منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 07 - 02 - 2023, 03:15 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

مزمور 78  | الاستماع إلى الكلمة عبر الأجيال




الاستماع إلى الكلمة عبر الأجيال


يبدأ المرتل حديثه بدعوة إلى الاستماع لصوت الرب على فمه، قائلًا:

اِصْغَ يَا شَعْبِي إِلَى شَرِيعَتِي.
أَمِيلُوا آذَانَكُمْ إِلَى كَلاَمِ فَمِي [1].


يرى القديس أغسطينوس أن المتحدث هنا هو الله، الذي يدعو الشعب شعبه، الشريعة شريعته. غير أن الكثير من الآباء والدارسين يرون أن المتحدث هنا هو المرتل نفسه. فبروح الحب يشعر ليس فقط الملوك (أو الرؤساء) والأنبياء والرسل أن شعب الله هو شعبهم، إنما كل مؤمنٍ يدعو المؤمنين "شعبي"، ناسبًا إياهم إليه، ونفسه إليهم. فمن حق الرأس أن تنسب كل عضو إليها، كما من حق كل عضو - مهما كان موضعه - أن يدعو بقية الأعضاء أعضاءه. لهذا حُسبت راعوث "مؤمنة" بقولها لحماتها نُعمى: "شعبك شعبي"، وفي حديث يفتاحمع رجال أفرايم، قال: "صاحب خصام شديد كنت أنا وشعبي مع بني عمون، وناديتكم فلم تخلصوني من يدهم" (قض 2:12). وحينما تحدث داود النبي عن اشتياقه نحو بناء بيت الرب قال: "اسمعوني يا إخوتي وشعبي" (1 أي 2:28).
حسب المرتل شريعة الله شريعته، ينسبها إلى نفسه، بكونها رسالة شخصية مقدمة من الله للمؤمن، لهذا يقول الرسول: "إنجيلي" (رو 16:2؛ 25:16؛ 2 تي 8:2). إن كان الكاتب هو داود النبي، فإنه إذ يدعو شريعة الله "شريعتي" يعلن عن حبه الشديد للوصية الإلهية، يعتز بها وينسبها إلى نفسه. إنها ليست أمرًا مفروضًا عليه، بل هبة مقدمة من الله لتصير من خصوصياته التي يقتنيها لنفسه، ويعيشها بكامل إرادته.
ولعله بقوله: "شريعتي" يؤكد أنه كنبي وملك يخضع للشريعة مثله مثل كل عضو في الجماعة المقدسة، أي أنه ليس فوق القانون الإلهي، بل خاضع له.
يطلب من شعبه أن يميلوا بآذانهم، لا إلى بعض كلمات فمه، بل "إلى كلام فمي"، حاسبًا كل ما يصدر من فمه، إنما يطابق ناموس الرب. هكذا يتحول المؤمن بأفكاره وكلماته وأعماله إلى رسالة المسيح المكتوبة لا بحبرٍ بل بروح الله (2 كو 3:3).
يمكن القول إن المتحدث هنا هو السيد المسيح ابن داود، فيوجه حديثه إلى شعبه الذي دعاه من الأمم، كما قيل في هوشع النبي: "سأدعو الذي ليس شعبي شعبي، والتي ليست محبوبة محبوبة" (رو 25:9). يقدم لشعبه شريعته وكلام فمه، يتحدث معهم فمًا لفمٍ.
كان مسيحنا يتحدث مع الجماهير بأمثالٍ وألغازٍ (مت 3:13؛ مر 23:3)، مفسرًا إياها لتلاميذه على انفراد، قائلًا لهم: "لكم قد أُعطي أن تعرفوا أسرار ملكوت الله، وأما للباقين فبأمثال..." (لو 10:8).
"أميلوا آذانكم إلى كلام فمي" [1]. جاء نفس هذا الفكر في عبارة إنجيلية: "من له أذنان للسمع فليسمع" (لو 8:8).
* المخاطب هنا هو ربنا يسوع المسيح، لأنه أعطى الناموس. والمخاطبون هم الأمميون، ويدعوهم شعبه كما جاء في الأصحاح الثاني من نبوة زكريا النبي: "ترنمي وافرحي يا بنت صهيون، لأني هأنذا آتي وأسكن في وسطك يقول الرب. فيتصل أمم كثيرة بالرب في ذلك اليوم، ويكونون لي شعبًا" (زك 2: 10- 11). وفي نبوة هوشع قال الله أدعو من ليس شعبي شعبي.

