29 - 04 - 2021, 07:37 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
نفوس مضيئة في جو مظلم
2) النعمة تعمل
حقًا كانت الصورة قاتمة، يسيطر عليها سلطان الظلام. ولكن علي الرغم من كل هذا ظهرت نتائج واضحة لعمل النعمة في الناس. وكما قال الرسول:
"حيث كثرت الخطية، ازدادت النعمة جدًا" (رو5: 20).
وهكذا وجدنا أضواء تظهر في هذا اليوم. بعضها كان مضيئًا حقًا، واستمر كنور مضيء وسط الظلمة. والبعض أضاء حقًا واستمر كنور مضيء وسط الظلمة. والبعض أضاء قليلًا ثم خبا واستلم لسلطان الظلام. والبعض أضاء ثم أخفاه الظلام ثم رجع لضيائه مرة أخرى، واستمر نورًا وتوهج..
أما هذا النوع الأخير، فيمثل القديس بطرس الرسول.
كان هذا القديس في منتهى الحماس، عملت فيه النعمة بقوة في هذا اليوم. وقد تبع السيد المسيح حتى بعد القبض عليه. وظهر حماسه في أنه استل سيفه دفاعًا عن معلمه، وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه.. حقًا أنها وسيلة خاطئة، وقد وبخه الرب عليها قائلًا له: رد سيفك إلي غمده. لأن من أخذ بالسيف، بالسيف يأخذ (مت 26: 52) ولكن علي الرغم من كل هذا، كانت الغيرة المقدسة موجودة، والشجاعة أيضًا كانت موجودة، وكذلك الإخلاص والوفاء. ولكن هذا كله لم يستمر. وسرعان ما ضعف بطرس، وجرفه الخوف، وأنكر ثلاث مرات أنه يعرف المسيح. وسب ولعن وجدف! ولو أن النعمة عادت وعملت فيه، فندم وبكي بكاء مرًا. وبالتوبة أضاء ثم توهج فيما بعد، بعد حلول الروح القدس،
ومن الذين عملت فيهم النعمة، ثم جرفهم التيار: بيلاطس.
لا شك أن النعمة كانت تعمل أيضًا في بيلاطس البنطي. ولا شك أنه استجاب لها في بادئ الأمر. كان هناك صوت قوى في دخله يحذره، كي لا يقع في خطأ.. ولعل النعمة عملت أيضًا في امرأة بيلاطس عن طريق أحد الأحلام. وهكذا أرسلت إلي زوجها تقول له "إياك وذلك البار لأني تألمت اليوم كثيرًا في حلم من أجله" (مت 27: 19). ومن دلائل عمل النعمة في بيلاطس أنه قال عن السيد المسيح ثلاث مرات "لا أجد عله في هذا الإنسان" (لو 23). ويقول الكتاب في هذا "ودعا بيلاطس رؤساء الكهنة والعظماء والشعب، وقال لهم: قد قدمتم إلي هذا الإنسان كمن يفسد الشعب. وها أنا قد فحصت قدامكم، ولم أجد في هذا الإنسان علة مما تشتكون به عليه، ولا هيرودس أيضًا، لآني أرسلتكم إليه. وها لا شيء يستحق الموت صنع منه. فأنا أؤدبه وأطلقه" (لو 23: 13-16) (لو 23: 4) "وقال لهم ثالثة، فأي شر عمل هذا. إني لم أجد فيه علة للموت). وكان يريد أن يطلق يسوع بلًا من بارا باس (لو 23: 20) (يو 18: 39) وقد شهد بيلاطس عن الرب يسوع أنه بار. ولكن خوف بيلاطس علي وظيفته، غلب عليه، وكذلك رغبته في مجاملة اليهود. فلم يستمر في استجابته للنعمة. والنور الذي ظهر منه، عاد فخبا، واستسلم لسلطان الظلام. وهكذا أسلمهم الرب يسوع ليصلب. وفي محاولة يائسة لإرضاء ضميره، غسل يديه بماء وقال "إني برئ من دم هذا البار" (مت 27: 24). وقد تذكر القديس بطرس محاولة بيلاطس لإطلاق المسيح، فقال لليهود بعد معجزة شفاء الأعرج).. يسوع الذي أسلمتموه. أنتم وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس وهو حاكم بإطلاقه. ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار، وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل" (أع 3: 13، 14). عمل النعمة في بيلاطس جعله يقتنع ببر الرب وبراءته، ويرغب في إطلاقه. ولكن بيلاطس لم يستجب طويلًا لعمل النعمة.
أن عمل النعمة في إنسان، لا يرغب علي فعل الخير
إنما ينبغي أن يستجب لعمل النعمة، ويستمر في الاستجابة.
ومثال بيلاطس واضحًا جدًا. استطاعت النعمة أن تقود بيلاطس حينما كان مستجيبًا لها. ولكنه لما فضل أن يستجب لها لرغباته الخاصة، تركته النعمة إلي حرية إرادته، ولم ترغمه علي عمل الخير. لأن نعمة الإرشاد، لا تلغي نعمة الحرية.
مثال آخر لعمل النعمة، في يهوذا الاسخريوطي..
حتى يهوذا الخائن، لم يتركه النعمة، وظلت تعمل فيه، وأتت بنتائج عجيبة جدًا. فشعر يهوذا بأنه قد أخطأ،، ووبخه ضميره، وأراد أن يصحح ما يستطيعه من أخطائه، فذهب إلي رؤساء الكهنة والشيوخ، وأرجع إليهم الثلاثين من الفضة، واعترف أمامهم بأنه قد أخطأ، فقال "أخطأت إذا أسلمت دمًا بريئًا. وطرح الفضة في الهيكل وأنصرف (مت 27: 3-5). إلي هنا، كانت النعمة ناجحة في عملها، وكان يهوذا مستجيبًا لها.
ولكن نلاحظ أن يهوذا لم يتحرك ضميره إلا أخيرًا..
بعد أن "أوثقوا المسيح ومضوا به ودفعوه إلي بيلاطس البنطي)، بعد هذا يقول الإنجيل "حينئذ لما رأي يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين، ندم.." (مت 27: 1-3). "لما رأي أنه قد دين" وانتهي الأمر.. حينئذ ندم! لقد أحتمل ضميره الخائن أن يسلم. ولكن نتائج خيانته كان فوق الاحتمال، فاستجاب لتوبيخ النعمة، وندم.. ولكن الشيطان أنتهر فرصة الندم الشديد الذي اشتعل في ضمير يهوذا. وجعل شدة الندم تتحول إلي يأس، فمضي يهوذا وشنق نفسه. والنور الذي أضاءت به النعمة، قضي عليه سلطان الظلام..
|