* إن كان (الأريوسيون) يفترون هكذا بنسبتهم التغير للكلمة، فليتعلموا مدى الخطورة الكائنة في فكرهم، لأن "الشجرة تُعرف من ثمرها" (مت 12: 23). ولهذا أيضًا: "فإن من قد رأى الابن فقد رأى الآب" (يو 14: 9). ولهذا أيضًا فإن معرفة الابن هي أيضًا معرفة الآب. ولذلك فإن صورة الله غير المتغيرة ينبغي أن تكون ثابتة غير متغيرة، لأن "يسوع المسيح هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد" (عب 12: 8). وداود يقول مترنمًا به: "أنت يا رب منذ البدء أسست الأرض، والسماوات هي عمل يديك. هي تتلاشى وأنت ستبقى، وكلها كثوبٍ ستبلى وكرداءٍ تطويها فتتغير، ولكن أنت أنت وسنوك لن تنتهي" (مز 102: 26-28، عب 12: 10-12). والرب نفسه يقول عن نفسه بواسطة النبي: "انظروا إليٌَ، فترون أنيِ أنا هو" (تث 32: 39)، وأيضًا: "لا أتغير" (مل 3: 6). وربما يقول أحد أن المقصود هنا هو الآب. ولكنه من المناسب أن يُطلق هذا على الابن أيضًا. خاصة لأنه حينما يصير إنسانًا، فإنه يُظهر شخصيته كما هي، ويظهر عدم تغيره، وذلك بالنسبة لأولئك الذين يتصورون أنه بما أنه اتخذ جسدًا، فإنه قد تغير وصار آخر... طبيعة كل المخلوقات وكل الكائنات هي متغيرة ومتحولة، وباستبعاده الابن عنها فعنه يبين (الكتاب) بقوله: "أنت أنت وسنوك لن تنتهي" (عب 1: 12). إنه (الابن) لا يتبدل ولا يتغير. وهذا بحقٍ أمر طبيعي. لأن الأشياء المخلوقة بما أنها نشأت من العدم، ولكونها لم تكن كائنة قبل أن تُخلق، لذلك فإن لها طبيعة متغيرة حيث أنها عمومًا قد خُلقت من العدم. أما الابن فإنه كائن من الآب وهو من ذات جوهر الآب، لذلك ليس من العدل أن يقول أحد أنه من جوهر غير المتغير يُولد كلمة متغير، وحكمة قابلة للتحول.
القديس أثناسيوس الرسولي