منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 26 - 08 - 2023, 11:33 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,462

"لا اشفق ولا أترآف ولا أرحم من اهلاكهم" [14].

يجيب العلامة أوريجينوس معلنًا عن أهمية التأديب حتى وإن بدى قاسيًا:
[يعتمد الهراطقة على تلك الكلمات ويستندون عليها ليقولوا: انظروا ما يقوله خالق العالم ورب الأنبياء عن نفسه، فكيف يمكن إذًا أن يكون إلهًا صالحًا؟
إنني آخذ هنا مثلًا للقاضي الذي لا يشغل فكره إلا الصالح العام، وبالتالي يطبق القانون دون اشفاق على المخطئ، يعاقبه حتى يحمي باقي المجتمع. يمكنني بهذا المثال أن أوضح بطريقة مقنعة، أن الله في اشفاقه على البشرية كلها يرفض أن يشفق على عضوٍ واحدٍ من أعضاء الجسد في سبيل اشفاقه على الجسد كله.
نفترض أن قاضيًا حدد لنفسه مهمة إقرار السلام للشعب الخاضع لقضائه وأن يحافظ على مصالحهم؛ حضر أمامه في المحكمة قاتل حسن المظهر وملامحه جذابة، وجاءت والدة هذا القاتل إلى القاضي تستعطفه وتسأله أن يشفق على ابنها ويرحم شيخوختها، وطلبت زوجة القاتل أيضًا الرحمة، كذلك أبناؤه التفوا كلهم حول القاضي يترجوه من أجل أبيهم... ما هو النافع للصالح العام؟ هل يرحمه القاضي أم لا؟ أجيب أنه إذا رحمه القاضي سيعود إلى خطئه؛ أما إذا لم يرحمه فإن القاتل يموت ويصبح المجتمع في حالة أفضل. نفس الشيء يقال بالنسبة لله: فإنه لو أشفق على الخاطئ ورحمه وذهب في إشفاقه هذا إلى درجة عدم معاقبته على خطئه، فمن من الناس لا يندفع في طريق الشر؟! مَن مِن الخطاة لن يزيد في شره ويتحول إلى الأسوأ؟
يمكننا أن نرى أشياءً مماثلة تحدث في الكنائس، فمثلًا إنسان يخطئ ثم يطلب أن يتناول من الأسرار المقدسة بعد ارتكابه الخطأ، إذا أشفقنا عليه سريعًا، بهذا نحث الشعب كله على فعل الشر وتزيد أخطاء الآخرين؛ لكن إذا عرف القاضي (الكاهن) مقدار الخسارة التي تلحق بالشعب في حالة السماح لهذا الشخص بالتناول والتساهل معه في خطئه، يجب عليه طرد هذا الخاطئ، ليس على سبيل الوحشية أو عدم الإحساس، وإنما لأنه يهتم به، ويهتم أيضًا بكل الشعب قبل أن يهتم به كفردٍ واحدٍ.
إذًا فهو يطرد الفرد ليخلص الجماعة.
أنظر أيضًا إلى الطبيب ولاحظ كيف إنه لو أشفق على المريض ولم يستخدم معه المشرط في الوقت المناسب، لو أشفق عليه ولم يعالجه بأنواع الأدوية الكاوية حتى يُجَنّبِه الآلام المصاحبة لهذه الأنواع من العلاج، كيف يتفاقم المرض وتزيد خطورته عن ذي قبل. أما إذا تقدم الطبيب في جرأة ولجأ إلى الاستئصال أو إلى الكي، ففي هذه الحالة يمنح المريض الشفاء، رغم أن المظهر الخارجي يوحي بأنه يرفض أن يشفق وأن يرحم المريض بتعرضه لكل هذه الآلام.
كذلك الله، فإنه لا يمارس سلطة لمصلحة إنسانٍ واحدٍ، وإنما لصالح العالم أجمع. يدير ما في السموات وما على الأرض وما في كل مكان. يعمل لمصلحة كل العالم وجميع الكائنات؛ ويعتني أيضًا بمصلحة الفرد بشرط ألا تتعارض وألا تكون على حساب مصلحة الجماعة. من أجل ذلك أُعدت النار الأبدية وأعدت أيضًا جهنم والظلمات الخارجية، ليس لأجل الإنسان المعَاقَب وحده، بل ولمصلحة الجميع.
إذا أردت أن أذكر لك مثالًا من الكتاب المقدس يشهد أن معاقبة الخطاة من أجل نفع الآخرين وتعليمهم، حتى ولو كنا يائسين من شفاء هؤلاء الخطاة أنفسهم، فإليك ما يقوله سليمان الحكيم في سفر الأمثال: "اضرب المستهزئ فيتذكى الأحمق" (أم 19: 25). لم يقل أن الذي يُضرَب هو الذي يتذكى ويعود إلى عقله بسبب الضربات، إنما الأحمق بسبب الضربات الواقعة على المستهزئ يكف عن التمادي في حماقته ويصير عاقلًا. يتغير حينما يرى عقاب الآخرين. وكما أن سقوط إسرائيل كان فيه خلاص الأمم، كذلك أيضًا فإن عقاب البعض يكون فيه خلاص الآخرين. من أجل ذلك يقول الله في صلاحه: "لا أشفق ولا أترأف ولا أرحم من إهلاكهم"].
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
من ينال الحكمة لا يمكن إلا أن يكون صالحًا وكاملًا
القديس إيريناوءس | ان الله الحقيقى الواحد هو نفسه خالق العالم
فكيف لا يكون المسيح فائق المجد وبما لا يمكن مقارنته
إن كنت تحب ما خلقه، فكم يكون خالق العالم؟
فكيف ربنا يوفّقه وكيف يكون نور في العالم


الساعة الآن 09:52 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024