلهي (1)


الساعة الآن 07:11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024