الأب أنثيموس الأورشليمي
* يتكلم المخلص نفسه هنا، أما في الأعداد الباقية حتى نهاية المزمور، فُيفهم أنها على لسان الرسل. لذلك عندما يقول الرب: "أميلوا آذانكم إلى كلام فمي" [1] يقول: أيها الرسل ما تسمعونه همسًا نادوا به على السطوح (مت 27:10). بماذا يجيب الرسل: ما نسمعه ونعرفه وما أعلنه لنا آباؤنا"، ما تقوله لنا يا رب قد أعلنه لنا الآباء البطاركة والأنبياء. ما يعلنه لنا آباؤنا لن نخفيه عن أبنائنا، بل نعلنه للأجيال القادمة. غاية حديثهم الكلي أننا نحن أبناءهم نعرف... لقد تكلم الله معهم لكي يسلموا كلمته لنا...
هم علمونا رسالته - نحن أبناءهم - ونحن نعلمها لأبنائنا .

القديس جيروم
هكذا وإن كانت كلمة الله مقدمة للجميع، لكي يكون الكل متعلمين من الله، لكن هناك التزام من جانبنا، كما تسلمنا الإيمان الإنجيلي الحي من الأجيال السابقة بلا انحراف، أن نقدمه لأبنائنا، فيبقى التقليد الحيّ عاملًا عبر الأجيال، إنجيلًا مقروءًا من الكل. لنسمع صوت الرب القائل: "لتكن هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها اليوم على قلبك، وقصّها على أولادك، وتكلم بها حين تجلس في بيتك، وحين تمشي في الطريق، وحين تنام، وحين تقوم" (تث 6:7-7).
* يحوي هذا المزمور أشياء قيل إنها تمت مع الشعب القديم، وتحمل نصيحة للشعب الجديد المتأخر كي يحذر من الجحود لبركات الله، ويحذر من غضبه، حتى يتقبلوا نعمته.

القديس أغسطينوس
* إنكم تلقون كل شيءٍ علينا، وعليكم وحدكم أن تتعلموا منا، وزوجاتكم منكم، وأولادكم منكم، لكنكم تتركون كل شيءٍ لنا، لهذا تضاعفت متاعبنا .

القديس يوحنا الذهبي الفم

أفْتَحُ بِمَثَلٍ فَمِي.
أُذِيعُ أَلْغَازًا مُنْذُ الْقِدَمِ [2].



"سأفتح بمثلٍ فمي" [2]. سأفتح لكم ما هو مغلق بالنسبة لليهود؛ إني أحدثكم بأمثالً، "وبدون مثلٍ لم يكن يكلمهم" (مر 34:4)، أما بالنسبة لتلاميذه، فعلى أي الأحوال كان يشرح لهم الأمثال على انفراد.ما أتحدث به بأمثالٍ علانية، أخبركم به على انفراد.
كلمة "مثل" في الأصل تعني "التحكم" أو "التسلط"، لأن الحديث بالأمثال له تأثيره وسلطانه على الفكر والنفس.
أما الألغاز فتعني أن الحديث عميق للغاية وغامض، لا يدركه إلا من يحبه ويبحث فيه ويتلذذ به، كما قيل: "يسمعها الحكيم فيزداد علمًا، والفهيم يكتسب تدبيرًا، لفهم المثل واللغز أقوال الحكماء وغوامضهم" (أم 5:1-6).
أما كلمة "أذيع" فتعني هنا "أفيض"، وكأن المرتل يمثل نهرًا يفيض بالأسرار الإلهية على النفوس التي تشتاق إلى المعرفة.
يتحدث السيد المسيح بأمثال كما بألغاز أي بأسرارٍ إلهية فائقة وخفية، حتى من يطلبها يبحث فيها فيجد سؤل قلبه.
يقول القديس جيروم ربما يسأل أحد: لماذا طبقَّ ما ورد عنها على شخص السيد المسيح؟ فيجيب بأنه يجب علينا كمسيحيين أن نصدق الإنجيليين، لأنهم طبقوه عليه.
* "سأنطق بأسرارٍ منذ القدم"، لأن كلمة "أسرار" في النص العبري هي "الغاز". كل شيء قيل في لغزٍ، فلم يكذب في الكلمات نفسها بل (لم يفهموا) معانيها .
* ها أنتم ترون أن متى الإنجيلي قبل هذا العدد باسم المسيح (مت 34:13-35). عندما قدم الرب أنه يتكلم بأمثال تفوق إدراك الشعب، يقول إن هذا حدث ليتم الكتاب: "سأفتح بمثالٍ فمي، انطق بمكتوماتٍ منذ تأسيس العالم" .

