|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الصليب والناموس و وضع المسيحي مقدمة عن الناموس قبل الكلام عن تحرر المؤمن من الناموس بموته للناموس مع المسيح، نُعطي أولاً بعض الملاحظات الهامة عن هذا الناموس. لم يكن فكر الله الأصلي أن يتعامل مع الإنسان بالناموس، بل كما يقول الرسول «لماذا الناموس؟ قد زيد بسبب التعديات» أي ليجعل الخطية تعدياً (غل3: 19). ولهذا كان دخول الناموس تالياً لعصر الآباء الذي فيه أعطى الله المواعيد لهم على مبدأ النعمة، وذلك بعد 430 سنة. وقد حل بين الوعد المُعطى لابراهيم (تك12) بميراث الأرض وإعطاء الناموس لاسرائيل بواسطة موسى على جبل سيناء (خر19-24). الناموس صالح إذا استعمله الإنسان ناموسياً لأنه لم يُعط للأبرار بل للأثمة والمتمردين (1تي1: 8،9). كان الناموس بمثابة مؤدِّب للذين تحته، إلى أن يجيء المسيح. كما كان الذين تحته قاصرين (غل3: 24؛ 4: 2). الذين تحت الناموس كانوا تحت العبودية، ولم يكن ممكناً أن يتحرروا منه إلا بموتهم مع المسيح له (غل4: 24،25). الذين تحت الناموس لا يمكن أن يُثمروا لله (رو7: 4،5) ولا أن يسجدوا للآب بالروح والحق. لم يُعطَ الناموس لكي يجعل الناس خطاة، حاشا، فهم خطاة لأنهم أولاد آدم، ولا ليجعلهم يخطئوا لأن الإنسان إذا جُرِّب لا يُجرَّب من الله، لأن الله غير مجرَّب بالشرور وهو لا يجرِّب أحداً (يع1: 13). الغرض من إعطاء الناموس هو إقناع الإنسان بأنه خاطئ ومتعدٍ وعاجز، وهذا يقوده إلى المسيح والإيمان به. إن تأثير الناموس على الفرد إنما يوضح أن الخطية خاطئة جداً بالوصية (رو7: 13). لا يمكن للناموس أن يبارك، بل أن يلعن، فجميع الذي هم من أعمال الناموس هم تحت لعنة (غل3: 10). ليس في مقدور الناموس أن يعطي الحياة. وكما نقرأ «لأنه لو أُعطى ناموس قادر أن يُحيي لكان بالحقيقة البر بالناموس» (غل3: 21). ولذلك سُمي الناموس خدمة موت (2كو3: 7) وسُمي أيضاً خدمة دينونة (2كو3: 9). لا يمكن أن الناموس يبرِّر «لأنه بأعمال الناموس لا يتبرر جسد ما» (غل2: 16،21). لماذا حرر الله المؤمن من الناموس ووضعه تحت النعمة؟ من الملاحظات السابقة نرى عدم قدرة الناموس على تحقيق مقاصد الله من نحو الإنسان، وذلك بسبب عجز الإنسان تجاه مطاليب الناموس، فقصْد الله هو أن يبارك المؤمن ويعيّنه للتبني، وأن يبرره ويجعله وارثاً ومُثمراً ومرضياً عليه. لذلك فقد تعامل معه بالنعمة ووضعه تحتها. كيف حرر الله المؤمن من الناموس؟ بهذا السؤال نحن نقترب من صُلب الموضوع الذي نتحدث فيه. والأصحاح السابع من رسالة رومية فيه الإجابة على هذا السؤال، فيُستهَل الأصحاح بالقول «أم تجهلون أيها الإخوة، لأني أكلم العارفين بالناموس، أن الناموس يسود على الإنسان مادام حياً. فإن المرأة التي تحت رجل هى مرتبطة بالناموس بالرجل الحي. ولكن إن مات الرجل فقد تحررت من ناموس الرجل» (ع1،2). فلكي يوضِّح الرسول تحرُرنا من الناموس بموت المسيح وموتنا نحن مع المسيح للناموس، يرسم صورة من الحياة العائلية من العلاقة بين الزوج والزوجة. فلا يمكن أن يكون للزوجة زوجان في وقت واحد. والرسول يتكلم عن موقف الزوجة لا موقف الرجل لأنه يريد إبراز مسئوليتها في إتمام مشيئة الله في طاعة رجلها. فيجب على المرأة أن تخضع لرجلها طالما كان حياً، لكن عندما يموت رجلها، ففي هذه الحالة تصبح حرة من ناموس الرجل، لأن الموت فك رباط الزوجية. وهكذا يطبق الرسول كلا الأمرين؛ أعني