فقالَ له يسوع: ((اِذهَبْ! إِيمانُكَ خلَّصَكَ)). فأَبصَرَ مِن وَقتِه وتَبِعَه في الطَّريق.
"فأَبصَرَ" فتشير إلى أنه أبصر من يريد أن يرى ألا وهو وجه المسيح الذي شفاه. وقف الأعمى أمام النور، فامتلأت عيناه نوراً، وقف أمام ابن الله، فأمتلأ كيانه نعمة وبراً.فكان له من يسوع ما أراد، رحمةً وبَصراً. فالله هو الذي يعطي البصر (خروج 4: 11)، وهو الذي يفتح عيون العميان (مزمور 146: 8)، وفي هذا الصدد يقول النبي أشعيا أنّه في أزمنة الخلاص وفي الأزمنة المسيحانيّة، "تُبصِرُ عُيونُ العُمْيانِ بَعدَ الدَّيجورِ والظَّلام " (أشعيا 29: 18)، "حينَئِذ تتَفتَحُ عُيوِنُ العُمْيان وآذانُ الصُّمِّ تَتَفَتَّح" (أشعيا 35: 5). بعد خطيئة الإنسان الأول لم يعد يستطيع الإنسان رؤية الله والتعرف عليه أو تحمّل حضوره (التكوين 3: 5-6) بعكس ما حدث اليوم في شفاء الأعمى اخذ يبصر من يريد أن يرى ألا وهو وجه الشخص الذي شفاه بصورة واضحة واتبعه بكل فرح دون أن يختبا منه كما فعل الإنسان الأول مع الله تعالى. وفي أسفل الصليب نجد شخصاً آخراً قادراً على الرؤية مثل اعمى أريحا، إنه قائد المئة الذي رأى يسوع (مرقس ١٥: ٣٨)، فأدرك أن هذا الرجل هو ابن الله (مرقس 15: 38). وهذا الأمر يذكرنا بأهم أطروحات أفلاطون، التي تنطوي على البصر كأساس للمعرفة. أن شفاء برطيماوس هو آخر شفاء ليسوع في إنجيل مرقس وذلك ليربط تعليم يسوع السابق عن معاناة وموت ابن الإنسان بنشاط ابن داود في اورشليم.