القديس جيروم
* في أوقات مخلصنا تكلم اللوغوس إلى الرسل بأقوال سرية. إذ تقول عنه النبوة: "سيفتح فمه بالأمثال، وينطق بمكتوماتٍ منذ تأسيس العالم" (راجع مز 78: 2)... إنها فعالية الكلمة نفسه، إذ هو قوي وفعّال (عب 4: 12)، يجتذب إليه خفية وبطريقة غير منظورة كل أحدٍ يقبله .

القديس إكليمنضس السكندري
* إذ يبدأ يروي ويشير إلى تلك الأمور التي تبدو أنها تحتاج إلى من يسمعها أكثر من أن يفسرها، يقول: "أفتح بمثلٍ فمي، أذيع ألغازًا منذ البداية". من لا يستيقظ هنا من نومه؟ من يجسر ويتسرع في قراءة الأمثال والألغاز كما لو كانت واضحة بذاتها مع أنه من أسمائها ذاتها يتضح أنه يلزم البحث برويةٍ عميقة لها؟

القديس أغسطينوس


الَّتِي سَمِعْنَاهَا وَعَرَفْنَاهَا،
وَآبَاؤُنَا أَخْبَرُونَا [3].
لا يقدم المرتل أوهامًا ولا اختراعات بشرية، إنما خبرة حياة عاشها هو وآباؤه من قبله كحياةٍ معاشةٍ مُسلمة خلال التاريخ والتقليد الحيّ.
أعمال الله العجيبة التي اخبرنا بها آباؤنا هي الخليقة التي أبدعها الله لأجلنا. هذا عن الأمور الملموسة، لكن ما يهتم به هنا المرتل -في رأي القديس أغسطينوس- أن ما حدثنا عنه آباؤنا في العهد القديم قد تحقق في العهد الجديد. تحققت الوعود الإلهية. بمجيء السيد المسيح المخلص.
* البداية (منذ القدم) هو العهد القديم، والنهاية هي العهد الجديد. يسود الخوف في الناموس (مز 111: 10). وغاية (نهاية) الناموس هي المسيح للبرّ لكل من يؤمن (مز 10: 4). هذا الذي يهب المحبة المنسكبة في قلوبنا بالروح القدس المُعطى لنا (رو 5: 5).

القديس أغسطينوس


لاَ نُخْفِي عَنْ بَنِيهِمْ إِلَى الْجِيلِ الآخِرِ،
مُخْبِرِينَ بِتَسَابِيحِ الرَّبِّ وَقُوَّتِهِ وَعَجَائِبِهِ الَّتِي صَنَعَ [4].
ماذا قدم المرتل لشعبه؟
إنهم يخبرون بتسابيح الرب وقوته وعجائبه. غالبًا ما ينشغل الإنسان بالعجائب التي يُبهر بها، ثم بقوة الرب، وأخيرًا بتسابيحه، لكن المرتل يضع التسابيح أولًا ثم قوة الرب، فعجائبه. فإن أهم ما يقدمه المؤمنون لأبنائهم هو روح التسبيح والفرح، لتنعم الأجيال الجديدة بخبرة الحياة السماوية المتهللة، عندئذ تدرك قوة الله، وتؤمن بعجائبه الفائقة. يرى المرتل أن أول ما يقدمه الشعب للأجيال المقبلة هو التسبيح والفرح بالرب. هذا هو التسليم الكنسي الحيّ، إذ ينقل الجيل الحاضر أيقونة السماء لجيل المقبل.
لا يقف الأمر عند الحديث عن أعمال الرب خاصة التي تمس خلاص البشرية، وإنما أن يتمتع الجيل الجديد بعربون السماء والشركة مع السمائيين في تسابيحهم.
ما قدمه آباؤنا لنا كتقليدٍ حيَّ، أي كإيمانٍ مترجم في أفكارنا ومشاعرنا وكلماتنا وأعمالنا يلزم تسليمه لأولادنا بذات الروح الحيَّ. هذه هي شهادتنا للأجيال، لا بوجود خيمة الشهادة في وسطنا، حيث نقلها داود إلى مدينته، بل بإعلان سكنى الله في قلوبنا وحلوله وسط شعبه. هذا هو التقليد الذي نسلمه.
* إن آباءنا - حسب ما أمرهم الرب الإله - لم يخفوا شيئًا عن أولادهم الذين أتوا بعدهم بجيلٍ آخر، لكنهم أخبروهم بجميع ما صنع الرب مما يوجب له السبح والحمد دائمًا.