الموت والزواج بالنسبة للمسيحي، فهو قد مات للناموس ليتزوج بالمسيح.. ويا له من زوج هني! ويواصل الرسول القول «إذاً يا إخوتي أنتم أيضاً قد مُتم للناموس بجسد المسيح لكي تصيروا لآخر للذي قد أُقيم من الأموات لنُثمر لله» (ع4). ويواصل الرسول كلامه فيقول «وأما الآن فقد تحررنا من الناموس إذ مات (أو مُتنا للذي كنا مُمسَكين فيه - أي الناموس) فالناموس لم يَمُت ولكنه باق حياً ويسود على الإنسان الحي في الجسد. ونفس الحق يفصله الرسول في رسالة غلاطية فيقول «لأني مُت بالناموس للناموس لأحيا لله، مع المسيح صُلبت» (غل2: 19،20) فأنا مُتّ بالناموس لأني لم أحفظه، فحُكِم عليَّ بالموت، وقد نُفِّذ حكم الناموس في المسيح وأنا مُتّ مع المسيح الذي كان نائباً عني على الصليب، وبموتى مع المسيح، قد تحررت من الناموس». رسالة غلاطية والناموس ووضع المؤمن بالنسبة له إن كانت رسالة رومية تركِّز على الخطايا والخطية، والإنسان العتيق والناموس، فرسالة غلاطية تركِّز على الناموس وعلى العالم وأركانه وعلاقتهما بالناموس. المؤمن تحت الناموس قاصر ولا يفرق شيئاً عن العبد (غل4: 1). بمعنى أن مؤمني العهد القديم كانوا ورثة لأنهم مولودون من الله، لكن لأنهم تحت الناموس كانوا قاصرين، لأنه لم يكن لهم روح التبني، بل روح العبودية. لكن عندما تحرروا من الناموس بموتهم للناموس وإتمام عمل الفداء ونزول الروح القدس، أصبحوا أبناء مُدركين ونالوا روح التبني (غل4: 5). المؤمن قد افتُدي من لعنة الناموس بتحرره من الناموس. لأن جميع الذين هم من أعمال الناموس هم تحت لعنة، لكن المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا لأنه مكتوب «ملعون كل من عُلِّق على خشبة» (غل3: 13). المؤمن تحت الناموس كان مُستعبَداً لأركان العالم إن كل فرائض الناموس وطقوسه كانت مناسِبة للإنسان في الجسد، أو الإنسان في العالم، لأنها كانت أشياء منظورة ملموسة: هيكل فخم، مذبح ... الخ. لكن بعد أن تحرر المؤمن من الناموس، تحرر من هذه الأركان الضعيفة الفقيرة وأصبح يسجد للآب بالروح والحق. المؤمن الأممي الذي يرجع إلى طقوس الناموس بأركانه الضعيفة، كأنه يرجع إلى الأوثان. فنقرأ «لكن حينئذ إذ كنتم لا تعرفون الله، استُعبِدتم للذين ليسوا بالطبيعة آلهة. وأما الآن إذ عرفتم الله، بل بالحري عُرفتم من الله، فكيف ترجعون أيضاً إلى الأركان الضعيفة الفقيرة التي تريدون أن تُستعبدوا لها من جديد» (غل4: 8،9). هل الأمم الذين يخاطبهم الرسول، رجعوا إلى الوثنية؟ هل المعلِّمون اليهود الكذبة، قالوا لهم ارجعوا إلى الوثنية؟ بكل تأكيد لا، إنما قالوا لهم: ارجعوا إلى الناموس وإلى الطقوس، احفظوا أياماً وشهوراً وأوقاتاً وسنين، فأصبحت تلك الطقوس والفرائض التي تحرر منها المؤمن الآن بموته مع المسيح، أصبحت هذه الأركان الضعيفة الفقيرة مثل العبادة الوثنية تماماً. ومَنْ كان يجرؤ أن يقول مثل هذا القول لولا أن الروح القدس كتبه لنا. فالذي يرجع إلى الأركان الضعيفة الفقيرة التي في الناموس ليُستعبد لها، فهو في نظر الله تماماً مثل الذي يُستعبَد للأوثان من جديد. ليُعطنا الرب فهماً لهذه الأمور، ووعياً وإدراكاً لنحيا في الحرية المسيحية بكل معنى الكلمة. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
النعمة هي الأصل، والناموس زيادة |
الضمير والناموس |
حقيقية الصلة بين المسيحي والناموس |
لا للبعوض والناموس بعد الآن |
النعمة والناموس |