* صلوا لكي يهبكم الله نعمة الإدراك السليم في كل الأمور، فتقدروا أن تميِّزوا بين الخير والشرّ تمييزًا حسنًا.
* لقد كتب الرسول بولس: "وأمَّا الطعام القوي فللبالغين" (عب 5: 14). هؤلاء الذين بواسطة العمل المتواصل والجهاد" تُدرَّب حواسهم وميولهم على التمييز بين الخير والشرّ، وقد أُحصوا كأبناء الملكوت وصاروا من عداد أبناء الله، هؤلاء يعطيهم الله الحكمة والتمييز الحسن في كل أعمالهم، فلا يقدر إنسان أو شيطان أن يخدعهم.
فالعدوّ يحارب المؤمنين تحت صورة الخير، وينجح في خداع كثيرين، هؤلاء الذين ليس لهم حكمة ولا تمييز حسن. لهذا علَّم الرسول بولس عن غنى الفهم الذي لا حد لعظمته، المخصَّص للمؤمنين، إذ كتب إلى أهل أفسس يقول: "كي يعطيكم إله ربنا يسوع المسيح أبو المجد روح الحكمة والإعلان في معرفته مستنيرة عيون أذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته، وما هو غنى مجد ميراثه مع القدِّيسين" (أف 1: 17-18)، كاتبًا هذا بدافع حبُّه العظيم المتزايد نحوهم، ولعلمه أنَّهم إن اقتنوا الفهم لا يعود يكون بالنسبة لهم شيء فيه صعوبة، ولا يمسُّهم خوف، بل يعزِّيهم فرح الرب نهارًا وليلًا، وتصير الأعمال بالنسبة لهم عذبة في كل حين.
حقًا إن كثيرين من الرهبان والعذارى في المجمع لم يقتنوا الفهم بهذه الدرجة، وأمَّا أنتم فإن أردتم أن تحصلوا عليه بهذا المقدار الذي فيه كمال، فاهربوا من أولئك الذين يحملون اسم "رهبان وبتوليُّون" دون أن يكون لهم الإدراك الحقيقي والتمييز الحسن. لأنَّكم إن اختلطتم بهم، لن يدعكم تتقدَّمون بل وربَّما يطفئون حرارة غيرتكم، إذ لا حرارة لهم بل برودة وهم يسيرون وراء أهوائهم. فإن أتوا إليكم وتحدَّثوا معكم في أمور أرضيَّة حسب أهوائهم الخاصة، لا تستكينوا لهذا؟، إذ كتب الرسول بولس: "لا تطفئوا الروح، لا تحتقروا النبوَّات" (1 تس 5: 20)، عالمين أنَّه لا شيء يطفئ الروح أكثر من الكلام الباطل.