أنثيموس أسقف أورشليم
* التسبيح في ذاته صالح، والمزمور يقدم خيرات كثيرة. إنه يعزل العقل عن الأرض، ويعطي النفس أجنحة، ويجعل (الأجنحة) خفيفة قادرة على الطيران في الجو. لهذا يقول بولس: "مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب" (أف 5: 19)... توجد حاجة للتسبيح من أجل حياة المرتل وصلاته والتوفيق .

القديس يوحنا الذهبي الفم

أَقَامَ شَهَادَةً فِي يَعْقُوبَ،
وَوَضَعَ شَرِيعَته فِي إِسْرَائِيلَ،
الَّتِي أَوْصَى آبَاءَنَا أَنْ يُعَرِّفُوا بِهَا أَبْنَاءَهُمْ [5].
هذا هو عمل كنيسة الله (يعقوب الجديد أو إسرائيل)، ألا وهو الشهادة للحق الإلهي، شهادة أمام العالم لخلاصه، شهادة عبر الأجيال.
يقول أنثيموس أسقف أورشليم إن الله قدم شريعته والخيمة وتابوت العهد كشهادة ليحفظوا ميثاقه، لكن إذ كسروا العهد، قدم جسد ابنه الوحيد ودمه شهادة حية في كنيسته.
المؤمن الحقيقي يشبه شمعة تشهد للنور الإلهي بالنور المتقد فيها حتى النهاية، لكنها لكي تحتفظ به، يليق بها أن تشعل شموعًا حولها، وهكذا يبقى النور الإلهي عاملًا في شموعٍ كثيرة، فلا ينطفئ قط. من يحتفظ بالنور دون تسليمه لشمعة أخرى ينتهي حتمًا ويفقد النور.
خلال الإيمان الحي والميلاد الروحي والإفخارستيا صار لنا شهادة حيَّة عن عمل الله المملوء حبًا نحو البشرية كلها، أما غاية هذه الشهادة فهي بعث روح الرجاء فيهم، فيعتمدون على الله مخلصهم، لا على الأذرع البشرية.
يقول القديس أغسطينوس إن المرتل كعادته يكرر. هنا يعلن أن الله أقام شريعته في يعقوب، ثم يكرر بأنها "في إسرائيل. استخدم "يعقوب" أولًا الذي تعقب أخاه عيسو واحتل مكانه (كبكرٍ)، واستخدم "إسرائيل"، لأنه تمتع برؤية الله. وكأنه يليق بنا كإسرائيل الجديد أن نجاهد مع يعقوب لننعم بالعضوية في كنيسة الأبكار، وإن نصير بالحق إسرائيل الجديد نتمتع برؤية الله. هذا هو هدف شريعة الله: العضوية الكنسية السماوية ورؤية الله.
يقول أيضًا إن الله أقام شهادة العهد القديم (النبوات والرموز) مغطاة، ولم يقدمها مكشوفة بدون حجاب، لكن إذ نعبر إلى المسيح يُرفع الحجاب كقول الرسول (2 كو 3: 16). فإن مواعيد الله فيها الآمين (2 كو 1: 20).
* من يلتصق بالمسيح له كل الخيرات حتى التي لا يدركها خلال حرف الناموس، أما من يتغرب عن المسيح فلا يدرك كما لا ينعم بالشريعة التي في إسرائيل؟

