رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لقد أخبرنا المعلمان بالواجانسه وكيساريوس عن شابٍ ما ذي أصلٍ شريفٍ، بأنه بعد أن كان أصرف جميع الغنى الواسع المخلف له ميراثاً من أبيه مبدداً إياه في المعاصي والقبائح، قد حصل أخيراً فقيراً سبروتاً فاقداً كل شيءٍ، حتى أنه أضطر لحفظ حياته لأن يدور متوسلاً يجتذئ صدقةً، ولذلك أي لخجله من حاله تلك سافر من وطنه الى بلدةٍ أخرى ليكون فيها مجهولاً، ففي مسافة هذا السفر قد صادف في الطريق أحد أولئك الذين كانوا عبيداً لأبيه، فلما شاهد ذاك العبد أبن سيده في تلك الحال السيئة من الفقر مملؤاً من الحزن والأكتئاب، تقدم اليه معزياً وشرع يطمئنه موعداً إياه بأنه مزمعٌ أن يقوده أمام أحد الأمراء المعظمين، الذي يهتم به في كل ما كان يعوزه، فهذا العبد كان رجلاً ساحراً منافقاً، ومن ثم جاء في اليوم المعين منه عند ذاك الشاب. فأخذه وذهب به الى البرية ودخلا في حرشٍ كائنٍ بجانب بحيرةٍ. وهناك بدأ يتكلم مع شخصٍ غير منظور، فلهذا سأله الشاب مستفهماً بقوله له: مع من أنت تتكلم، فأجابه ذاك: أنني أتكلم مع الشيطان، ولكنه اذ رأى الشاب أمتلأ خوفاً من هذا الجواب فأخذ يشجعه ويطمئنه. وهكذا أستمر يخاطب الشيطان قائلاً له: يا سيد أن هذا الشاب قد بلغ الى أقصى الفقر والقلة، ويريد أن يرجع الى سعادة حاله الأولى: فالعدو الجهنمي أجاب وقال له: أنه لما يريد الشاب أن يطيعني فأنا سأرجعه أكثر غنىً من ذي قبل، ولكن قبل كل شيء يلزمه أن ينكر الله: فالشاب أستوعب أشمئزازاً ونفوراً من هذا الطلب، الا أن ذاك الساحر اللعين قد أجتذبه لأن يكفر به تعالى فكفر به، ثم أن الشيطان أردف كلامه بقوله: أن هذا لا يكفي بل يلزمه أن ينكر مريم البتول أيضاً، لأن هذه هي تلك التي نحن نعرف جيداً أن خسارتنا هي صادرةٌ من قلبها بالأكثر، فكم وكم هي تختطف من أيدينا من الأنفس وتردها الى الله وتخلصها: فالشاب قال له: كلا، أنا لا يمكن أن أنكر مريم أمي لا هذه هي رجائي بأسره بل أني أرتضي بالأحرى بأن أدور أتسول بحال الفقر الكلي جميع أيام حياتي من أني أفعل ذلك. قال هذا وأنصرف من ذاك المكان، ففي رجوعه أتفق له أن يمر من على باب إحدى الكنائس المشيدة على أسم والدة الإله، فدخل اليها مملؤاً من الحزن والغم، وجثا أمام أيقونتها باكياً، وأخذ يتوسل اليها بحرارةٍ في أن تستمد له غفران خطاياه، فهذه الأم الرأوفة شرعت تطلب من أجله الى أبنها الإلهي، أما يسوع ففي الأبتدا قال لها: أن هذا الخائن قد نكرني يا أمي، ولكن عندما نظر أن والدته لم تزل تتضرع اليه فأخيراً قال لها: أنني أنا قط ما نكرت عليكِ شيئاً، فليكن لهذا الشاب الغفران عن خطاياه لأجل طلبتكِ: فالرجل الغني الذي كان في ما مضى أشترى من ذاك الشاب جميع أملاكه ومقتناه رويداً رويداً، وهو أي الشاب كان أصرف أثمانها في الرذائل، قد شاهد بمنظرٍ سريٍ هذا الحادث، ولاحظ الرأفة المصنوعة من والدة الإله نحو هذا المسكين. فأرسل أستدعاه اليه وقدم له أبنته الوحيدة عروسةً له وزوجه بها، وجعله وريثاً لجميع الغنى الذي كان يملكه، وعلى هذه الصورة قد أكتسب الشاب نعمة الله ومعاً حصل على خيراتٍ أرضيةٍ غنية بأبلغ مما كان قبلاً.* |
|