أن كلام يسوع لتلاميذه "أنتم ملح الأرض"، قد جاء للدلالة على إنسان التطويبات، ذاك الانسان الفقير والحليم والطاهر والمُضطَهد والداعي للسلام والساعي الى الكمال. هذا هو الانسان المسيحي الحقيقي الذي يعطى الحياة البشرية مذاقها، بالرغم من أن كميته قليلة. إنه يستطيع بقدوته الصالحة أن يؤثر في حياة الكثيرين ويجتذبهم إلى الحياة مع الله، كما أنه يمنع الفساد الروحي عن كثير من البشر المُعرَّضين الى خطر الانزلاق في العالم وشهواته.
أمَّا إذا شابه المسيحيون العالم فلا قيمة لهم
ويُعلق القديس أوغسطينوس "إن كنتم أنتم الذين بواسطتكم تحفظ الأمم من الفساد، تخسرون ملكوت السماوات بسبب الخوف من الطرد الزمني، فمن هم الذين يُرسلهم الرب لخلاص نفوسكم، إن كان قد أرسلكم لأجل خلاص الآخرين؟" فلا داع للخوف، إن كنّا في محبتنا للبشر نشتهي أن نخدمهم ونذوب فيهم كالملح في الطعام لنقدّمهم خلال التوبة طعامًا شهيًا يفرح به الله، فإن الله لا يتركنا نذوب في الأرض. ولكن السؤال يُطرح كيف نكون "مُلحًا" نعطى الحياة نكهةً وطعمًا ومعنى؟