القديس أغسطينوس


لِكَيْ يَعْلَمَ الْجِيلُ الآخِرُ.
بَنُونَ يُولَدُونَ فَيَقُومُونَ،
وَيُخْبِرُونَ أَبْنَاءَهُمْ [6].
هذه هي رسالة المؤمنين أن يسلم كل جيل الجيل الجديد كلمات الحب الإلهي ووعوده وأعماله. وكما قال الرب لأبينا إبراهيم: "لأني عرفته لكي يوصي بنيه وبيته من بعده أن يحفظوا طريق الرب" (تك 18: 19). كما قيل "روحي الذي عليك، وكلامي الذي وضعته في فمك، لا يزول من فمك، ولا من فم نسلك، ولا من فم نسل نسلك، قال الرب من الآن وإلى الأبد" (إش 59: 21). هذا هو التسليم أو التقليد الحي الذي تلتزم به كنيسة المسيح، وكل أسرة، كما كل مؤمن حقيقيٍ.
يتطلع رئيس الأساقفة القديس يوحنا الذهبي الفم إلى دور الآباء في تربية أطفالهم أنه عمل مقدس، يمارسه الآباء ليقدموا لله ذبائح شكر موضع سروره وبهجته. يؤكد أنه لا يطلب أن يمارس كل طفلٍ الحياة الرهبانية أو أن يُعد لها، إنما يعلم الآباء أبناءهم أن "يكونوا وقورين من شبابهم المبكر.
* هذا الالتزام يخص الآباء كما الأمهات أيضًا. يوجد آباء يضحون بكل شيء لكي يؤَّمنون لأطفالهم معلمين للتمتع بالملذات ويجعلون منهم ورثة أغنياء. أما أن يصير الأولاد مسيحيين ويمارسون التقوى، فلا يبالون كثيرًا بهذا. يا للعمى الذي يُحسب جريمة! إنه إهمال سخيف مسئول عن الارتباك الذي يجعل المجتمع في مرارةٍ. لنفترض أنك تُعد لهم ممتلكات عظيمة. فإنهم إن كانوا يجهلون كيف يسلكون في حياتهم، فحتمًا لن تدوم هذه الممتلكات معهم. إنها ستتبدد، وتهلك مع أصحابها، ويصير ميراثًا غاية في الخطورة!

القديس يوحنا الذهبي الفم
يرى القديس أغسطينوس والأب أنثيموس الأورشليمي رجال العهد القديم هم الجيل الأول، ورجال العهد الجديد الذين تسلموا من آبائهم النبوات هم الجيل الآخر.


فَيَجْعَلُونَ عَلَى اللّهِ اعْتِمَادَهُم،
وَلاَ يَنْسُونَ أَعْمَالَ اللهِ،
بَلْ يَحْفَظُونَ وَصَايَاهُ [7].
إنه ليس تسليمًا شكليًا، ولا يصدر عن تعصبٍ، وإنما غايته أن يمتلئ الجيل الجديد بروح الرجاء في الرب، ويثقون فيه، ولا ينسون معاملاته مع آبائهم، ويحفظون وصاياه. بهذا يصير الإيمان خبرة عملية مع الله تعيشها الأجيال لحساب مجد الله، وانتشار ملكوته.



وَلاَ يَكُونُونَ مِثْلَ آبَائِهِمْ جِيلًا زَائِغًا وَمَارِدًا،
جِيلًا لَمْ يُثَبِّتْ قَلْبَهُ،
وَلَمْ تَكُنْ رُوحُهُ أَمِينَةً لله [8].
يشتاق المرتل أن يرى في العهد الجديد أولئك الذين يدركون ما وراء النبوات والأمثال والألغاز، فيتمتعون بما لم يتمتع به جيل العهد القديم، وذلك بعمل السيد المسيح الخلاصي، وعمل الروح القدس وقيادته لهم.
غاية الشهادة هي الرجاء في الرب بكل القلب في أمانةٍ وطاعةٍ دون عصيان أو تذمر، متذكرين أعمال الله، وحافظين وصاياه. بهذا لا يفعلون ما فعله الشعب في البرية حيث ارتكبوا أربع خطايا رئيسية:
* كان جيلًا زائغًا، أي مرتدًا عن الإيمان (حيث عبدوا العجل الذهبي)، انحرفوا عن إيمان أبيهم إبراهيم الذي دخل مع الله في عهدٍ.
* كان جيلًا مَارِدًا، أي متذمرًا.
* لم يثبت قلبه، إذ يحمل روح الخيانة، ففكروا في قتل موسى وهرون، لذا عجز عن أن يطلب الله.
* لم تكن روحه أمينة لله، إذ كانوا يسلكون برياءٍ، فكانوا كمن هم في مهب الريح أو من تقصفه العواصف، وتحركه الأمواج بلا هدف.
يرى القديس جيروم أن الجيل الذي خرج من مصر حمل أربع سمات وهي: ضياع الهدف، والتجديف على الخالق، والمقاومة أو التمرد، ثم رفض عمل الله، إذ لم يتقبل عمل روح الله فيه.
* لماذا يقول النبي "زائغًا"؟ لأن ذاك الجيل صار قوسًا يصوب هدفًا باطلًا، لأن القوس لا يُصوب قط ضد من يضرب السهم، بل ضد الأعداء. فمع أن هذا الجيل قد خلقه الله صالحًا، وأمسك به في يده كقوسٍ يضرب أسهمه، لكنه أُسيء توجيهه مثل قوسٍ غادرٍ (مز 57:78)، إذ يجدف على خالقه.
"جيل لم يثبت قلبه"، فإلى هذا اليوم إسرائيل مقاوم.
"لم تكن روحه أمينة لله"، لأن إسرائيل لم يقبل هذا الابن؛ إسرائيل لم يقبل الروح القدس .

القديس جيروم
يرى القديس إكليمنضس السكندري أن الله يعامل مثل هؤلاء بنوعٍ من الحزم، لكي يتوبوا. [إنه يعرف أنهم يتوبون خلال الخوف بعدما أهملوا حبه. كقاعدة عامة يهمل البشر الصلاح أي اللطف، ويخدمونه عن خوف متى حفظ (الصلاح) نداء العدالة.]
* الرب غير مقتنع بالإيمان الداخلي وحده، إنما يسألنا الاعتراف الظاهر، حاثًا إيَّانا علي الثقة والحب العظيم. ولما كان هذا نافعًا للجميع قال: "كل من اعترف بي..."
* من يؤمن يحتمل الكثير، فإن إيمان الإنسان يظهر خلال أعماله. لهذا بحق يُقال أن الإيمان ليس أمرًا مجردًا، وإنما يعلن خلال أعمالكم وثباتكم وغيرتكم .
* مادامت عطيّة الله تفوق الإدراك تمامًا فمن المنطق أننا نحتاج إلى الإيمان...
عدم الإيمان هوّة سحيقة، أمّا الإيمان فحصن حصين... إننا نستضيف برقةٍ أم كل البركات، وهو الإيمان، لكي نكون كمن هم يسيرون في ميناء هادئ مستقر تمامًا، محافظين على إيماننا الأرثوذكسي، فنقود سفينتنا باستقامة، ونحظى بالبركات بالنعمة ومحبة البشر التي لربنا يسوع المسيح .
* الإيمان سراج، وكما ينير السراج البيت هكذا ينير الإيمان النفس.. الإيمان هو نور النفس، طريق الحياة، أساس الخلاص الأبدي .
القديس يوحنا الذهبي الفم

* أن تؤمن بالله هو هذا: الإيمان بالالتصاق بالله العامل بالصالحات حتى نعمل حسنًا.

القديس أغسطينوس
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
مزمور 119 | كلمة الرب تناسب كل الأجيال
مزمور 119 | كلمة الرب تناسب كل الأجيال
مزمور 116| الانطلاق إلى أرض الأحياء
مزمور 90 | حاجة الأجيال إلى الله كملجأ
مزمور 27 - ما هي أرض الأحياء؟


الساعة الآن 05:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024